ليبيا.. التجاذبات السياسية تطال السلطة القضائية

لم تنجُ السلطة القضائية في ليبيا كغيرها من السلطات من النزاع في البلاد، وطال الصراع السياسي وما خلّفه من انقسام وتشظي اقتصادي واجتماعي، الجهازَ القضائيَّ الذي كانت كل الأطراف المحلية المتنازعة تعول على دوره ومساهمته في حل الأزمة الليبية التي ألقت بظلالها على كل القطاعات والمؤسسات في البلاد.

وبعد ما كانت كل الأطراف تراهن على القضاء الليبي ونزاهته في الفصل في القضايا السياسية والاقتصادية العالقة في المشهد كونه بعيدا عن الاستقطاب الحاصل ـ أقحم المتنازعون المؤسسات القضائية في دائرة الصراع والتجاذبات، بهدف دعم مواقفها وتحقيق مصالحها السياسية.


بداية الصٍدام

ففي 18 أغسطس 2022، أعلن رئيس المحكمة العليا محمد الحافي، إعادة تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون والفصل فيها بعد نحو 7 أعوام من تجميد عملها، وردا على هذه الخطوة، قدّم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في سبتمبر 2022، مقترح قانون إنشاء محكمة دستورية في بنغازي، وأقرّه مجلس النواب 6 ديسمبر 2022، قبل أن تحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بعدم دستورية هذا القانون.

مستجدات الأزمة

وحكمت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، أمس الأحد، بعدم دستورية المادة الأولى من القانون 11 لعام 2021، بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام القضاء، التي تنصّ على تولي رئيس إدارة التفتيش على الهيئات القضائية، رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، بدلاً من رئيس المحكمة العليا، وهو ما يعني بطلان تولّي مفتاح القويّ رئاسة المجلس الأعلى للقضاء بوصفه رئيس إدارة التفتيش، وعودة الرئاسة إلى عبد الله بورزيزة بوصفه رئيس المحكمة العليا.

في المقابل، حذر المجلس الأعلى للقضاء برئاسة مفتاح القويّ من أن حكم الدائرة الدستورية بعدم دستورية المادة الأولى من القانون 11 لعام 2021، قد يودي إلى انقسام الجهاز القضائي في ليبيا، مخاطبا مجلس النواب بإصدار قانون يعالج حالة التنازع في الاختصاص، بإنشاء “محكمة التنازع”، مؤكدا إرجاء التعامل مع كل المخرجات المتعلقة بدستورية القوانين إلى حين إنشاء “محكمة التنازع”.

المحكمة العليا تنأى بنفسها

وبعد تشكيك المجلس الأعلى للقضاء في حكم الدائرة الدستورية، واتهامها بانتقاء طعون معيّنة دون غيرها، وعدم منح فرصة لفريق الدفاع، أكدت الجمعية العمومية للمحكمة العليا، تمسكها بمبدأ الفصل بين السلطات وبألّا تتعدى حدود ولايتها القضائية، وأنها تنأى بنفسها عن الخوض في المسائل المتعلقة بالشأن السياسي؛ حفاظًا على حيادها ومصلحة الوطن.

وأشارت الجمعية العمومية للمحكمة في بيان لها اليوم الثلاثاء، إلى أنها بوصفها على قمة الهرم القضائي، هي المنوط بها إرساء العدل في ليبيا، وأن الدائرة الدستورية بالمحكمة تتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين لإخضاع سلطات الدولة لأحكام القانون ومنعها من تجاوز صلاحياتها المحددة لها وفق الدستور.

نهاية المطاف..!

وبعد كل هذه التجاذبات التي شهدها الجهاز القضائي، هل ستلتحق السلطة القضائية في نهاية المطاف بركب الانقسام والتشظي الذي طال السلطتين التشريعية والتنفيذية والمؤسسات السيادية في ليبيا؟

أخبار ذات صلة

مبادرة ستيفاني.. هل اصطدمت بـ”فيتو” روسي؟

تقرير أمريكي: استقرار ليبيا يعتمد على حياد المؤسسات الاقتصادية

الأسود: ربما تتفق روسيا معنا في أن مبادرة خوري غير واضحة الرؤية