خوري تستعرض الآراء المتباينة في ليبيا.. فهل لديها خطة واضحة أم لا زالت تستكشف المشهد؟

في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، قدمت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، صورة شاملة لجولة المشاورات التي أجرتها مع مختلف الفاعلين الليبيين منذ توليها منصبها قبل أشهر قليلة. وبدلاً من طرح مشروع أو خطة محددة، اكتفت خوري بعرض الآراء المتباينة التي سمعتها حول سبل المضي قدماً في العملية السياسية وإجراء انتخابات شاملة تعيد الشرعية للمؤسسات.

فقد أكدت خوري أن “الأغلبية الساحقة من المواطنين الليبيين” أعربوا عن حاجتهم للتوصل إلى اتفاق سياسي يمهّد لإجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية، وضرورة وجود “عملية تتحرى الشمول” يقودها الليبيون لتخطي الجمود السياسي، لكنها نقلت في الوقت ذاته تباين الآراء حول ملامح هذا الاتفاق أو هذه العملية المنشودة.

فالبعض طرح فكرة مسار مؤسسي تشارك فيه الأطراف الرئيسة مثل مجلسي النواب والدولة، فيما اقترح آخرون عملية حوار أوسع نطاقاً، في حين دعا البعض الآخر للمزج بين الخيارين، وهو أمر تجاوزه المبعوث السابق عبد الله باتيلي بعد فشل مبادرته الحوار الخماسي، نتيجة اشتراط مجلس النواب والقيادة العامة مشاركة حكومة أسامة حماد في الحوار، أو استبعاد حكومة عبد الحميد الدبيبة.

كما نقلت خوري في إحاطتها عن بعض الليبيين ضرورة تبني “ميثاق” أو اتفاق يضمن التزام جميع الأطراف بالنتائج التي ستفضي إليها الانتخابات، مع إدراج التفاصيل والآليات للتنفيذ لأي اتفاق مستقبلي بشكل واضح في أي اتفاق لضمان الالتزام به.

وأشارت أيضاً لأفكار أخرى مثل وجود “خريطة طريق” تتناول الجوانب الجوهرية بما فيها الإشكاليات المتعلقة بتشكيل “حكومة مؤقتة” والخطوات الكفيلة بالتوجه نحو إجراء الانتخابات، أو التركيز على معالجة القضايا الجذرية الأخرى مثل الاقتصاد والأمن وهياكل الحكم قبل الانتخابات.

لكن مع استعراضها لهذه الآراء المتباينة، لم تخف خوري مخاوفها من استمرار واقع الانقسام المؤسسي والجغرافي في ليبيا، معتبرة أن هذا الوضع يهدد الاستقرار الاقتصادي والأمني ويقوض وحدة أراضي البلاد.

كما سلطت الضوء على الأوضاع الاقتصادية الصعبة للعديد من الليبيين جراء ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية، داعية لتوحيد الميزانية الوطنية وحل الخلافات العالقة لإقرارها بشكل سريع.

حيث أكدت أن “توحيد الميزانية الوطنية ضرورة قصوى،” وحثت من وصفتهم بـ”أصحاب الشأن كافة” على حل ما تبقى من خلافات لضمان إقرار الميزانية بشكل سريع والاتفاق على تنفيذها على نحو يتسم بالشفافية ويخضع للمساءلة. لكنها لم تحدد من سيقدم الميزانية ومن سيعتمدها، وما الشكل الذي يمكن تنفيذ الميزانية بناء عليه بما يفتح باب التوافق بين الأطراف المتنازعة، فالشيطان يكمن في التفاصيل.

وختمت خوري إحاطتها بالتأكيد على أن “الوضع القائم غير قابل للاستمرار” وأنه “بات من الضروري القيام بعمل حازم وموحد جانب الليبيين وبدعم من المجتمع الدولي لإحراز تقدم في العملية السياسية.”

إلا أن خوري لم تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في تقديم أي تفاصيل أو توضيح لملامح  العمل الحازم أو أية مبادرة أو مشروع محدد من شأنه دفع هذا “العمل الحازم والموحد” نحو إحراز تقدم على الأرض.

وبناءً عليه، يبدو أن خوري ما زالت في طور استكشاف وتلمس الآراء وحقل الألغام الليبي، قبل اقتراح أي مشروع أو خطة واضحة المعالم للانتقال للمرحلة المقبلة في العملية السياسية. الأمر الذي يرجح استمرار المشهد السياسي الليبي على حاله في المدى المنظور، دون تغييرات جذرية، في ظل غياب أي مبادرة محددة من مبعوثة الأمم المتحدة حتى الآن.

أخبار ذات صلة

الدولار بين المد والجزر.. ومخاوف من تفاقم الأزمة

قطر تتوسط لإنهاء الخلاف بين المشري وتكالة

جوناثان وينر: إبقاء الكبير في منصبه يصبُّ في مصلحة تركيا