بعد اختيار مجلس النواب مارس الماضي فتحي باشاغا رئيسا للحكومة، تجددت إشكالية السلطة التنفيذية وطفت على السطح، وأخذ شبح الانقسام يظهر من جديد.
لم تسارع عواصم الدول العربية أو الإقليمية باستثناء مصر، إلى اتخاذ موقف صريح تجاه أحد الطرفين (الدبيبة أو باشاغا)، واكتفت غالبية الدول والمنظمات الدولية بالدعوات إلى ضبط النفس وعدم اللجوء إلى السلاح خوفا من جر البلاد لمستنقع الحرب من جديد.
تبّون يعلنها صراحة
هذه المرة أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد صراحة أن الحكومة التي تتمتع بالشرعية الدولية في ليبيا هي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مؤكدا أن موقف الجزائر متوافق مع الشرعية الدولية حسب وصفه.
وأكد الرئيس الجزائري أنه لا يوجد حل للأزمة الليبية إلا بالرجوع إلى الشعب عبر الانتخابات التشريعية لاختيار مجلس تشريعي جديد هو من يُقرر الإبقاء على حكومة الدبيبة أو تغييرها.
وفي سياق متصل، قال تبون في لقاء دوري تشاوري مع الصحفيين أمس السبت، إن بلاده ما زالت في طور التفكير والمشاورة حول إمكانية عقد مؤتمر يُعنى بالقضية الليبية.
الدبيبة في الجزائر
تزامنا مع محاولة دخول رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا لطرابلس، زار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الجزائر والتقى رئيسها، ما طرح حينها عدة تساؤلات حيال الدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في اقتراح لحل أزمة السلطة التنفيذية.
الدبيبة أشار في مؤتمر صحفي عقب لقائه الرئيس الجزائري أنه قدم تصور حكومته لإنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا، وبحث الدور الذي يمكن للجزائر أن تلعبه في دعم الانتخابات في ليبيا، وتحدث الدبيبة عن إمكانية عقد مؤتمر على مستوى وزراء خارجية الدول المنخرطة في الشأن الليبي لدعم إجراء الانتخابات.
لماذا الجزائر؟
بالنظر إلى دول جوار ليبيا، برزت مصر كونها أهم دولة مؤثرة في الشأن الليبي، ولعبت أدوارا مختلفة في كل المراحل التي مرت بها ليبيا، كان آخرها استضافة لجنتي النواب والأعلى للدولة للتوافق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات برعاية المستشارة الأممية ستيفاني وليامز.
وفي التطور الأخير في المشهد الليبي، تعد مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت بشكل صريح تأييدها لتكليف مجلس النواب الليبي لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا.
وبالرجوع إلى الموقف الجزائري حيال ما يحدث في ليبيا، فقد صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في وقت سابق أن بلاده تعد طرابلس “خطا أحمر”، مؤكدا أن بلاده “مستعدة للتدخل” لمنع سقوط العاصمة طرابلس إبان الحرب في 4 أبريل 2019، في مقابلة لتصريحات الرئيس المصري التي اعتبر فيها أن سرت “خطا أحمر” أيضا بالنسبة لمصر.
بعد تجلي الموقف الجزائري من الأزمة الحالية في ليبيا، وانحيازها لصالح حكومة الوحدة الوطنية.. كيف سينعكس ذلك على المشهد؟ وهل سيسهم هذا التطور في زيادة حدة الاستقطاب الإقليمي بشأن ليبيا؟