في زيارة هي الأولى بهذا المستوى منذ أزمة السلطة التنفيذية بين حكومتي الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والمكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، أعلنت الخارجية التركية إرسال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفدا رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، وعدد من الوزراء إلى طرابلس.
اعتراضٌ على المذكرة
وشاع الخبر قبل نشر الخارجية التركية، وسرت التكهنات بشأن توقيع اتفاقية للتنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية الليبية، وتزامن ذلك مع سفر وزير النفط بحكومة الوحدة الوطنية محمد عون في مهمة عمل رسمية إلى جنوب إفريقيا، فكلفت الحكومة وزير الاقتصاد محمد الحويج ليحل محله.
وما لبث غير قليل حتى خرج وزير النفط محمد عون في تصريح صحفي، مستنكرا تعيين الحويج بديلا له، مع أنه ما زال على رأس عمله ولم يأخذ إجازة، معلّلا ذلك بأن لديه ملاحظات على مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا، ليخرجَ صباح اليوم الاثنين في تصريح صحفي للإعلام الحكومي، مؤكدا أنه لا يمانع التوقيع على المذكرة المزمع توقيعها، بعد تضمين ملاحظاته فيها.
وصول الوفد التركي
وعند وصول الوفد التركي صباح اليوم الاثنين، إلى طرابلس، كان في استقباله وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، وعقد اجتماعا موسّعا مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
حضر الاجتماع عن الجانب الليبي وزيرا الخارجية نجلاء المنقوش، والاقتصاد والتجارة والنفط والغاز المكلف محمد الحويج، ووزيرا الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، ولشؤون مجلس الوزراء ورئيس الحكومة عادل جمعة، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ورئيس الأركان العامة محمد الحداد، ورئيس جهاز المخابرات العامة حسين العائب.
وعن الجانب التركي رفقة وزير الخارجية وزراء الدفاع خلوصي أكار، والطاقة فاتح دنماز، والتجارة محمد موش، ورئيس الأركان العامة ياشار غولر، ورئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألتون، وكبير مستشاري الرئيس التركي إبراهيم كالين، ونائب رئيس المخابرات جمال الدين تشليك.
مذكرة للتنقيب عن الغاز
وشهد الاجتماع التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال الطاقة النفطية والغاز، وأخرى في مجال التدريب الأمني، ونحوها في مجالات الإعلام والدبلوماسية، وبحث التحضيرات لعقد المجلس الاستراتيجي الليبي التركي الأعلى في طرابلس ومنتدى الشراكة الذي سيعلن خلاله انطلاق عدد من المشروعات الاستراتيجية.
وعقدت المنقوش وأوغلو مؤتمرا صحفيا عقب الاجتماع، أكدت خلاله أهمية مذكرة التفاهم الموقعة في مجال الطاقة النفطية والغاز، خاصة في ظل الأزمة الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادة عالميا، مضيفة أنها تحدثت مع نظيرها التركي بوضوح عن رؤية الحكومة للتمهيد للاستقرار وصولا لانتخابات وفق خارطة طريق واضحة ومختصرة تحدّد التزامات كل الأطراف تجاه العملية الانتخابية.
وأوضح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، خلال المؤتمر الصحفي، أن مذكرة التفاهم تشمل التنقيب عن النفط والغاز بحرا وبرا عبر شركات ليبية تركية مشتركة، مضيفا أن العمل يجري لعودة رحلات الخطوط التركية إلى ليبيا.
ملاحظات عون على المذكرة
وتحصلت فواصل على نص ملاحظات وزير النفط محمد عون على مذكرة التفاهم مع تركيا في مجال الطاقة، وأولها ضرورة إضافة أحكام على النصوص تعود إلى اللوائح والقوانين المعمول بها في ليبيا.
وتنص ثاني الملاحظات على أن يكون الإطار الزمني للمذكرة 3 سنوات، خاضعة لتقييم كلا الجانبين، بدلا عن المقترح التركي أن تكون 5 سنوات، والمقترح الليبي أن تكون سنة واحدة، مطالبا بحذف عبارة “المتوفرة في تركيا” التي أضافها الجانب الليبي من الفقرة 4 بالمادة 2، وأن يبقى نصها كما قدمه الجانب التركي.
الحويج يوضّح
وفي إطار توضيح الاتفاقية وموقف عون منها، أكّد وزير الاقتصاد والتجارة ووزير النفط المكلف محمد الحويج أن مذكرة التفاهم الموقعة بين ليبيا وتركيا في جانب الاستثمار بقطاع النفط تعدّ أسوة بنظيراتها السابقة الموقعة مع الدول الأخرى الشقيقة والصديقة، مضيفا أنه يحق للجانب الليبي إلغاء المذكرة في مدة 3 أشهر من توقيعها.
وفيما يتعلق باعتراض عون على تكليفه، أوضح الحويج في تصريح لفواصل، أنه تولى الوزراة وفق البروتوكول المعتمد بتكليفه بها في مناسبات سابقة، موضحا أنه وقّع المذكرة نيابةً عن عون الموجود خارج البلاد في مهمة رسمية، وقد وافق سفرُه وصولَ الوفد التركي إلى طرابلس، موضحًا أن عون موافق على المذكرة بعد الأخذ ببعض الملاحظات التي قدمها، مؤكدا تواصله معه أثناء سفره.
رفض اليونان ومصر
وبعد إعلان توقيع مذكرة التفاهم، سارع وزيرا خارجية مصر سامح شكري واليونان نيكوس دندياس لرفضها، خلال، مكالمة هاتفية، أكّدا فيها أن حكومة الوحدة التي وصفاها بالمنتهية ولايتها في طرابلس، لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم، وأعلن دندياس توجّهه إلى القاهرة الأحد المقبل لزيادة المباحثات، بحسب موقعي خارجية البلدين.
ردّ مجلس النواب
رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ردّ على توقيع المذكرة، مؤكدا أن أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم يُبرمها رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مرفوضة وغير قانونية، لانتهاء ولايتها، موضحا أن من يوقع عليها هو رئيس الدولة أو مجلس النواب، مشددا على وجوب التعامل مع حكومة باشاغا بوصفها الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان.
وفي الإطار ذاته جاء ردّ رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب عيسى العريبي، في بيان، أكّد فيه أن مذكرة التفاهم الليبية التركية السابقة التي وقعها المجـلس الرئاسي السابق لم تعتمد من مجلس النواب بوصفه صاحب القرار بالاعتماد أو الرفض أو التعديل، محذرا الشركاء الدوليين من التعامل مع هذه حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية لكونها حكومة فاقدة للشرعية وللأهلية القانونية، وكلّ ما توقّع عليه يعدّ غير ملزم قانونيا.