يطوي مجلس النواب الليبي، اليوم الثلاثاء، عامه العاشر، في مشهد سياسي محلي يزداد تعقيدا عاما بعد آخر، في ظل غياب حلول أو توافقات تفضي إلى تجاوز الأزمة السياسية وتخرج البلاد من عنق الزجاجة، فأية أدوار للبرلمان خلال العشرية المنصرمة وماذا ينتظر منه؟
كانت انتخابات مجلس النواب هي الاستحقاق الثالث للمرحلة الانتقالية وذلك وفق مواد القانون رقم 10 لسنة 2014 الصادر عن المؤتمر الوطني العام، وقد نصّ قانون الانتخاب على أن مجلس النواب، الذي انتخب أعضاؤه عبر الاقتراع المباشر، هو السلطة التشريعية المؤقتة للدولة في المرحلة الانتقالية.
لم يكتب لهذه المؤسسة التشريعية أن تعقد أولى جلساتها كما هو متعارف عليه في العالم، فقد طعن أحد أعضائه لدى المحكمة الدستورية لتغير مكان وتاريخ عقد الجلسة الافتتاحية.
في شهر نوفمبر عام 2014 قبلت المحكمة الدستورية العليا الدعوى القضائية التي قدمها العضو المنتخب بالبرلمان الجديد عبدالرؤوف المناعي، للطعن في دستورية دعوة المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب للانعقاد لعملية التسليم والاستلام بينهما، حيث تم إعلام النواب من قبل ديوان رئيسه بأن الجلسة ستكون في طرابلس بتاريخ 8 أغسطس ليتم تغيير الموعد والمكان لتعقد الجلسة في طبرق بتاريخ 2 أغسطس، وهي إجراءات مخالفة للمادة الثانية من الإعلان الدستوري المعدل التي تنص على أن رئيس المؤتمر الوطني العام وحده يخول له الدعوة لهذه الجلسة على أن تكون إما في طرابلس وإما بنغازي.
في السادس من أكتوبر عام 2014 قبلت المحكمة العليا عدوى الطعن شكلا ومضمونا، وقضت بنزع الشرعية عن مجلس النواب المنعقد بطبرق وما انبثق عنه من قرارات ومؤسسات، وصدر الحكم عن الدائرة الدستورية في المحكمة إثر جلسة بثت على الهواء وعقدت في طرابلس في ظل إجراءات أمنية مشددة.
وجاء في الحكم غير القابل للنقض أن القانون المنظم للانتخابات البرلمانية التي تمت في يونيو 2014، والذي أعدته لجنة فبراير في المؤتمر الوطني، وهو ما يعني حل مجلس النواب الحالي، وكل ما ترتب على هذا المجلس من قرارات تشمل تشكيل الحكومة التي ترأسها آنذاك عبدالله الثني، والإعلان عن انتخابات رئاسية.
في معظم دول العالم لا تتجاوز المدة النيابية للبرمان 5 سنوات، أما في ليبيا، فعندما انتخب مجلس النواب الحالي في 4 أغسطس 2014 حددت صلاحيته وفق القانون بسنة وشهرين منذ تاريخ اعتماده، إلا أن المجلس قام بتمديد صلاحيته قبل انتهائها في 6 أكتوبر 2015.
اليوم وبعد مضي 10 سنوات على انتخابه، لا يزال البرلمان برئاسة، عقيلة صالح، والأعضاء الـ200 الذين انتخبوا أول مرة، يمارس صلاحيته دون التفكير في تجديد شرعيته.
رغم شغور ما يناهز 20 كرسيا في المؤسسة التشريعية، بين نواب وافتهم المنية وآخرون غيبوا بالقتل أو الاختطاف، آخرهم النائب، إبراهيم الدرسي، وقبله النائبة، سهام سرقيوة، وغيرهم ممن اختار الاستقالة وآخرون قاطعوا جلساته، إلا أن البرلمان لم يفكر في تعويضهم بل ظلت مقاعدهم شاغرة شاهدة على ما تعيشه هذه المؤسسة من تخبط.
على مدى عشر سنوات كان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، هو لسان حاله في القرار والمناقشات والمشاورات، مستمدا قوته من تجربته السياسية مع نظام معمر القذافي، مكتنزا بين يديه سلطة القرار كاملة.
كلما تقدمت مشاورات تشكيل حكومة موحدة بين الشرق والغرب، إلا ورفع عقيلة صالح “ورقة فيتو” ليفرض على المشهد السياسي رأيه، إما إشراك حكومة أسامة حمّاد أو الاستغناء عن حكومة عبدالحميد الدبيبة، شرطا للمرور إلى المرحلة الموالية، في تشكيل الحكومة.
يختص مجلس النواب وفق القانون بإقرار تشريعات المرحلة الانتقالية ومنح الثقة لمجلس الوزراء وسحبها، واعتماد الميزانية العامة، والرقابة على السلطة التنفيذية وكافة مؤسسات الدولة، وإقرار السياسة العامة المقدمة من الحكومة، ويباشر الاختصاصات المنصوص عليها في الإعلان الدستوري المؤقت وتعديلاته.
في الوقت الذي تمر فيه العملة الليبية بأسوء فتراتها، إذ بلغ سعر الدولار الواحد نحو 5 دينار ليبي في المصارف الرسمية ونحو 7 دينار ليبي في السوق السوداء، أظهر تقرير الإفصاح والشفافية الصادر عن وزارة المالية للفترة من 1 يناير إلى 31 ديسمبر 2023، أن رواتب مجلس النواب والجهات التابعة له بلغت مليارًا و252 مليونًا و77 ألفًا و881 دنيارًا.
قيّد بسجل الناخبين الإلكتروني 1,509,317 ناخباً منهم 603,708 من النساء في 1,625 مركزاً انتخابياً، وتمت المصادقة على ترشيح 1,713 من المرشحين منهم 152 من النساء.
وخلال يوم التصويت شارك ما يزيد على 630000 ناخب في عملية الاقتراع بنسبة وصلت إلى 41%، بالرغم من أن الأوضاع التي جرت فيها هذه العملية الانتخابية كانت صعبة بكل المقاييس.