مع حلول العام الجديد 2023، ما زال الأمل معقودا على إجراء الانتخابات الليبية، وسط تعدد المبادرات والمؤتمرات السياسية لإيجاد حلول تفتح الطريق وترسم خارطة لإنجاز قاعدة دستورية تمكّن من إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال هذا العام.
مبادرة الرئاسي
في مطلع ديسمبر الماضي، ووسط تعثر الحوار بين مجلسي النواب والدولة، أعلن المجلس الرئاسي مبادرة لحل الأزمة تنطلق عبر لقاء تشاوري بين المجالس الثلاثة، بالتنسيق مع المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، وتُهيّئ لحوار دستوري كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية، تُضمّن فيه المبادرات والأفكار والرؤى التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على المجلس الرئاسي.
المبادرة لاقت ترحيبا من البعثة الأممية ومن سفراء دول عربية وغربية، وحاول الرئاسي جمع الفرقاء على طاولة واحدة للمسارعة في إنجاز القاعدة الدستورية، وكان مجلس الدولة أوّلَ الرافضين للقاء غدامس الذي دعا إليه الرئاسي قبل أيام، بينما تكتّم مجلس النواب ولم يُبد جوابا.
ملتقى إسطنبول
بدعوة من “علي الصلابي” وبحضور عبدالحكيم بالحاج، انعقد “الملتقى الوطني التشاوري” في إسطنبول، وضم الملتقى عديد من الشخصيات السياسية ورؤساء أحزاب في البلاد، بينهم عماد البناني وأحمد معيتيق وعثمان مليقطة وعبدالحكيم بالحاج وعبدالحميد الكزة ومحمد المنتصر وعلي زيدان وعبد المجيد سيف النصر وعيسى عبد المجيد وعلي قدور وفيصل قرقاب وفتح الله السعيطي وعبد الله عثمان، وشخصيات أخرى.
الملتقى الذي جرى بين يومي 4 و 5 يناير الجاري، أكد في بيانه الختامي، على ضرورة مشاركة كافة أطياف الشعب الليبي في الحوار الوطني الجامع، والتأكيد على الثوابت الوطنية والانطلاق من خلالها، مطالبا بدعم المبعوث الأممي في استكمال خارطة الطريق وإنهاء الانقسام السياسي في المؤسسات، إلى جانب تشكيل لجنة للتواصل مع البعثة والأطراف الداخلية والخارجية، وعرض التوصيات التي خرج بها الملتقى الوطني في نظرته للحل السياسي في ليبيا.
عقيلة والمشري
الخصمان التقليديان في المشهد الليبي، يتقاربان كلّما لاح في الأفق حل قريب للازمة، ويتشاكسان ما دامت الأجواء هادئة ولا منغص عليهما.
فالمشري ومجلسه من قريب أعلنوا مقاطعة عقيلة ومجلسه، بعد انفراده بإصدار قانون يقضي بإنشاء محكمة دستورية في بنغازي.
ولم تمض إلا أيام حتى أعلن عقيلة والمشري رفع الحظر عن المفاوضات المكّوكية واستئنافها في المسارات الثلاثة “الدستوري” و “المناصب السيادية” و “السلطة التنفيذية”.
وفي غفلة من الرأي العام، التقى المشري وعقيلة في القاهرة، بعد رفضهما اللقاء في إحدى مدن البلاد، واتفقا تحت مظلة وساطة مصرية، ودون حضور البعثة الأممية، على ترتيب موعد، لم يُحدد بعدُ، للاتفاق على النقاط العالقة من القاعدة الدستوري الضروري للسماح بالانتخابات، وهو ما عدّه البعض نتيجة “مخيبة للآمال”.
واتفق المشري وعقيلة، في بيانهما المشترك، على طرح اللجنة المشتركة للمجلسين الوثيقة دستورية إلى المؤسستين للمصادقة عليها وفق الأنظمة المتبعة من كل جهة.
كما تضمن البيان الاتفاق على وضع خارطة طريق واضحة ومحددة يجري الإعلان عنها لاحقًا لاستكمال “جميع الإجراءات اللازمة لإكمال العملية الانتخابية، سواء فيما يتعلق بالقوانين أو فيما يتعلق بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات”، الفقرة التي من شأنها أن تشير إلى اتفاق محتمل على حكومة تنفيذية وحدوية جديدة.
عقدة
يدور الجدل في المسار الدستوري بين المجلسين على مادتين في شروط المترشح للرئاسة، وهما مزدوجو الجنسية والعسكريون، فمجلس الدولة يعارض بشدة توليهما، بينما يؤيد مجلس النواب ترشحهما للرئاسة.
البعثة الأممية
على الرغم من عدم حضورها ورعايتها للقاء القاهرة، إلا أنها لم تفوت الفرصة، وحثّت مجلسي النواب والدولة على الإسراع بالاتفاق على ترتيبات كاملة ونهائية ومحددة زمنياً لإجراء الانتخابات في العام الجاري 2023، مؤكدة أنه يجب على القادة السياسيين البناء على الاتفاقات السابقة للمجلسين لحل الأزمة السياسية بإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
الولايات المتحدة
وعقب بيان البعثة الأممية في ليبيا، أيّدت الولايات المتحدة الأمريكية بشدة دعوات المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، للتوصل إلى توافق وطني في ليبيا بشأن وضع جدول زمني واضح للانتخابات، مؤكدة أنه لا توجد طريقة أخرى لتأمين الاستقرار والسلام على المدى الطويل.
بعد هذه المبادرات والمؤتمرات.. هل يكون احتمال تنفيذ الانتخابات سهلا، وسط وجود حكومتين تسيطر كل منهما على أجزاء من البلاد؟