ناقش مجلس الأمن الدولي خلال جلسته الأخيرة الملف الليبي، في محاولة لإيجاد حلول للأزمة المستمرة التي تمر بها ليبيا على الصُّعد السياسية والأمنية والاقتصادية.
حيث تناول مجلس الأمن أبعاد الأزمة المعقدة في ليبيا؛ بحثا عن حلول لأزمة تشكيل حكومة موحدة، وإجراء الانتخابات، إلى جانب سحب المرتزقة والقوات الأجنبية، وإصلاح القطاع الاقتصادي وإدارة الثروات النفطية بشكل عادل.
وعقب جلسته حول ليبيا، أصدر مجلس الأمن قرارا أكد فيه “التزامه القوي بعملية سياسية شاملة للجميع”، مشدداً على أهمية تشكيل حكومة ليبية موحدة، تكون قادرة على ممارسة سلطاتها وتمثل جميع شرائح الشعب الليبي.
كما شدد المجلس على الملكية الليبية للعملية السياسية، على أن ترتكز هذه العملية على القوانين الانتخابية “المحدّثة”، والتي أقرتها اللجنة المشتركة 6+6، وقال المجلس إنها “ستُمكّن من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية حرة ونزيهة وشفافة، وشاملة للجميع في أنحاء ليبيا في أقرب وقت ممكن.”
وفي قراره الذي جدد فيه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، دعا المجلس “أصحاب المصلحة الرئيسيين في البلاد “على حل المسائل الخلافية المعلقة على الصعيد السياسي”، و”مضاعفة جهودهم لتسوية المسائل الخلافية السياسية المعلقة المتصلة بالانتخابات، من خلال حوار تُيسّره الأمم المتحدة،” لإجراء الانتخابات وإنهاء الفترة الانتقالية.
وتضمن القرار أيضاً إدانة للاشتباكات التي شهدتها مناطق متفرقة من البلاد، حيث أعرب مجلس الأمن عن قلقه إزاء الاشتباكات بين الجماعات المسلحة في طرابلس أغسطس الماضي، إلى جانب الاشتباكات التي وقعت في بنغازي في أوائل أكتوبر، الأمر الذي أسفر عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية.
وعلي الصعيد الاقتصادي، أشار مجلس الأمن إلى “أهمية الرقابة الليبية على المؤسسات الاقتصادية والمالية، وإدارة الإيرادات بطريقة شفافة وعادلة”، مقرا “بجهود اللجنة المالية العليا لإدارة الإنفاق العام،” والتي شكلها المجلس الرئاسي شهر يوليو الماضي.
كما أشار إلى الإعلان عن مواصلة توحيد مصرف ليبيا المركزي، مجددا تأكيد دور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في المســـاعدة على توحيد الترتيبات الاقتصادية للمؤسسات الليبية.
وعبر المجلس عن قلقه من انتشار الفساد وتدني مستويات المعيشة ونقص الخدمات الأساسية، وذلك عقب أيام قليلة من نشر ديوان المحاسبة لتقريره السنوي، الذي كشف فيه “تجاوزاً وتبديداً” للمال العام من قبل أطراف عدة بالبلاد، من بينها حكومة الوحدة الوطنية.
حيث كشف تقرير الديوان عن عمليات “اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية”، “والتوسع في إبرام عقود للتوريد”، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء السيارات الفارهة، فضلاً عن إقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج البلاد.
كما حث المجلس جميع الأطراف على “إنشاء وحدات عسكرية مشتركة لتأمين حدود ليبيا ودعم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر 2020،” وسحب المرتزقة والقوات الأجنبية، مشدداً على أنه “لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في ليبيا.”
بينما دعا مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء إلى احترام السيادة الليبية واستقلالها ووحدتها الترابية، في إشارة واضحة إلى دور بعض الدول الإقليمية والدولية في تفاقم الأزمة الليبية من خلال وكلائها على الأرض.
وفي ختام قراره، طالب أعضاء مجلس الأمن من الأمين العام أنطونيو غوتيريش أن يقدم كل ستين يوما تقريراً مفصلاً عن تقدم تنفيذ القرار، ومدى التزام الأطراف الليبية بما ورد فيه.
حيث ستمكن هذا الخطوة الدول الأعضاء تحديد الأطراف المعرقلة، والتحديات التي تواجه بعثة الأمم المتحدة في تنفيذ مهامها، بالإضافة إلى تقييم لمدى تحقيق التقدم على الصعيدين: السياسي والأمني في ليبيا.