تأتي دعوة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لرئيس الحكومة المكلفة من المجلس فتحي باشاغا، ولمسؤولي مصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية، وسط تأزم في المشهد السياسي.
مسارات متعثرة
قد يكون عدم تمكن باشاغا من تسلم مهامه بطرابلس هو أهم البواعث لاجتماع سرت، يلي ذلك انتهاء المدة المحددة لخارطة طريق جنيف التي أتت بحكومة الدبيبة، ولعل عدم رغبة رئيس مجلس النواب في مواصلة مسار التعديل الدستوري، وتفويته جلسة للنواب لمناقشة مخرجات مشاورات القاهرة المعنية بإيجاد قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات، هو دافع آخر لاجتماع سرت.
عدم استجابة
لم تلق دعوة صالح استجابة معلنةً حتى الآن لحضور اجتماع سرت، عدا رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا الذي أبدى رغبته في المشاركة، وأما رؤساء المناصب المالية والرقابية فقد شكك عديد المراقبين في استجابتهم، بل كانت الدعوة محل استغراب، فلم يسبق لرئيس مجلس النواب أن دعا إلى مثلها منذ انتخابه وتوليه منصب رئيس المجلس، وقد يكون من الأغرب استجابتهم في مثل هذا الوضع وهذا الحال.
الكبير وشكشك والشنطي
محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير لم يسبق له أن جلس مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فقد تزامن انقسام مؤسسات الدولة مع قدوم صالح لمجلس النواب، وقد سعى الأخير جاهدا إلى تغيير محافظ المركزي حتى بعد توقيع الاتفاق السياسي الذي نص على التوافق بين المجلسين في اختيار شاغلي المناصب السيادية ومنها محافظ المركزي، وكان ذلك من حسن حظ الصديق الكبير الذي يشغل هذا المنصب منذ 2012، ولم يتسن لهما اللقاء من قبل، فهل يلتقيان الآن؟
أما رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، فقد يكون حاله مشابه لحال محافظ المركزي، إلا أن العداء بينه وبين عقيلة أقل وأخف حدة، ولكن لم يسبق له أيضا الاجتماع أو الجلوس مع رئيس مجلس النواب لذات الأسباب التي حدثت بعد الانقسام، ومن غير الممكن مشاركته في اجتماع سرت لتزامن ذلك مع مهمة رسمية خارج البلاد، كان معدا لها مسبقا قبل دعوة صالح له، حسبما أكدت مصادر مطلعة لمنصة فواصل.
رئيس هيئة الرقابة الإدارية سليمان الشنطي الذي كُلف من المجلس الأعلى للدولة سنة 2018، اختلفت علاقته بعقيلة صالح عن الكبير وشكشك، فقد استمر في منصبه رغم بلوغه سن التقاعد، وذلك بقرار من رئيس مجلس النواب في يونيو 2019، ولذا فمن الصعب التكهن بعدم حضوره اجتماع سرت غدا الثلاثاء.
ماذا يريد عقيلة؟
بات واضحا أن اجتماع سرت يخفي وراءه رسائل عدة موجهة للداخل والخارج، فالمسار السياسي الذي تعافى بعد الحرب الأخيرة على طرابلس، وولدت من رحم معاناته خارطة طريق جنيف التي عبّدت الطريق أمام الفرقاء الليبيين لتجاوز أزمة الشرعية، والتحول نحو إيجاد مؤسسات سياسية جديدة، ولكن مع بداية يونيو تنتهي مدة الخارطة دون أن تصل إلى أهدافها.
ويبقى السؤال، إذا تغيب المدعوون ولم يتحقق النصاب في اجتماع سرت غدا الثلاثاء، هل يلوح عقيلة صالح بإعطاء الشرعية للمؤسسات الموازية التي بدورها ستدعم حكومة باشاغا؟ وبذلك نعود للمربع الأول؟