وعود غذائية ألقى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على طاولة القمة الروسية – الأفريقية، خلال لقائه بقادة دول القارة السمراء، التي انعقدت في مدينة سان بطرسبورغ، إذ تحدث عن قدرة موسكو على استبدال صادرات الحبوب الأوكرانية إلى أفريقيا، وستكون مستعدة لبدء توريدها مجاناً إلى ست دول خلال مدة تتراوح بين ثلاثة أو أربعة أشهر.
الرئيس الروسي أشار إلى أن “هذه الدول هي بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريا”، مضيفاً أنها “ستحصل على ما يتراوح بين 25 و50 ألف طن لكل منها”.
أما خروج روسيا من اتفاق تصدير الحبوب فأرجعه “سيد الكرملين” إلى عدم استفادة الدول الفقيرة منه، موضحاً أن “روسيا قادرة على تعويض أفريقيا عن الحبوب الأوكرانية ومستعدة لتقديم جزء من الحبوب للدول الفقيرة مجاناً”، لكن تلك التصريحات لم تخف قلقاً ليبياً حول الوضع الغذائي للبلاد.
صندوق النقد الدولي علق الأربعاء الماضي على انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب، في 17 يوليو (تموز) قائلاً إن “هذا الأمر سيسمح بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود لكنه قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الحبوب العالمية بنسبة تتراوح بين عشرة إلى 15 في المئة”، منبهاً إلى أنه لا يزال يواصل تقييم الوضع حالياً.
ضربة للمحتاجين
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن “أسعار القمح ستشهد ارتفاعاً بعد انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب”، لافتاً الانتباه إلى أن “هذا القرار سيوجه ضربة للمحتاجين في كل مكان”.
فيما حذرت الاستخبارات البريطانية، أول من أمس الأربعاء، من محاولة احتجاز الأسطول الروسي لسفن تجارية في البحر الأسود (المنتظر أن تسلكه صادرات القمح)، خصوصاً بعد إعادة انتشاره في البحر الأسود إثر انسحاب موسكو مباشرة من “اتفاق الحبوب”، وتم نقل السفينة الحديثة “سيرغي كوتوف” إلى الجزء الجنوبي من البحر الأسود لتسيير دوريات على طريق الشحن بين مضيق البوسفور وأوديسا.
وأضافت الاستخبارات البريطانية، أن “هناك احتمالاً حقيقياً بأن تكون هذه السفينة جزءاً من فرقة العمل لاعتراض السفن التجارية، والتي من وجهة النظر الروسية، يمكن إرسالها إلى أوكرانيا”.
تأثر ليبيا
على خلفية تطورات الانسحاب الروسي من اتفاق تصدير الحبوب، وفي إطار دعم إنتاج الحبوب لزيادة الإنتاج الوطني والحفاظ على الأمن الغذائي، بحث وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، محمد الحويج، خلال اجتماعه إلى مجلس أمناء الديوان الليبي للحبوب، قبل يومين، توفير ساحات توريد الحبوب وتنسيق زراعتها محلياً.
وحول إمكانية تأثر ليبيا من الانسحاب الروسي، ذكر مدير إدارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بوزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية، الطاهر باعور، أن هناك خطة حكومية منتظرة لتفادي نقص القمح، مضيفاً “نعمل على وضع خطة لتفادي العجز، فليبيا ستتأثر بشكل مباشر باعتبار أن أوكرانيا وأوروبا الشرقية مصدران رئيسان لتوريد القمح للبلاد”.
ووصف مدير التخطيط في “هيئة الحبوب”، أحمد السنوسي، إنتاج الحبوب بـ”الضعيف جداً” هذا العام، محذراً من أنه لا يغطي إلا جزءاً قليلاً من الاستهلاك المحلي، باعتباره لم يتجاوز 30 ألف طن، مرجعاً هذا الضعف إلى “عدم اهتمام الدولة بإنتاج الحبوب الذي يشكل أساس الأمن الغذائي للبلاد”.
ونوه إلى توقف مشاريع مكنونة وبلجوج وغيرها من خطوط إنتاج الحبوب الحكومية منذ 2011، والتي تعتبر من أكبر المشاريع الزراعية في البلاد، بسبب الإهمال وسوء الإدارة.
خطوط إنتاج حكومية
وبخصوص أهمية استرجاع خطوط إنتاج الحبوب الحكومية، قال رئيس المركز الوطني للإرشاد والتعاون والإعلام بوزارة الزراعة التابعة لحكومة الدبيبة، حسين بشير، إن مشروعي “الكفرة” و”السرير” من أبرز خطوط الإنتاج الحكومية في ليبيا، حيث كان كل مشروع يضم نحو 250 دائرة، ولكل دائرة 100 هكتار بمساحة إجمالية تقدر تقريباً بـ26 ألف هكتار، تزرع جميعها محاصيل حبوب وأعلاف وبقوليات وغيرها، لكنها تعرضت خلال أحداث عام 2011 إلى النهب والسرقة.
وقال المسؤول بوزارة الزراعة في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، إن “إقليم فزان جنوب البلد وحده لديه نحو أكثر من أربعة آلاف مزرعة، وهذه المزارع تصل مساحتها مجتمعة إلى 25 ألف هكتار”، موضحاً أن “إنتاجها بلغ نحو 19 ألف طن خلال السنوات الماضية لكنه تراجع بعد أحداث 2011 إلى خمسة آلاف طن فقط”.
بشير دعا إلى الاهتمام ببقية الخطوط الحكومية عبر وضع خطة استراتيجية طويلة المدى يقع من خلالها زرع المشاريع التي سلف ذكرها، إضافة إلى كل من “مكنوسة” و”تهالا” و”الأريل” فجميعها خطوط إنتاج حبوب مهمة، يمكن لليبيا من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي.
لكن تظل عودة خطوط إنتاج الحبوب الحكومية مرهونة بعدة عوامل، يأتي على رأسها توافر الميزانية والإمكانات المالية لتتمكن الجهات المعنية من صيانة آلات الري وتشبيب الآبار، خصوصاً أن لكل دائرة زراعية ليبية بئر خاصة بها، إضافة إلى اقتناء الآلات والأسمدة والمبيدات واستعمال البذور المحصنة الذي يبقى بدوره أمراً في غاية الأهمية، بحيث يصل إنتاج الهكتار الواحد إلى نحو سبعة أطنان من الحبوب
المصدر: اندبندنت عربية