يُعَدّ ملف الإيرادات النفطية والإنفاق المالي وتوزيع الثروة توزيعًا عادلًا بين كل الليبيين، من أكبر الملفات العالقة في ليبيا التي تمثّل خطرا كبيرا على تطور الأوضاع في البلاد، إذ قد تُسهم في تأجيج الصراع بين الأطراف المحلية والإقليمية.
وتستخدم بعض الأطراف الليبية ملف النفط والغاز ورقة ضغط على خصومها، من خلال التلويح بإغلاق الحقول والمواني النفطية وإيقاف تدفق النفط، بسبب اتهامات موجهة إلى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بالفساد المالي والعبث بإيرادات النفط.
فبعد تكليفه من مجلس النواب برئاسة الحكومة خلفا لرئيسها الموقوف فتحي باشاغا في منتصف مايو الماضي، أكد أسامة حمّاد في 24 يونيو الماضي، استكمال حكومته إجراءات الحجز الإداري على الأموال المتعلقة بالباب الثالث في الميزانية “باب التنمية”، دون المساس بالمرتبات التي تُصرَف من الباب الأول في الموازنة العامة.
وأشار حمّاد في بيانه، إلى أن الحكومة “ستتخذ الإجراءات القانونية باللجوء للقضاء الليبي، لتعيين حارس قضائي على الأموال المحجوزة، وإذا استدعى الأمر، فإنها سترفع الراية الحمراء، وتمنع تدفق النفط والغاز، وتوقف تصديرهما باللجوء للقضاء، وإصدار أمر بإعلان القوة القاهرة”.
ورغم اتهام حماد للمؤسسة الوطنية للنفط بتمكين حكومة الوحدة الوطنية أخيرا من الاستحواذ على ما قيمته 16 مليار دولار أهدرتها بالمخالفة للقانون واللوائح المعمول بها في ليبيا، إلا أن رئيس المؤسسة فرحات بن قدارة التقى أسامة حماد في بنغازي، لبحث ملف الإيرادات والعوائد النفطية وإنتاج وتصدير النفط.
وقبل هذا اللقاء، شكّل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لجنة تتولى وضع تصور لإعادة هيكلية الميزانية العامة، برئاسة بن قدارة، في ظل الدعوات الدولية لتبني آلية الشفافية لتوزيع عائدات النفط ومخصصاتها بشكل عادل، حيث تتكفل اللجنة بتقسيم مخصصات باب المرتبات والنفقات التسييرية بالميزانية، إلى نسبتين مئويتين تُستقطعان مباشرة من إيرادات النفط، إحداهما تُودَع بمركزي طرابلس، والأخرى بمركزي بنغازي.
وردا على هذه التهديدات، دعا المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، إلى وضع آلية شاملة لإدارة ملف الإيرادات النفطية في البلاد، وتوزيع العوائد النفطية بكل شفافية، مطالبا كل القادة الليبيين بوضع آلية شاملة للتحكم في الإيرادات، كطريقة بناءة لمعالجة التظلمات حول توزيع عائدات النفط ولإرساء الشفافية دون المخاطرة بسلامة اقتصاد ليبيا أو الطبيعة غير السياسية للمؤسسة الوطنية للنفط.
وشدد نورلاند في تغريدة نشرتها السفارة الأمريكية لدى ليبيا على تويتر أمس الجمعة، على دعوة الولايات المتحدة للفاعلين السياسيين الليبيين إلى الابتعاد عن التهديد بإغلاق النفط، محذرا من أن إغلاق النفط سيكون له تداعيات مدمرة على الاقتصاد الليبي وسيضر بكل الليبيين، على حد قوله.
وعقب ذلك، عَدَّ أسامة حماد، تصريحات المبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند، “تدخلا سافرا في شؤون ليبيا الداخلية”، داعيا إياه إلى احترام سيادة القضاء الليبي وعدم التدخل بالانحياز لأي طرف كان، مشيرا إلى أن تصريحاته مبنية على دعم طرف واحد مستفيد من إهدار أموال الشعب.
وطالب حمّاد، نورلاند بعدم تغليب المصالح الخارجية على مصالح وحقوق الشعب الليبي، وعدم إلقاء التصريحات الإعلامية دون معرفة ودراية لحقيقة الأمر، موضحا أن تلويح حكومته بالراية الحمراء لإيقاف تدفق إيرادات العائدات النفطية قُصد به الحفاظ على أموال الدولة وكفّ أيدي العابثين، حسب تعبيره.
من جانب آخر، استنكر رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب عيسى العريبي، تصريح المبعوث الأمريكي لدى ليبيا، معتبرا إياه تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للدولة الليبية، مؤكدا على التوزيع العادل للثروة بين كل الليبيين.
وقال العريبي في بيانه اليوم السبت، إن ” ما يهمّ نورلاند هو تدفق النفط والغاز، ولا ينظر إلى معاناة أهل برقة وفزان وبعض مناطق طرابلس، ولا ينظر إلى فساد الحكومة منتهية الولاية، وشأن إغلاق النفط شأن ليبي، ونرفض التدخل فيه”، وفق نص البيان.