تعثر الحلول السياسية إثر الانقسام بين الشرق والغرب، كانت له انعكاساته على الجانب الاقتصادي والمالي، فقد توقفت عملية توحيد المصرف المركزي، وبقي الدين العام الداخلي في مستوياته السابقة، مع خشية ازدياده، وجُمّدت الترتيبات المالية للعام الحالي 2023.. فواصل التقت عضو مجلس إدارة المصرف المركزي مراجع غيث لبحثها واستشراف مآلات الاقتصاد الليبي وتطورات عكلية توحيد المركزي.
المنفي وحفتر
وكانت البداية بلقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بقائد القيادة العامة خليفة حفتر، في القاهرة، الذي نقلت مصادر خاصة لفواصل، أنّه تناول الترتيبات المالية لعام 2023.
فقد أوضح غيث أن القصد من تناولهما لملف الترتيبات المالية هو تحقيق العدالة في توزيع الموارد بين المناطق بطريقة شفافة، كاشفًا عن أنّه أحد أعضاء فريق يعمل على كيفية توزيع الموارد ووضع أسس عادلة لذلك.
توحيد المركزي
ويشأن سير عملية توحيد المصرف المركزي، أكد غيث توقفها منذ أبريل الماضي لعدم جدّية محافظ المركزي بطرابلس الصديق الكبير في إكمالها، وتجاهله خارطة الطريق التي وضعتها شركة “ديلويت” العالمية، لافتا إلى أن المجتمع الدولي لم يحرّك ساكنا بشأن ذلك مع أنّ قرار المراجعة صادر قرار المراجعة عن الأمم المتحدة التي كلّفت الشركة واختارتها.
عجز النقد
وعزا غيث سبب العجز في النقد الأجنبي خلال 2022، (بلغ 1.2 مليار دولار) إلى أسباب، أهمها عدم إدارة النقد الأجنبي بطريقة سليمة، والسماح بتهريبه ببطاقات 10 آلاف دولار التي يستخدم التجار كل طرق التحايل لدفع ثمنها وسحب قيمتها، وأيضا اﻻعتمادات الوهمية، واﻻعتمادات المفتوحة لشركات يملكها ليبيون في الخارج يهرّبون النقد الأجنبي عبرها، إضافة إلى إلغاء شركة التتبع التي كانت ستكشف كل عمليات اﻻعتمادات المشبوهة.
الدين العامّ
وبشأن الدين العام المتزايد، قال غيث، إن ذلك يشكل عبئا على الدولة الليبية، مُرجعًا السبب إلى السياسات المالية والنقدية الخاطئة والانقسام، مُستدركًا بأن الدين العامّ لا خوف منه لأنّه دينٌ محليٌّ داخليٌّ يمكن سداده إذا جرى ضبط المالية العامة وفقا لموازنة محدَّدة ومبوَّبة تبويبًا سليمًا تُنفَّذ بطريقة سليمة.
ولكن غيث حذّر من مغبّة استمرار حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس في حجب المخصصات عن بعض المناطق لأسباب سياسية وليست فنية، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الدين العام.
قرار التعلية
وتعليقا على قرار حكومة الوحدة الوطنية “تعلية” 16.5 مليار دينار من الباب الثالث “التنمية”، عدّ عضو مجلس إدارة المركزي، القرار واحدا من المخالفات الصارخة والتصرفات غير المسؤولة، مضيفا أن صدوره قبل نهاية 2022 بشهر غير منطقي؛ إذ ﻻ يمكن التعاقد أو إنجاز أي مشروع ثمّ “تعليته” بعد ذلك، كما أنّه لا توجد “تعلية” في الباب الثالث “التنمية” بل “ترحيل” للمبالغ التي لم تُستخدم هذا العام للمشروع الذي بدأ تنفيذه
وقال غيث إنه نبّه مرارا إلى أنّ أي مشروع من باب التنمية يُنفّذ على مدى سنتين فأكثر، يجب توزيع مخصصاته على ميزانيات تلك السنوات، وﻻ يمكن تحميلها على السنة الحالية، ﻷن الميزانية هي النفقات والإيرادات المتوقعة خلال سنة وتنفيذ المشروعات يستغرق عادة سنوات
مؤسسة النفط
وحول تكليف مكتب محاسبة دولي لمؤسسة النفط، كشف غيث أن المكتب ليس لفحص إنفاق مؤسسة النفط فحسب بل لفحص كل عملياتها، وأهمها اﻹنتاج والمبيعات والمقايضة ﻻستيراد الوقود وهي أخطرها على الإطﻼق؛ لكون هذه العمليات ﻻ تنعكس في دفاتر المالية العامة، محذرا من أن السماح بمثلها قد يؤدي إلى عمليات بيع مشبوهة بحجة المقايضة.
عجز الدولة
وصرح غيث بأنه إذا انخفض سعر النفط مستقبلا فستعجز الدولة عن تمويل نفقاتها وستلجأ إلى الاقتراض المحلي من المصرف المركزي أو المؤسسات المالية.
وطالب بضرورة علاج تضخم الجهاز الإداري للدولة ووضع خطط لتخفيضه وليس رفع المرتبات بحيث لن يقبل أحد العمل في القطاع الخاص لعجزه عن دفع أجور عالية.
ورأى أنّ العلاج هو تشجيع الموظفين على اﻻتجاه إلى القطاع الخاص، وهناك عدة طرق لذلك دون إلحاق أي ضرر بالموظف بل بالعكس سيرتفع دخله.
تقرير “مضلّل”
غيث وصف ما ورد في تقرير المصرف المركزي لعام 2022، فيما يتعلق بمراقبات الخدمات المالية بنغازي، بأنّه “مضلل”، موضحا أن المبالغ المُحوَّلة لها ﻻ تخصُّها بل تخص قطاعات أخرى مثل: الصحة والتعليم وغيرها.
وأضاف غيث أن سبب ارتفاع المبلغ المخصص لمراقبة بنغازي، في 2022، (4.6 ملايين دينار) مقارنة بمراقبة طرابلس (1.8 مليون) عائد إلى أنّ مرتبات القيادة العامة تدفع عن طريق مراقبة بنغازي ويجري تحميلها عليها، ولذلك فنفقات مراقبة بنغازي أقلّ من ذلك إذ تبلغ 1.2 مليون دينار فحسب.
ويضيف أن ”من التضليل الوارد بالتقرير تحميل تحويلات جهات أخرى على وزارة المالية التي بلغت نفقاتها في 2022، 23.4 مليار دينار، ولو قارنّا ذلك بمخصصات المالية لتبيّن الفارق الكبير”، مؤكدا أن تحميل مخصصات القطاعات الأخرى على وزارة المالية، عائد إلى الجهل بدور مراقبات الخدمات المالية التي تُعدّ وسيطا في السداد فحسب.
وأوضح أن تقرير الإنفاق العام يجب أن يصدر من وزارة المالية ولا علاقة للمركزي به، وليس من وظيفته ولا مهامّه، مؤكدا أن الإفصاح والشفافية ليست بإصدار إرقام بل قول الحقيقة، وما يجري إصداره هو مجرد إعادة ترتيب للمدفوعات ﻻ علاقة لها بالإنفاق