الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. اختلافات جوهرية وليبيا الحاضر الغائب

مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية شهدت الولايات المتحدة الأمريكية، مساء الخميس، أول مواجهة مباشرة بين رئيس حالي وآخر سابق المرشحين، بين جو بايدن ودونالد ترامب.

وتخلل المناظرة تراشقا بالاتهامات بين المرشحين، حول مواضيع داخلية وملفات خارجية على قضايا مثل الإجهاض وإدارة الاقتصاد وملف الهجرة على الحدود، بالإضافة إلى الحرب على غزة وفي أوكرانيا.
تنافس حاد
أظهر آخر استطلاع للرأي حول توجهات الناخبين بين الجمهوريين والديمقراطيين احتدام التنافس بين المرشح الجمهوري جو بايدن والديمقراطي دونالد ترامب حيث تساوى المترشحان في نوايا التصويت بـ 46 بالمئة لكل منهما، متأثرة بمواقفهما من الملفات الهامة في الداخل والخارج الأمريكي.
عداء ظاهر
يبدو أن العداء بين المرشحين، بايدن وترامب، تجاوز حدود السياسة وصولًا إلى البروتوكولات و”الأخلاق”، حيث انطلقت المناظرة، التي أقيمت في مدينة أتلانتا، بولاية جورجيا، دون مصافحة بينهما. كما سجلت الصحافة الأمريكية وصول الرئيس بايدن مرفوقا بزوجته، بينما تغيبت زوجة ترامب.
وعلى مدى حكم بايدن، لم ينفك الرئيس السابق توجيه انتقادات وصفت في عديد الأحيان باللاذعة أو الحادة له، وصلت حد السخرية والتهكم.
الاقتصاد الأمريكي
استهلت المناظرة بأسئلة تخص رؤية المرشحين للرئاسة بشأن تحسين الأوضاع الاقتصادية.
حيث كشف بايدن أن إدارته تسلمت اقتصادا على وشك الانهيار من إدارة ترامب، بنسب بطالة مرتفعة، وتولت إعادة الأمور إلى نصابها عبر خلق فرص عمل جديدة خاصة في القطاع الصناعي، متهما ترامب بأنه انتهج سياسة تركز على الأثرياء، حيث خصتهم بتخفيض على الضرائب، مشيرا إلى أن أغلبهم يدفعون فقط 8 في المئة من الضرائب. مضيفا أن فترة حكم ترامب شهدت ارتفاع العجز والدين لأعلى مستوى في تاريخ البلاد.
من جانبه، رد الرئيس السابق ترامب، أن إدارته سلمت إدارة بايدن “أعظم اقتصاد في تاريخ أمريكا رغم جائحة كورونا، مؤكدا أن التوسع في الإنفاق كان ضروريا لتلافي الكساد. مضيفا أنه خلال إدارته كانت السوق المالية في أفضل حالاتها، والوظائف التي يتغنى بها بايدن خلقها للمهاجرين وليس للأميركيين. ودافع عن سياسات بوضع رسوم جمركية سيوفر حسب رأيه المال لخفض العجز ومنح الاقتصاد الأمريكي قوة.
السياسة الخارجية
ركّز المرشحان للرئاسة الأمريكية على قضايا السياسة الخارجية وفي صدارتها الحرب في كل من غزة وأوكرانيا، حيث اتهم بايدن حماس بأنها تسعى لمواصلة حربها ضد إسرائيل، مشيرا إلى أن مقترحه للسلام حصل على دعمٍ دولي، فيما كرر الرئيس السابق ترامب موضوعًا ركز عليه في حملته الانتخابية، حيث قال إن هجوم حماس في 7 أكتوبر، لم يكن ليحدث في حال كان هو الرئيس، مشيرا إلى أن الأمر ذاته بشأن صراع روسيا مع أوكرانيا.
واتهم الرئيس بايدن، الرئيس السابق ترامب، بالسعي للانسحاب من حلف الناتو، وفي إجابته حول موقفه من اقتراح الرئيس الروسي، بشأن التسوية بوقف إطلاق النار شرط احتفاظ روسيا بالأراضي الأوكرانية التي تطالب بها، وأن تتخلى أوكرانيا في الوقت ذاته عن مطالبها بالانضمام إلى حلف الناتو، قال ترامب إن شروط بوتين “غير مقبولة”، متعهدا بإنهاء النزاع الروسي – الأوكراني قبل يوم التنصيب.
