منذ الإعلان عن إيقاف عمليات إنتاج النفط في حقل الشرارة، تتالت التحذيرات من العواقب “الوخيمة” لهذا التوقف على الاقتصاد، والسلم الاجتماعي في ليبيا، وتأثيره على الأسواق العالمية، وتعالت الأصوات المطالبة بإبعاد ملف الطاقة عن الخلافات السياسية أو المطالب الفئوية.
بالتزامن مع قرب انعقاد مؤتمر الطاقة والاقتصاد في طرابلس، منتصف يناير الحالي، ومع الجدل حول اتفاقية حقل الحمادة بين وزارة النفط ومؤسسة النفط.. أغلق منتسبون من حراك “تجمع فزان”، حقل الشرارة النفطي الواقع في مدينة أوباري، جنوب غربي ليبيا، بداعي المطالب المحقة، واحتجاجا على انقطاع الوقود والغاز، وضعف الخدمات العامة والأساسية، وتزايد عمليات التهريب في المنطقة الجنوبية، مهدّدين بالتصعيد وإغلاق حقول أخرى في حال عدم تحقيق مطالبهم حسب بيان أصدروه قبل إعلان الإغلاق الكامل.
وطالب منتسبو “تجمع إقليم فزّان” بتوفير الوقود ومشتقاته، وتفعيل قرار إنشاء مصفاة بالجنوب، وصيانة الطرق المتهالكة بمدن المنطقة الجنوبية، وتعيين الخريجين من أبناء الجنوب، وإعادة هيكلة صندوق إعمار المنطقة الجنوبية، ولحق بهم عدد من سكان براك الذين دعوْ إلى فتح تحقيق في تهريب الوقود بكميات كبيرة واختلاس الحصص النفطية المخصصة لمدن ومناطق الجنوب، مطالبين بإطلاق مشاريع التنمية في الجنوب الذى يعاني من التهميش والإهمال.
آثار سلبية وخسائر لا حصر لها بسبب إيقاف العمل في الحقول والموانئ النفطية، واهتزاز الثقة في استمرار تزويد السوق العالمية بالنفط الليبي، قد ينتج فقدان المستوردين الدوليين للنفط الليبي، وإن العودة لإعلان القوة القاهرة سيشوه صورة الاستقرار النسبي الذي وصلت إليه لبلاد، وتوقف حقل الشرارة سيؤدي إلى العجز في توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء، والرجوع إلى أزمات انقطاعه، ناهيك عن خسائر توقف البيع هناك خسائر أخرى منها: صيانة معدات وآليات استخراج النفط، وإعادة تأهيلها، ما يتطلب جهدا ووقتا طويلا وتكلفة عالية تدفع من خزانة ليبيا، هذا ما أعلنته وزارة النفط والغاز عقب إغلاق حقل الشرارة.
دوليا قفزت أسعار النفط نحو ثلاثة بالمئة أمس، بعد يوم من إعلان توقف الإنتاج بشكل كامل في حقل الشرارة النفطي الواقع في حوض أوباري، الذي ينتج 300 ألف برميل يوميا، ويعد أكبر حقل نفط في ليبيا، مما أثار المخاوف من أن التوتر في البحر الأحمر قد يقلص إمدادات النفط العالمية، ونتيجة لأسباب من ضمنها توقف نفط حق الشرارة، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت ب 2.44 دولار إلى 78.33 دولارا للبرميل.
طالما كان قطاع النفط بعيدا عن الاحتجاجات والتعديات الأمنية قبل التغيير السياسي عام 2011، وصارت بعده وما تزال حقول النفط والغاز، هدفا متكررا لاحتجاجات محلية وأخرى سياسية أوسع نطاقا، تسببت في خسائر اقتصادية، من تعطيل الاستفادة من بيع النفط، وتأثير هذه الإغلاقات على السوق المحلية والقوة الشرائية للدينار، في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار النفط، مع بحث الدول المستوردة على مُنتِج مستقر مستديم لإمدادها بالنفط والغاز، استعاضة عن أخرى متقلبة سياسيا، وغير مستقرة أمنيا واقتصاديا.