فائض مالي يتجاوز 9 مليارات دينار والانقسام السياسي يعرقل الميزانية

في ظل غياب ميزانية موحدة لعام 2025، كشف مصرف ليبيا المركزي عن أرقام مالية ترسم صورة متباينة للوضع الاقتصادي في البلاد.

فقد بلغت الإيرادات العامة منذ بداية العام وحتى 28 فبراير حوالي 18 مليار دينار ليبي، مقابل نفقات قُدرت بـ 8.4 مليار دينار، ليتجاوز الفائض المالي حاجز 9 مليارات دينار.

ومع ذلك، تبقى مشكلة الإنفاق الحكومي غير المنظم وتأخر اعتماد الميزانية عائقًا أمام تحقيق الاستقرار المالي.

إيرادات النفط

تشكل إيرادات النفط العمود الفقري للموارد المالية، حيث سجلت مبيعات النفط الخام 14 مليار دينار، فيما بلغت إتاوات النفط 3.7 مليار دينار. أما الإيرادات الأخرى، مثل الضرائب والجمارك والاتصالات وبيع المحروقات محليًا، فكانت متواضعة نسبيًا، لتصل إلى ما يقارب 300 مليون دينار.

على الجانب الآخر، استأثرت نفقات المرتبات بالحصة الأكبر من الإنفاق العام، حيث بلغت 5.9 مليار دينار خاصة بشهر يناير فقط، بينما لم تُصرف مرتبات شهر فبراير حتى الآن.

وبلغت النفقات التسييرية 35 مليون دينار، مع غياب كامل لأي إنفاق على التنمية أو الطوارئ، في حين خُصصت 2.5 مليار دينار لدعم السلع الأساسية.

عجز سياسي

رئيس لجنة المالية والموازنة بمجلس النواب، عمر تنتوش، أكد في تصريحات خاصة لـ”فواصل”، أنه لا يوجد أي تطور يُذكر بشأن اعتماد ميزانية موحدة لعام 2025 حتى الآن.

وأشار تنتوش إلى أن التواصل مستمر مع مصرف ليبيا المركزي لضمان استمرار الإنفاق الحكومي بشكل منتظم، وخاصة صرف المرتبات، إلى حين اعتماد الميزانية الجديدة المتوقع إقرارها في أبريل المقبل.

وفي هذا السياق، عقد محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، في وقت سابق اجتماعًا مع رئيس وأعضاء لجنة المالية بمجلس النواب لبحث آلية توحيد الإنفاق الحكومي وتنظيم الوضع الاقتصادي.

وناقش الاجتماع تأثير الإنفاق العام على سعر الصرف والطلب على العملة الأجنبية، بالإضافة إلى أهمية التنسيق مع الجهات المعنية مثل ديوان المحاسبة ومكتب النائب العام لضمان شفافية إيرادات النفط وعمليات الاستيراد.

حل بديل

مطلع مارس الجاري، كشف مصدر خاص من مصرف ليبيا المركزي لـ”فواصل” أن المصرف لا يملك صلاحية فرض ميزانية موحدة على الحكومتين، والمخول بذلك هو مجلس النواب دون غيره.

وأكد المصدر أن عدم التوافق على القائمة الموحدة يضطر المصرف المركزي إلى خيار الصرف على أساس 1\12 من مخصصات السنة السابقة، وفي حدود الموارد المتاحة فقط.

ولفت المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن تحديد سقف الصرف يعتمد على الإيرادات المتوقعة من المؤسسة الوطنية للنفط خلال العام، مطمئنًا بأن الصرف على بند المرتبات سيستمر في مواعيده دون توقف.

وجه آخر للأزمة

من جهته، رأى رجل الأعمال الليبي حسني بي أن انخفاض القوة الشرائية للدينار الليبي يمثل السبب الرئيسي للتضخم، وليس مجرد غلاء الأسعار. وأوضح أن ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي يعكس تراجع قيمة الدينار، مشيرًا إلى أن الفجوة بين السعر الرسمي والموازي (أكثر من 12%) تعزز المضاربة وتزيد الطلب على الدولار.

وفي تصريحه لـ”فواصل”، أكد حسني بي أن الحل يكمن في توحيد الميزانية وترشيد الإنفاق العام، معتبرًا أن استمرار الإنفاق الحكومي الذي يتجاوز الإيرادات يجعل من المستحيل خفض سعر الصرف الرسمي للدولار. كما أشار إلى أن القانون الليبي يمنع تحديد الأسعار إلا في حالات استثنائية، مما يجعل آليات السوق (العرض والطلب) العامل الحاسم في تحديد أسعار السلع والعملات.

أخبار ذات صلة

المنفي: نجدد الاحتكام إلى إرادة الشعب الليبي عبر استفتاء شفاف تديره هيئة محايدة تمهد إلى الانتخابات

واشنطن تستضيف مؤتمرًا يبحث مستقبل ليبيا وتأثير الانقسام عليها

وكالة أوروبية: المهاجرون البنغلاديش يصلون أوروبا عبر اتفاقيات رسمية مع ليبيا