الدرسي حي ..من وراء اختطافه وما هو مصيره ؟

بعد يوم واحد من نشر تقرير الجنائية الدولية بمجلس الأمن بشأن ليبيا وإثارة قضيتي سهام سرقيوة والمهدي البرغثي، والمطالبة الأممية بتطبيق سيادة القانون وتتبع الجناة، تعيش ليبيا مجددا حادثة اختطاف شخصية عامة لتطال للمرة الثانية عضو مجلس نواب النواب إبراهيم الدرسي الذي مر على اختفاءه سبعة أيام دون أن تعلن الجهات الأمنية والاستخباراتية لحد الساعة عن أي معلومات لإفادة الرأي العام بما حدث وكشف ملابسات الجريمة، فمن اختطف الدرسي ولأي أسباب وما هو مصيره ؟

بالعودة إلى التصريحات والبيانات الصادرة محليا ودوليا وتتبع القرائن الأمنية فإننا نلاحظ استبعاد فرضية موت الدرسي وترجيح بقائه على قيد الحياة بعد اختطافه، حيث تصب جميع ردود الفعل في خانة المطالبة بإطلاق سراحه والإفراج عنه وضمان سلامته، فقد طلب قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر من كبار المسؤولين الأمنيين في بنغازي تكثيف الجهود للوصول إلى المتورطين في خطف عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي والتأكد من سلامته وإرجاعه إلى أهله.

 

مجلس النواب أصدر بدوره بيانا طالب من خلاله الأجهزة الأمنية بالحكومة المكلفة اتخاذ الإجراءات اللازمة للوصول إلى الدرسي في أسرع وقت، كذلك حثت بعثة الاتحاد الأوروبي بليبيا، السلطات المختصة على سرعة التحقيق في ملابسات هذا الاختفاء وضمان الإفراج الفوري عن إبراهيم الدرسي

فهل كانت هذه الأطراف مطلعة على معطيات لم تكشف بعد للرأي العام بما يجعلها متأكدة من أن الدرسي حي؟

 

إجراءات متبعة

الإجراءات الأمنية المتبعة في مثل هذه الجرائم تفيد بأنه طالما لم يتم العثور على جثة المفقود فإنه يعد من الأحياء لذلك تنصب جهود الوحدات الأمنية في البحث عن مكانه للوصول إليه وإطلاق سراحه وهو ما يستوجب البحث والتحري حول الجهة أو الأطراف التي قد تكون ضالعة في الجريمة وتتبعها للوصول إلى المكان الذي تبقي فيه النائب محتجزا، ورغم أن المعطيات شحيحة حول ما توصلت إليه عمليات التحري إلا أن بعض الاستنتاجات قد لا يحتاج الوصول إليها وقتا طويلا.

 

العرض العسكري

وما يضفي على الواقعة غموضا كبيرا، تزامنها مع ليلة الاحتفال بالذكرى العاشرة “لعملية الكرامة” وتنظيم العرض العسكري الذي شهدته بنغازي، فالمدينة قد عرفت ليلتها إجراءات أمنية مشددة وحالة التأهب الأمني لأي طارئ كانت على أشدها، فمن يجرؤ على القيام بهذه العملية في هذا التوقيت بالذات، ما يرجح أن الجهة التي نفذت محترفة، خططت للعملية ونفذت بعد إطلاع دقيق على إجراءات تأمين المدينة وكانت واثقة في قدرتها على الإفلات من التتبع الأمني.

وبالعودة إلى ما رشح من معلومات أمنية حول القضية فإن هذا الاحتمال يكون الأقرب إلى الواقع، إبراهيم الدرسي كان قد حضر الاحتفالات التي جرت في بنغازي وكان بخير وفي تواصل مع زملائه النواب إلى حدود الساعة الثامنة مساء، ومن ثم لم يعد يجيب عن المكالمات الواردة عليه لتغلق عقب ذلك هواتفه ويفقد الاتصال به نهائيا، بما يفيد أن عملية الاختطاف قد تمت في حدود الساعة الثامنة مساء.

