الديزل الليبي المهرب.. تجارة دولية خزانها مالطا وسوقها أوروبية

في الوقت الذي انشغل فيه الليبيون ومن تورط معهم في حرب 2014 و2015، انتهز تجار التهريب والشركات العابرة للحدود هذه الحرب في تهريب وقود الديزل (النافطة) من المصافي الليبية بمساعدة جماعات مسلحة، ومع انشغال الحكومة هذه الأيام بدراسة رفع الدعم عن الوقود وما لاقاه هذا الطرح من معارضة وتأييد، يكشف القضاء السويسري عن قضية رفعتها شركة سويسرية على منظمتين كشفت تورط الشركة في المتاجرة في النفط الليبي المهرب، بمساعدة أذرعها في ليبيا.

أعلنت منظمتا (Public Eye) و(Trial International) غير الحكوميتين أن محكمة برن السويسرية برأتهما من تهم التشهير والقذف الذي اتهمتهما بها شركة كولمار التجارية (Kolmar Group AG) بعد نشرهما تقريرا استقصائيا يكشف تورط الشركة السويسرية في التجارة بالنفط المهرب من ليبيا فترة الحرب عامي 2014 و2015، وقضت المحكمة الأربعاء، ببراءة المنظمتين، مؤكدة مصداقية وقوة الأدلة في التقرير الصحفي الاستقصائي، وأعلنت مجموعة كولمار أنها ستستأنف حكم البراءة أمام المحكمة العليا.

وكشفت منظمة (Public Eye) أن التحقيق الاستقصائي دام أكثر من عام وتنقل فيه الصحافيون الاستقصائيون الثلاثة بين سويسرا ومالطا وصقلية، وتتبع المحققون مسارات ثلاث ناقلات نفط من الساحل الليبي التي أفرغت حمولتها 22 مرة في صهاريج تخزين استأجرتها شركة كولمار في مالطا، ووثق التقرير أن المنتجات النفطية المدعومة تقوم مجموعة مسلحة تسيطر على مصفاة ليبية بسرقتها، وتهريبها بواسطة قوارب الصيد إلى ناقلات النفط التي سافرت إلى مالطا.

أقرت المحكمة الإقليمية بمصداقية تقرير المنظمتين الخاص بتجارة شركة كولمار السويسرية في الديزل المهرب من ليبيا التي تشهد حرباً أهلية، ورأت المحكمة أن التقرير كان في المصلحة العامة، مؤكدة أن نشر الحقائق ليس جريمة جنائية، بل هو أحد ركائز الديمقراطية، وفتح مكتب المدعي العام السويسري إجراءات جنائية بعد شكوى قدمتها (Public Eye) و(Trial International) تتعلق بالاشتباه في ارتكاب جرائم حرب من خلال النهب، ويقوم مكتب المدعي العام بالتحقيق مع أشخاص مجهولين.

ورفعت مجموعة كولمار دعوى تعويض بقيمة 1.8 مليون فرنك سويسري، واصفة تقرير المنظمتين بـ “الادعاءات الكاذبة” زاعمة أنه ألحق ضررا كبيرا بسمعتها، معتبرة أن ما جاء في التقرير هو تشهير بالشركة، وهو ما اعترفت به المحكمة الإقليمية، واستندت في حكم البراءة على المنظمتين فقط إلى إثبات حسن النية.

واتهمت المنظمتان غير الحكوميتين في شكواهما الجنائية المقدمة إلى مكتب المدعي العام السويسري، أن مجموعة كولمار في مالطا اشترت وقود الديزل المنهوب من ليبيا، بما فيه الديزل المدعوم، والذي هربه المسلحون من مصافي النفط الحكومية الليبية، وقاموا بتهريبه إلى المياه الدولية عبر قوارب الصيد، ثم شحن إلى السفن المنتظرة في عرض البحر.

وأوضح تقرير (Public Eye) و(Trial International) أن السفن بعد شحنها بحمولات قوارب الصيد، نقلت الوقود المهرب إلى مالطا، كاشفا أن شركة كولمار اشترت أكثر من 50 ألف طن من الديزل المخزن فيها في عامي 2014 و2015، وتلقى مكتب المدعي العام السويسري معلومات من مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال في سويسرا بين مايو ويونيو 2020 والتي تزامنت مع معلومات المنظمات.

ومع الانفلات الأمني والانسداد السياسي، ترتع الشركات الدولية مع تجار التهريب في ليبيا، والمسلحين الذين يصنعون سوقا دوليا موازيا للوقود تديره شركات دولية ومنظمات تجارية، وخاصة الديزل الذي يندر وجوده في محطات الوقود، وإن وُجد فطوابير طويلة للشاحنات تنتظر، ومع عدم فرض الأمن وحماية الحدود من عصابات التهريب المحلية والدولية، ستستمر المتاجرة بقوت الليبيين، إلا إذا وضعت السلطات سياسات ناجعة وبدائل حقيقية لدعم المحروقات، أو فرضت رقابة مشددة تحد من التهريب.

المصدر: موقع SWI السويسري

أخبار ذات صلة

ليبيا تشارك في حوار الطاقة الإقليمي والدولي بإسطنبول

خارجية الدبيبة تبحث مع السفارة الأمريكية تسهيل إجراءات التأشيرات وتعزيز التعاون

تقارير غربية عن تحول النفط لسلعة ممنوعة.. ومراجعات ليبية للحد من التهريب