الحرب على غزة
اتهم ترامب سياسات بايدن بأنها تسببت في حدوث هجوم السابع من أكتوبر، مشيرا إلى أن إدارته السابقة جففت إيرادات لطهران، ما جعلها غير قادرة على دعم مختلف الفصائل الفلسطينية المقاومة وعلى رأسها حماس، واصفا بايدن بـ “الفلسطيني السيء”، في إشارة لتأييد الرئيس الأميركي للفلسطينيين على حساب إسرائيل، وفق تعبيره.
في حين رد بايدن أنه في عهد ترامب هاجمت إيران مئات الجنود الأميركيين وتسببت في إصاباتهم، مستشهدا على سلامة سياسته حيال الحرب بأن مجلس الأمن ومجموعة السبع وحكومة الاحتلال رئيس وافقوا على الخطة التي اقترحاها على ثلاث مراحل.
ولم يُجب ترامب على سؤال فيما إذا كان سيؤيد دولة فلسطينية مستقلة لإنهاء الحرب بين حماس وإسرائيل.
الحرب الروسية الأوكرانية
بعبارات تحمل إهانة لبايدن انتقد ترامب سياسات منافسه تجاه الحرب في أوكرانيا، وقال “لو كان هناك رئيس حقيقي يحترمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لما غزا بوتين أوكرانيا”، مضيفا أن بوتين راقب عدم الكفاءة والأداء السيئ لبايدن في أفغانستان، وقرر غزو أوكرانيا، مشددا أنه ما كان يجب أن تنفق أمريكا نحو 200 مليار دولار على هذه الحرب.
فيما اتهم بايدن، سابقه ترامب بأنه سبب ما يحصل في أوكرانيا وأن حرب بوتن كانت بتشجيع “ترامب لبوتين ليفعل كل ما يريد”. كما أكد أن بوتين أراد السيطرة على كييف في أيام قليلة ولكنه لم يتمكن من ذلك وخسر، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي يريد إعادة الإمبراطورية السوفياتية ولن يتوقف عند أوكرانيا إذا نجح في الحرب فإنه سيستمر إلى دول أخرى، على حد تعبيره.
ملف الهجرة
يحتل ملف الهجرة أحد المواضيع الرئيسية في الحملة الرئاسية الأمريكية، حيث انتقد ترامب إدارة بايدن بشأن ملف الهجرة والحدود، قائلا “الآن لدينا أسوأ حدود على الإطلاق”، معتبرا أن أمريكا كانت الأفضل تاريخيا خلال فترة حكمه، مشيرا إلى أن فتح الحدود سمح بدخول ملايين المهاجرين ممن وصفهم بـ “القادمين من السجون أو حتى المستشفيات النفسية”، رابطا ارتفاع الجريمة في أمريكا بدخول المزيد من المهاجرين.
من جانبه نفى بايدن صحة مزاعم منافسه، مشيرا إلى أن الجرائم تحدث على أيدي مرتكبين خارج منظومة المهاجرين، منتقدا في ذات الوقت سياسة الإدارة السابقة التي تسببت فيما وصفه بـ “أزمة على الحدود”،
قائلا “وجدنا أنفسنا في موقف عندما كان ترامب رئيسا، كان يفصل الأطفال عن أمهاتهم ويضعهم في أقفاص”.
تقاطع أمريكي أوروبي
تتقاطع أمريكا والاتحاد الأوروبي في مواجهة أزمة الهجرة على الرغم من اختلاف دول انطلاق التدفقات والعبور، ففي حين تمثل الحدود الأمريكية المكسيكية أكبر تحد لإدارة بايدن في معالجة الهجرة، تمثل دول شمال إفريقيا، وعلى وجه الخصوص ليبيا وتونس، ملفا مؤرقا للكتلة الأوروبية، التي فوضت روما لمعالجة هذا الملف بالتعاون مع دول العبور عبر تعزيز حماية الحدود وتمويلات لدعم خفر السواحل وإغراءات مالية أخرى، على أساس التعاون والاستفادة المتبادلة.
توجه أمريكي جديد في ليبيا
