دخل علي الحبري نائب محافظ المركزي في أتون الصراع في ليبيا بعد أزمة الشرعية السياسية منذ عام 2014، وأصبح في مواجهة ومناكفة مع محافظ المركزي بطرابلس الصديق الكبير، واستقلّ بإدارة المصرف في المنطقة الشرقية.
بداية القصة
طبع علي الحبري عندما تولى مهام محافظ المركزي ببنغازي من الدنانير ما يوازي نحو 3 مليارات دولار، لدى شركة روسية في 2016، بعد الانقسام الذي حصل في ليبيا وقتذاك، وأثارت الخطوة حينها جدلا داخليا على الرغم من تبريرها بأنها سعي لحل أزمة السيولة النقدية في المصارف التجارية وتسديد مرتبات موظفي الدولة بالمنطقة الشرقية.
الولايات المتحدة الأمريكية ودول عدة اعتبرت أن طباعة العملة في روسيا قد يقوّض الثقة الممنوحة لمصرف ليبيا المركزي طرابلس على إدارة السياسة النقدية لليبيا.
الدين العام
وخلال فترة الانقسام ذاتها من 2014 إلى 2020، تجاوز الدين العام لليبيا الـ150 مليار دينار، موزعة بين 84 مليارا على مالية حكومة الوفاق بطرابلس، و69 مليارا على مالية الحكومة المؤقتة في الشرق، بحسب تقرير مركزي بنغازي الذي يترأسه الحبري.
الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني استخدمت 69 مليارا التي زوّدها بها مركزي الحبري في دفع رواتب موظفي الحكومة عبر البنوك التجارية في المنطقة الشرقية، والمركزي جلب هذه الأموال بطباعة جزء منها في روسيا لسدّ العجز في السيولة لديه.
ولتغطية فاتورة المرتبات وتمويل “القيادة العامة”، جمعت حكومة الثني 32 مليار دينار (23 مليار دولار) منذ 2014، عبر بيع سندات، متجاوزة في ذلك حكومة الوفاق في طرابلس. بحسب تقرير لوكالة رويترز.
مناكفة جديدة
مصرف ليبيا المركزي طرابلس حذر قبل أيام قليلة المواطنين، بعد ضبطه فئة 50 دينارا مزورة تحمل توقيع نائب المحافظ علي الحبري، وأوضح أنها تختلف عن فئة 50 التي عليها توقيع الحبري الأصلي المطبوعة في روسيا، مؤكدا إحالة بلاغ بالخصوص إلى النائب العام
الحبري اتهم الكبير بتهييج الرأي العام ضد العملة المطبوعة في روسيا عبر نشر تنويه حول وجود تزوير في فئة 50 دينار، مبينا أن اكتشاف حالة التزوير يثبت أن مواصفات العملة المطبوعة في روسيا ذات جودة فنية ومواصفات أمنية عالية جداً ويصعب تزويرها.
نهاية الحبري
لم يدرك الحبري أنه اقترب من النهاية، فبعد تكليفه برئاسة لجنة متابعة مشروع إعمار بنغازي ودرنة والتي خصص لها ما يوازي 2 مليار دولار، تفاجأ الجميع بتصويت مجلس النواب في جلسة أمس الثلاثاء على إقالة الحبري من كل مناصبه التي يتقلدها وإحالته إلى النائب العام، على خلفية شبهات فساد. وفق تصريح عبدالله بليحق الناطق باسم مجلس النواب لفواصل.
ومن بين الأسباب التي أودت بالحبري، ما ذكرته اللجنة البرلمانية المشكلة لمتابعة أعمال لجنة إعادة الاستقرار إلى بنغازي ودرنة، وهو رفضه الإنفاق على المنطقتين الجنوبية والغربية، على الرغم من صرفه قرابة 2 مليار دولار للجنة إعادة الاستقرار إلى بنغازي ودرنة التي شابها الفساد.
نفي التصويت
على الرغم من تأكيد صحة الإجراء المتخذ بحق الحبري إلا أن مجموعة من النواب شككوا في ذلك، فقد أكد النائبان مفتاح كويدير وعبدالمنعم العرفي أنهم اطّلعوا خلال جلسة مجلس النواب أمس الثلاثاء، على تقرير اللجنة البرلمانية بشأن الحبري، وأنه لم يناقش ولم يصوت عليه، مشددين على أن إقالة الحبري أو الإبقاء عليه في منصبه سيكون في الجلسة المقبلة. بحسب تصريحهما لفواصل.
دفاع
بعد إقالة الحبري من منصبه، الإدارات التنفيذية بفرع المصرف المركزي بنغازي استغربت المساس بالسلطة النقدية “المستقلة” بطرق تنافي مبدأ الاستقلالية القانونية المحصنة بصحيح القانون، واصفة قرار الإقالة بالتصرف غير المدروس، معلنين تعليقهم العمل بالمصرف لحين صدور ما يفيد إنهاء الجدل في السلطة التشريعية.
حقيقة أم تآمر؟
السؤال الذي يطرح نفسه.. هل جاءت إقالة الحبري لأسباب حقيقية اكتشفها مجلس النواب بعد أكثر من 8 سنوات من العلاقة بين الحبري وعقيلة وحفتر، أم هي صفقة خفية على غرار ما حدث لمصطفى صنع الله الرئيس السابق لمؤسسة النفط؟ أم تصفية حسابات لدول عظمى استهان الحبري بمعارضتها وطبع العملة في روسيا بعيدا عن السياسة المتبعة والمعروفة دوليا؟