أفادت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تحول إلى إفريقيا كجبهة جديدة لتحدي القيم والمصالح الغربية، بعد تعثره على خط المواجهة في أوكرانيا.
جزرة الفساد
واستخدم بوتين بحسب ما وصفته التلغراف، جزرة الفساد لدعم الفصائل الاستبدادية داخل الديمقراطيات المتعثرة، في مختلف أنحاء منطقة الساحل وفي أماكن مثل جمهورية أفريقيا الوسطى، وليبيا حيث نجح في تكوين علاقات مع أولئك الذين يحتقرون حقوق الإنسان والديمقراطية، مستعينًا بمجموعة فاغنر.
وأضافت الصحيفة، أن روسيا تستغل التوترات الأهلية المستمرة والصراعات بين حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المدعومة من الأمم المتحدة في الغرب، وقائد “القيادة العامة” خليفة حفتر في الشرق، الذي يتلقى الدعم من بوتين لإنشاء سلالة جديدة تعيد ليبيا إلى الدكتاتورية، حسب تعبيرها.
ألعاب سياسية
وتابعت الصحيفة، “علاقة روسيا مع شرق ليبيا مكنها من بدء المناقشات لبناء قاعدة غواصات نووية روسية جديدة في ميناء طبرق شرق البلاد”.
وأطلقت الصحيفة البريطانية، تحذيرا بأنه “يتعين على قادة أوروبا أن يستيقظوا على هذه الألعاب السياسية التي يمارسها بوتين. ورغم أهمية أوكرانيا وضرورة دعمنا الكامل لها، فلا ينبغي لنا أن نتصور أن بوتين لا يفكر إلا في حملة عسكرية واحدة”.
مصادر التمويل
وسلطت الصحيفة الضوء على مصادر القوة لحلفاء بوتن الجدد والتأكد من عدم قدرتهم على الازدهار وتشجيع طموحات الكرملين الخطيرة بشكل أكبر، مشيرة إلى أن الأموال التي تدفقت إلى الحساب المصرفي لمعمر القذافي هي نفسها التي تتدفق الآن إلى ميليشيات حفتر الشخصية.
ونوّهت إلى أن هذه الأموال كان من المفترض أن تسهل ثروة ليبيا النفطية المذهلة الطريق نحو الرخاء الاقتصادي والدولة العاملة بعد الثورة في عام 2011، ولكن بدلاً من ذلك تم استخدامها لإحباط الطموحات الديمقراطية للشعب الليبي في كل منعطف.
اتهام بن قدراة
واتهمت ديلي تلغراف، المؤسسة الوطنية للنفط، برئاسة فرحات بن قدارة، بأنها “المحور الرئيسي لهذه الفرصة الضائعة. إن الفساد المستشري وسوء الإدارة داخل المؤسسة الوطنية للنفط موثقان جيدا ومتفشيان. وقد تم تسليط الضوء على قضايا خطيرة في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك مليارات الدولارات من الأموال المفقودة من حسابات المؤسسة الوطنية للنفط والأسئلة حول الوفاء باتفاقيات الطاقة مع أوروبا، وتكليف مشاريع حقول النفط الجديدة في صفقات خلف الكواليس”.
وأضافت “وقد تم تسهيل هذا الفساد من خلال الشعور الواضح بالإفلات من العقاب إلى جانب التزام قائد القيادة العامة، خليفة حفتر، بالاستيلاء على الموارد الوطنية لصالحه وإحباط العملية الديمقراطية”.
الفساد النفطي
وفي السياق ذاته، قالت الصحيفة “ما لم تتم مواجهة هذا الفساد النفطي بشكل مباشر، فإن ليبيا سوف تستمر في السير على طريق الدمار. ومن المفهوم أن الحكومات الغربية تشتت انتباهها عن التطورات في دول مثل ليبيا بسبب أوكرانيا والأولويات المحلية المباشرة. ولكن الخطر الكامن في هذا واضح للعيان. وسوف يجد الطغاة والدكتاتوريون طريقهم إلى السلطة عبر القارات الاستراتيجية مثل أفريقيا، متطلعين إلى الطغاة القتلة مثل بوتن لدعم حكمهم القمعي في مقابل الوصول إلى الموارد الطبيعية، وتقنيات كسر العقوبات، والفرص لمضايقة الغرب”.
يد بوتين اليمنى
وطالبت دلي تلغراف، الحكومة البريطانية الجديدة بأن لا تسمح بحدوث هذا، مشددة على ضرورة إدراك أن ألعاب بوتين الجيوسياسية تمتد إلى ما هو أبعد كثيرا من أوكرانيا، حيث قالت، “في ليبيا لابد من إعطاء الأولوية لمكافحة الفساد النفطي قبل أن يتلاشى كل أمل في الديمقراطية. وإلا فإن حفتر سوف يضع نفسه في موقع اليد اليمنى لبوتين في إفريقيا، مستخدما ليبيا كمنصة لروسيا لكسب السيطرة على أجزاء رئيسية من البحر الأبيض المتوسط وتحويل الصراع المطول بشأن أوكرانيا إلى ساحات معارك جديدة في الجنوب العالمي”.