المنطقة الحرة مصراتة وجهة اقتصادية دولية تقاوم التحديات السياسية المحلية

كشف مركز (NTY-SBF) للدراسات الإفريقية والبحوث، في تقرير له، عن إبرام شركة “سوربانا جورونغ” للاستشارات السنغافورية، اتفاقية لتطوير المنطقة الحرة بمصراتة، مضيفا أنها تسعى إلى الاستفادة من موقعها الاستراتيجي المطل على البحر المتوسط ​​أحد أكثر طرق التجارة البحرية ازدحامًا في العالم، مقدرا أن ما يقارب 10% من إجمالي حركة الحاويات يمر عبر البحر المتوسط سنويا.

شريان عالمي
ولفت المركز إلى أن موقع المنطقة الحرة مصراتة يؤهلها أن تكون مركزا دوليا لإعادة شحن البضائع إلى وجهات أخرى، لقربها من أوروبا وآسيا مبينا أن المنطقة الواقعة على الطريق السريع الرئيسي الذي يمتد على طول ساحل شمال إفريقيا، تقدم عرضا جذابا للشركات، مشيرا إلى كونها حلقة وصل مع مصر شرقا وتونس والجزائر والمغرب غربا، وموقعها في مدخل الطريق المتجه جنوبا مرورا بالمناطق والمدن الكبرى وصولا إلى الحدود مع الجزائر عند غات، منوها إلى أن انفتاح المنطقة على أكبر حقول النفط الليبية في الجنوب، يحمل وعدا بربط مستقبلي بالدول غير الساحلية مثل النيجر وتشاد، ثم إلى وسط وغرب إفريقيا.

مقصد استثماري
وأبان التقرير أن حوالي 60 مستثمرا رئيسيا في المنطقة الحرة مصراتة، منهم الشركات الأسيوي النشطة في المنطقة، ومجموعة (وانجكانج) الصينية، التي دشنت شركة لإنتاج بلاط السيراميك، كاشفا عن إبرام شركة (China Harbour Engineering) ومقرها بكين، اتفاقية أولية لتطوير البنية التحتية في المنطقة الحرة، مبينا أن شركة (SANY) الصينية ستقوم بتزويد ساحة الحاويات الجديدة بالميناء برافعات جسرية سعة 60 طنا، ويضيف المركز في تقريره أن شركة تويوتا دشنت مقرها في المنطقة، لإدارة توزيع المركبات وقطع الغيار في جميع أنحاء ليبيا.

تنافس دولي
ويعدد المركز في تقريره ميزات المنطقة قائلا: إن موقعها يمهد للشركات إنشاء متاجر ومصانع قطع الغيار، على مقربة من شركة السيارات اليابانية العملاقة، كما أبدت العديد من الشركات التركية اهتمامًا بمنطقة مصراتة الحرة عام 2021، وقام ممثلون عنها بزيارة المنطقة بهدف إنشاء مخزن بارد وجاف لعمليات التخزين، ووقعت مجموعة (يلدريم) مذكرة تفاهم مع المنطقة الحرة لاستكشاف الفرص في حركة الموانئ وتطويرها، كما أبرم ميناء (أنتويرب) البلجيكي مذكرة تفاهم مع المنطقة الحرة مصراتة لتعزيز التجارة وتسهيل تبادل المعرفة، بينما زارت وفود من ألمانيا والمملكة المتحدة المنطقة في السنوات الأخيرة.

الانقسام
أماكن قليلة في ليبيا تجذب المستثمرين مثل منطقة مصراتة الحرة، والتحدي الذي يواجه سلطة المنطقة الحرة في ليبيا هو كيفية مواجهة التصورات السلبية حول الأمن، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي ومقتله عام 2011، شهدت ليبيا قدرا كبيرا من عدم الاستقرار، وتشهد البلاد حربا أهلية، تبسط مجموعات مسلحة سيطرتها على مناطق متحالفة مع حكومتين متنافستين، واحدة في الغرب والأخرى في الشرق أنتجها مجلس النواب، وكلا الحكومتين مدعوم من ميليشيات محلية مختلفة وحلفاء دوليين. بحسب تقرير المركز.