 

وحسب المعلومات الأمنية ذاتها، فإن سيارة الدرسي وجدت في الاتجاه المعاكس لمنزله شرق مدينة بنغازي بمفترق سيدي فرج في منطقة شبه زراعية، وقد غطيت كراسيها بمسحوق “الفلفل الأصفر” لتظليل الكلاب البوليسية وثنيهم عن ملاحقة الجناة، كما وجدت بقع من الدم على الكراسي والأبواب وأيضا الجاكيت وبعض المقتنيات الشخصية، ما يوحي بأن الدافع ليس السرقة وما يزيد من غرابة الجريمة أن هذه المنطقة بها أكثر من 10 نقاط تفتيش وهي مؤمنة بشكل صارم من قبل قوات القيادة وتعد أكثر المناطق حراسة في بنغازي فكيف أفلت الجناة وتمكنوا من الهرب من بين كل نقاط التفتيش هذه؟ إلا إذا كان الخاطفون يعرفون جيدا المنطقة الجديدة، ولديهم اطلاع على الإجراءات الأمنية التي تشملها.

في الجنوب الشرقي، عثر عليها، وهي منطقة تعج بالمقرات العسكرية والأمنية التي أبرزها اللواء طارق بن زياد برئاسة عمر أمراجع القرحي ويتبع صدام خليفة حفتر.

 

تساؤلات

الأسئلة في هذه القضية عديدة فإن كان هدف الجناة تصفية النائب لكانوا فعلوا ذلك في عين المكان حين سنحت لهم فرصة اختطافه، وإن كانت النية هي الخطف فإن للعملية أهدافًا من بينها إرغام جهة بعينها على الاستجابة إلى مطالبهم وهذا يفترض إعلان الجهة المنفذة عن نواياها ومطالبها مقابل الإفراج عن النائب وهو ما لم يحدث لحد الآن، أيضا جرت العادة أن تقوم الجهة الخاطفة بإرسال دليل يؤكد أن الضحية على قيد الحياة فلماذا لم تنشر أي صور أو فيديوهات للدرسي بعد اختطافه تكشف سلامته الجسدية.

 

اللغز

الجريمة اللغز لا تتوقف عند هذا الحد وأسرارها تزداد غموضا بعد إعلان الأجهزة الأمنية أن منزل الدرسي قد تعرض للاقتحام وسرقة أشياء ثمينة منه وإذا علمنا أن المسافة الفاصلة بين منزله ومكان العثور على سيارته يقدر بحوالي 15 كم، فإن الاستنتاج يحيلنا بأن تنفيذ هذه العملية قد استغرق وقتا ليس بالقصير وأن هذه الأطراف لم تكن على عجلة من أمرها، فلماذا اقتحموا منزله وسرقوا بعض محتوياته، في حين لم تتم سرقة المقتنيات الشخصية للضحية الموجودة في السيارة فهل كان ذلك للإيهام بأن القضية هي جنحة جزائية لا أبعاد سياسية لها، أم أن الحادثة لا تعدو سوى عمل إجرامي وقع الدرسي ضحية له، وخوفا من العقاب الذي قد يطولهم تمسك الجناة بالاحتفاظ بإبراهيم حتى الحصول على ضمانات تخرجهم من الورطة التي سقطوا فيها.

وحتى الإفصاح عن الوقائع التي رافقت هذه الجريمة سيبقى الرأي العام منشغلا بالبحث عن إجابات لأسئلة أولها: من هي الجهة التي قامت باختطاف الدرسي؟ وما دوافعها؟ وأي تأثير لجريمة اختطاف الدرسي على المشهد السياسي؟

أخبار ذات صلة

تزامنا مع ذكرى الاستقلال.. ملك بريطانيا يعرب عن أمله العمل مع ليبيا في القضايا الدولية المهمة

السنوسي يحذر من خطر تفتيت ليبيا ويدعو لاعتماد الدستور الملكي

حفتر: الاستقلال يقفد قيمته إذا تفككت وحدة البلاد وارتهن مصيرها للخارج