وسط التغيرات المتسارعة على رقعة الشطرنج في ليبيا وتشابك المصالح، فإن تحريك بعض شخوص اللعبة قد يؤثر في مجريات الأحداث، ويساهم في إعادة رسم الخارطة السياسية بشكل مختلف عما عليه الآن.
لوائح
في الأسبوع الأول من أغسطس كل عام يعقد مجلس الدولة جلسة رسمية لانتخاب رئيسه الجديد، إضافة إلى انتخاب نائبي الرئيس والمُقرِّر.
وفي هذا الصدد، وجّه مجلس الدولة دعوة لأعضائه لحضور جلسة رسمية غدا الثلاثاء، في فندق المهاري بطرابلس، من أجل التصويت على انتخاب الرئيس الجديد.
3 مترشحين
وحتى كتابة هذا التقرير، تأكّد ترشح 3 أعضاء لمنصب الرئيس، وهم: رئيس المجلس الحالي محمد تكالة، والرئيس السابق للمجلس خالد المشري ورئيس اللجنة القانونية بالمجلس عادل كرموس.
وبحسب مصادر موثوقة لـ”فواصل” فإن تكالة يحاول الحسم من الجولة الأولى للانتخابات، فأصوات عديدة من أعضاء المجلس حسمت أمرها وقررت التصويت له.
أما الرئيس السابق للمجلس وهو خالد المشري فيبدو أن الأصوات توزعت بينه وبين منافسه تكالة، إلا أنه يعوّل أكثر على الجولة الثانية، في حال تشتت الأصوات بين المتنافسين الثلاثة.
بينما المترشح الجديد عادل كرموس، الذي سيحصل على أصوات كتلة “التوافق الوطني” التي تضم أعضاء الحزب الديمقراطي الذي يتفق مع توجهاته بعد فصله من حزب العدالة والبناء، حظوظه تبدو مرجحة، ولعله يحاول من خلال ترشحه إما أن يكون الخيار الثالث، وإما أن تكون أصواته لأحدهما بعد المساومات الداخلية وفق اللعبة السياسية.
التأثير الخارجي
لا ينفك التدخل الخارجي في الشأن الليبي، خاصة بعد التنازع على الشرعية تحديدا عام 2014، فتركيا التي تدخلت بشكل واضح بعد الحرب على طرابلس 2019، تظهر الدعم للطرفين تكالة والمشري في لقاءاتها مع المرشحين.
أما الجارة مصر التي تعتبر الحليف الأقوى لحفتر وعقيلة صالح، فقد تواصلت مع عدة أعضاء من مجلس الدولة في اجتماع القاهرة الأخير، بالإضافة إلى أن هناك تواصل هاتفي تطالب فيه تغيير تكالة دون إظهار أي دعم للمرشحين الآخرين.
بالنسبة لدول الخليج، فدولة قطر تظهر دعما علنيا لاستمرار تكالة، أما الإمارات والسعودية فبعض الصحف التابعة لهما تنتقد أداء تكالة وترى أن عودته استمرار للانغلاق السياسي بينه وبين مجلس النواب على عكس عودة المشري.
أما دور الدول الغربية فلم تظهر أي مؤشرات للتدخل عبر سفرائهم خصوصا الولايات المتحدة، على عكس بعثة الأمم المتحدة التي من خلال تواصل مكتبها السياسي مع بعض الأعضاء فهي تريد تغيير تكالة وعودة المشري أو كرموس.
التأثير المحلي
بطبيعة الحال كما يهم تأثير مجلس الدولة في المشهد السياسي، الأطراف الخارجية، يهم أكثر الأطراف الداخلية، فأي تغير في هرم المجلس، له انعكاس على أرض الواقع.
إلى هذه اللحظة لا توجد مؤشرات توحي بتدخل معسكر حفتر في انتخابات الأعلى للدولة سواء سياسيا أو ماليا بعكس السنة الماضية، أما عقيلة صالح فهو يرى دعم المشري وقد تواصل مع شخصيات من المنطقة الشرقية في الأعلى لحثهم على التصويت للمشري
نأتي لدور حكومة الدبيبة التي تعد الداعم الأكبر لتكالة، والتي أوصلته لسدة المجلس في الانتخابات السابقة، فهذه المرة تدخلت بشكل مباشر وشكلت فرقا للتواصل مع أعضاء الأعلى للدولة في سبيل التصويت لتكالة
وهناك دور داخلي ظهر لأول مرة في انتخابات مجلس الدولة، وهم أطراف من النظام السابق، فقد تصدرت منصاتهم الإعلامية حملة ضد تكالة مهاجمين تدخل حكومة الدبيبة، ولكن لم يسوّقوا لأي مرشح حتى الآن.
سيناريوهات
السيناريو الأول في انتخابات رئاسة مجلس الدولة، هو أن يحسم المرشح محمد تكالة ويكتسح الأصوات من الجولة الأولى، في حال توافق مع المرشح عادل كرموس لإعطائه أصوات كتلته، خاصة بعد تواصلهما قبل يومين.
السناريو الثاني، هو أن تنتهي الجولة الأولى دون حسم لأي من المرشحين الثلاثة، وهو ما يعوّل عليه خالد المشري، الذي ينتظر خروج كرموس، طامعا في أن يستفرد بتكالة في الجولة الأخيرة، وأن يحظى المشري بفرصة الفوز في حال صوتت له كتلة التوافق وكتلة العدالة والبناء، بعد إعلان رئيس الحزب عماد البناني أنهم يدرسون الخيارات، وهو ضمنيا يعتبر تخليا عن تكالة، وأيضا قد يصل المشري وكرموس لاتفاق الدعم المشترك في حال وصل أحدهما للجولة الثانية.
السيناريو الأخير، تعول كتلة التوافق الوطني في مجلس الدولة على المرشح عادل كرموس وترى أنه يتمتع بفرصة كبيرة للفوز ودعم واسع من أعضاء المجلس، وربما يحالفه الحظ في حال الخصام والمكر بين المشري وتكالة بعد الجولة الأولى قد يوصله ويرجح كفته.