استمع مجلس الشيوخ الأمريكي خلال الأيام السابقة، إلى مرشحة الرئيس بايدن، لتولي منصب سفيرة واشنطن لدى طرابلس، جنيفر جافيتو، التي أكدت أن ليبيا خصبة بالنسبة للقوى العالمية التي تسعى إلى توسيع نفوذها وامتدادها، لافتة إلى أن الشركات الصينية حققت تقدما كبيرا في قطاعات التكنولوجيا والاتصالات والمعلومات في ليبيا، زد على ذلك التوسع الروسي الكبير، في ليبيا وإفريقيا، من خلال التحالف مع قائد القيادة العامة في بنغازي خليفة حفتر.
وحول التوسع الروسي، قالت جافيتو، إن موسكو تسعى إلى إقامة علاقات دفاعية أكثر انفتاحا ورسمية مع الجهات الليبية الفاعلة، كأداة لزعزعة الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، مؤكدة أنها ستعمل مع حكومتي الشرق والغرب لتعزيز التكامل العسكري بين البلدين، مضيفة أن اختيار ليبيا كدولة ذات أولوية بموجب قانون الهشاشة العالمية هو اعتراف بأن معاجلة عدم الاستقرار في ليبيا يتطلب استثمارا استراتيجيا طول الأجل.
وبعد غياب دام لسنوات طويلة، في ظل وضع سياسي متحرك، أوفد بايدن، جيميري برنت، إلى ليبيا، قائما بالأعمال بالسفارة الأمريكية في طرابلس، وعلى طاولته العديد من الملفات أهمها دعم العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة ومواجهة التمدد الروسي.
واشنطن تستخدم الأمم المتحدة لمصالحها
قد يسمح تولي الدبلوماسية الأمريكية، ستيفاني خوري منصب نائبة خاصة لمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، للولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة ولو نسبيا على مجريات العملية السياسة دون المرور بالتجاذبات المتعلقة بتصويت مجلس الأمن، التي من المحتمل أن تستعمل باريس أو موسكو الفيتو ضدها.
وانطلاقا من تمثيل خوري لأمريكا في المشهد الليبي، كشفت واشنطن تحركاتها الديبلوماسية خلال الأشهر الأخيرة عبر جولة مكوكية قام بها المبعوث الأمريكي الخاص ريتشارد نورلاند والقائم بأعمال السفارة جيمريمي برنت، بلقاءات عدة مع الأطراف الليبية والبعثات الديبلوماسية والأممية.
الانتخابات الأمريكية وليبيا
بناء على التباين في وجهات النظر بين مرشحي الرئاسة الأمريكية، جو بايدن ودونالد ترامب، خاصة في إدارة الحروب والعلاقات الخارجية، فمن المنتظر أن تشهد السياسة الأمريكية تجاه ليبيا تغيرا في الاستراتيجية خاصة في مواضيع العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والتوسع الروسي والصيني.
ومن المنتظر أيضا أن يتزايد التنسيق الأمريكي الأوروبي، خاصة على الصعيد الأمني والعسكري، حيث من المحتمل إعلان انطلاق عمل التشكيل العسكري الذي تسعى واشنطن والكتلة الأوروبية تشكيله لضمان مصالحهم في ليبيا.
وتشهد الساحة الليبية في الأونة الأخيرة ديناميكية سياسية ودبلوماسية للبعثات والتمثيليات، تهدف إلى الدفع بالبلاد إلى تنظيم انتخابات عامة، بناء على منجز الانتخابات البلدية التي هي على الأبواب في أكثر من 60 بلدية، والتوجه بليبيا نحو الاستقرار.

أخبار ذات صلة

مبادرة ستيفاني.. هل اصطدمت بـ”فيتو” روسي؟

تقرير أمريكي: استقرار ليبيا يعتمد على حياد المؤسسات الاقتصادية

الأسود: ربما تتفق روسيا معنا في أن مبادرة خوري غير واضحة الرؤية