على الرغم من التفاهمات في الفترة الأخيرة بين حكومة الوحدة والحكومة المصرية في العديد من القضايا والأزمات، إلاّ أن الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة المكلفة أسامة حماد إلى مصر، فتحت التكهنات بشأن عودة العلاقات الليبية المصرية إلى دائرة ضيقة بعد انفتاحها في الآونة الأخيرة.
منعطف جديد
دخلت العلاقات الليبية المصرية منعطفا جديدا بعدما طالبت حكومة الوحدة مسؤولين في المخابرات بالسفارة المصرية بطرابلس مغادرة الأراضي الليبية بشكل فوري، وذلك على خلفية استقبال الحكومة المصرية لرئيس الحكومة المكلفة أسامة حماد بمدينة العلمين قرب الحدود الشرقية الليبية صباح اليوم.
استياء ورفض
الموقف لم يقتصر عن طلب مغادرة المسؤولين في المخابرات المصرية بل تعداه لتعبير خارجية الدبيبة عن استيائها في بيان أصدرته وشددت فيه على رفضها للتصرف الدبلوماسي الذي أقدمت عليه الحكومة المصرية لاستقبالها بشكل رسمي لأجسام موازية لا تحظى بأي اعتراف دولي.
كما أشارت الخارجية في هذا البيان إلى أن هذه الخطوة “ليست ذات تأثير واقعي، إلا أنها تعد خروجا عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والحرب، وأنها تتنافى بوضوح مع الدور المصري والعربي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها”.
دور خفي
موقف حكومة الدبيبة يأتي أيضا بعد لقاء قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر في السادس من أغسطس الجاري مع رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل في بنغازي، حيث ناقش الطرفان التطورات السياسية الليبية مع التأكيد على أهمية بذل كل الجهود للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما أكد رئيس المخابرات المصرية حرص القاهرة ودعمها لوحدة واستقرار ليبيا وفقا لما تم إعلانه إثر اللقاء.
تحركات عسكرية
بعدها بيوم واحد كشفت وحدات عسكرية تابعة لـ “القيادة العامة” تحركها نحو المناطق الجنوبية الغربية للبلاد، ووصفت رئاسة أركان القوات البرية أن تحرك وحداتها يأتي ضمن خطة شاملة لتأمين الحدود وتعزيز الأمن القومي في هذه المنطقة الاستراتيجية من خلال تكثيف الدوريات الصحراوية.
لقاءات دبلوماسية
وفي سياق اللقاءات الدبلوماسية ناقش وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة في الخامس من أغسطس الجاري ضرورة التشاور المتواصل في الملف الليبي وتعزيز الأمن والاستقرار وتسوية الخلافات القائمة، كما بحث الطرفان ضرورة عقد الانتخابات الرئاسية.
وقد تعددت في الآونة الأخيرة اللقاءات الدبلوماسية مع ممثلين للحكومات في الشرق والغرب حيث التقى وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في رواندا مع النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني وما رشح عن هذا اللقاء من تشاور بخصوص مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا والذهاب نحو توافقات تحقق الاستقرار في البلاد.
ترحيل الخلافات
ولكن على الرغم من ترحيل ملفات الخلاف إلى وقت لاحق، إلا أن زيارة رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة في يوليو الماضي إلى القاهرة شهدت الاتفاق على عدد من الملفات على رأسها الملف الاقتصادي، وتم الاتفاق على تقديم الدعم اللازم لمصر في مجال الكهرباء بهدف استقرار الشبكة العامة، وتفعيل الربط الكهربائي بين البلدين، وذلك في ظل الأزمة التي تواجهها مصر في قطاع الكهرباء بسبب نقص الغاز.
وكانت العلاقة الليبية المصرية، قد شهدت تطورا ملموسا خلال الآونة الأخيرة، عكست بشكل لافت اتفاقات اقتصادية ضخمة، إضافة إلى توقيع العديد من مذكرات التفاهم، كما استحوذت مصر على حصة كبيرة من مشاريع إعادة الإعمار الضخمة التي تسعى ليبيا لتنفيذها.