آمال وتوقعات
ويقول المركز إنه على الرغم من سنوات النزاع، هناك تحسن في الوضع الأمني ​​بشكل كبير، ومصراتة لا تشهد حوادث عنف، وهي آمنة للمغتربين والمستثمرين، وفي السنوات الأخيرة شهدت ليبيا ازدهارا كبيرا في القطاع الخاص، والاقتصاد الأوسع، ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الوطني بنسبة 7.5% و6.9% في عامي 2024 و2025 على التوالي، مدعوماً بانتعاش قطاع الطاقة، الذي استفاد من زيادة أسعار النفط الخام بسبب الصراع في أوكرانيا، وتتربع ليبيا التي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة فقط، على احتياطيات النفط المؤكدة الأكبر في أفريقيا، والتي تقدر بنحو 48 مليار برميل.

المنطقة البكر
وأنشئت المنطقة الحرة عام 2000، بهدف تعزيز التصنيع وتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط وتعد المركز التجاري لليبيا، باعتبارها أول منطقة حرة في البلاد، وتبلغ مساحتها 2739 هكتارًا وتتعامل مع حوالي 60٪ من التجارة غير النفطية في البلاد. كما أنها بمثابة مركز للشركات الصناعية المختلفة وتوفير فرص العمل، ويعمل في المنطقة الحرة ما يقرب من 40 ألف شخص مباشرة أو غير مباشرة، وتقع المنطقة على مساحة كبيرة من الأراضي مقسمة إلى 539 هكتار للموقع (أ) و2200 هكتار للموقع (ب)، ومستودعات ومباني إدارة الموقع والبنية التحتية الأخرى، وتشمل مخطط مطار مخصص للشحن على موقع مساحته 600 هكتار، ومنطقة صناعية بمساحة 1500 هكتار، بالإضافة إلى أرض معارض بمساحة 5 هكتارات.

وتمتلك هيئة المنطقة الحرة المتمتعة بالحكم الذاتي وتدير أكبر ميناء في البلاد، تبلغ مساحته 190 هكتار على رصيف بطول 4400 متر ويبلغ الحد الأقصى لعمق الرصيف 14 مترا. وفقا لهيئة الموانئ والنقل البحري الليبية، وكان الميناء هو الأكثر ازدحاما بين الموانئ الليبية الـ5 الأخرى، وهي: طرابلس والخمس وطبرق وبنغازي. وتتمتع سلطة المنطقة الحرة باستقلالية واسعة ويمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة من نظام التخليص الجمركي من خلال نافذة واحدة والإعفاء بنسبة 100% من الضرائب والرسوم الجمركية، ويشمل القطاع الخدمات اللوجستية والبناء والتأمين والخدمات المالية والتصنيع الأساسي، بحسب مركز الدراسات الإفريقية.

كل هذه الأرقام والإحصائيات الإيجابية والانفتاح الخارجي والاستقراءات التي تتوقع ازدهارا وتطورا ومحورية في التجارة الدولية في فترة توصف بالفوضى السياسية والانقسام والصراعات المسلحة، فكيف إن كانت ليبيا تعيش استقرار سياسية وتداولا سلميا على السلطة وعدالة اجتماعية واقتصادية كم ستكون منطقة حرة في البلاد إلى جانب القائمة في مصراتة؟

أخبار ذات صلة

نوفا الإيطالية: ظل روسيا وراء استقالة أحد جنرالات حفتر

صحيفة يونانية: دعوات تركية لتوقيع اتفاقية ترسيم مع سوريا على غرار ليبيا

تقرير أمريكي: استقرار ليبيا يعتمد على حياد المؤسسات الاقتصادية