أثارت الأنباء المتداولة حول اتفاقية تعاونات حكومية إيطالية تركية بشأن ملف الهجرة الليبي، ردود فعل إيطالية غاضبة تحذر من انتهاكات خطيرة لسيادة الأراضي الليبية.
انتهاك سيادة ليبيا
وفي هذا الصدد، حذر وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ماركو مينيتي من خطورة أي اتفاق بين روما وأنقرة بشأن إدارة تدفقات المهاجرين من ليبيا، مؤكدًا أن مثل هذا الاتفاق سيشكل “انتهاكًا صارخًا لسيادة ليبيا التي تنص عليها القوانين والمواثيق الدولية”.
وفي مقابلة مع صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية، أوضح مينيتي أن التعامل المباشر مع تركيا بهذا الشأن “سيخرج إيطاليا وأوروبا عن نطاق الشرعية ويهدد مسار الأمم المتحدة نحو إجراء انتخابات في ليبيا الموحدة”.
شرق روسي وغرب تركي
وحذر مينيتي من أن مثل هذه “الانتهاكات تؤجج الصراع الليبي وتدفع باتجاه انقسام البلاد بين شرق موالٍ لروسيا وغرب تحت النفوذ التركي”، مضيفًا: “على إيطاليا وأوروبا دعم خطة الأمم المتحدة لإجراء انتخابات توحد البلاد”.
وتابع “لا يمكن لنا تحمل المزيد من تفاقم الوضع هناك”، داعيًا إلى ضرورة احترام سيادة ليبيا وعدم التدخل في شؤونها تحت أي ذريعة.
بالمقابل، طالب مينيتي الإيطاليين بضرورة “دعم مسار الأمم المتحدة وجهودها من أجل إجراء انتخابات حرة توحد الليبيين”، داعيًا إلى الحذر من أي تدخلات خارجية تفاقم الوضع.
الوجه المخفي للصفقة
وكشفت تقارير إعلامية إيطالية النقاب عن الدوافع الحقيقية وراء الاتفاقية المبرمة بين روما وأنقرة لوقف نزيف الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الليبية، والتي اعتبرتها صفقة تثير جدلاً واسعاً حول أبعادها الخفية.
وبحسب ما تسرب من معلومات، فإن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني توصلت خلال زيارتها الأخيرة لتركيا إلى اتفاق سري مع الرئيس رجب طيب أردوغان، يقضي بتفويت إدارة ملف اللاجئين الفارين من ليبيا لأنقرة التي تتمتع بنفوذ قوي في غرب البلاد، كما طلبت روما دعم تركيا لوقف المهاجرين القادمين عبر ليبيا.
وذكر تقرير نُشر في صحيفة “إل جيورنالي” الإيطالية، المقربة من الحكومة الائتلافية اليمينية في إيطاليا، بعنوان “الاتفاق مع تركيا لوقف المهربين الليبيين” أن الاتفاق الذي وقعته رئيسة الوزراء يهدف إلى منع خروج المهاجرين غير الشرعيين من مناطق طرابلس وما حولها، سواء عبر الساحل أو عبر المناطق الداخلية.
تعاون ممثلي تركيا على الأرض
وأضافت الصحيفة استنادا على معلومات صادرة عن مكتب رئاسة الوزراء الإيطالي، أن المهاجرين القادمين إلى إيطاليا أبحروا بشكل رئيسي من منطقة طرابلس وأن بإمكان إيطاليا العمل عبر شبكات النفوذ التركي في المنطقة، بالتعاون مع ممثلي تركيا على الأرض. وأوضح المصدر نفسه أن أردوغان شدد على رغبته في إتمام الاتفاق.
وفي الوقت الذي حجبت فيه الحكومة الإيطالية تفاصيل الاتفاق عن أعين الرأي العام، برزت أصوات معارضة من داخل أروقة السلطة انتقدت بشدة الاعتماد على تركيا في إدارة الملف الليبي الشائك، محذرة من انتهاك سيادة ليبيا ومنح أنقرة موطئ قدم رسمياً في البلاد.
زيارات مكوكية
وأوضحت الصحيفة أن اتفاق بهذا الصدد برز خلال اجتماع الرئيس أردوغان مع ميلوني في نيويورك في سبتمبر الماضي، في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولاحقا اجتمع وزيرا خارجية إيطاليا وتركيا، أعقبها في أكتوبر زيارة وزير الخارجية الإيطالي ريكاردو غواريليا إلى تركيا للعمل على محتوى الاتفاق، حيث تؤكد الصحيفة أن وزارتي الخارجية التركية والإيطالية لا تزالان تعملان على نص اتفاق مكتوب.
خطه ماتي وقمة إيطاليا وأفريقيا
وسط كل هذه الغموض، تبقى خفايا الاتفاق الثنائي محل تكهنات واسعة، خاصة مع اقتراب موعد انعقاد قمة “إيطاليا وأفريقيا” المقرر عقدها في التاسع والعشرين من الشهر الجاري في روما، والذي تسعى فيه الحكومة الإيطالية لتفعيل مشروع تطلق عليه “خطه ماتي” لإقامة جسر تنموي بين أوروبا وأفريقيا، ما يعزز الشكوك حول الأهداف الحقيقية من وراء التقارب مع تركيا في هذا التوقيت بالذات.