تناولت صحيفة جون أفريك الفرنسية تقريرا، حول المساعي لإعادة النظام الملكي في ليبيا، في ظل الفوضى والانسداد السياسي بالبلاد منذ سقوط نظام القذافي عام 2011.
وبحسب التقرير فإن الفكرة لا يمكن الاستخفاف بها، وتعد نزوة عابرة للسياسيين في ليبيا، رغم افتقارهم إلى الأفكار، ما تعكس الفشل السياسي الواضح في البلاد، كما أشار التقرير إلى أن الاعتقاد السائد عند البعض، خاصة بين السلطات في طرابلس، التي لم توضحها حتى الآن، قد يكون إحدى الطرق الوحيدة لتوحيد البلاد، هي العودة إلى نظام الحكم الملكي.
الصحيفة الفرنسية، تحدثت خلال التقرير عن اتخاذ عدد كبير من المبادرات، من أجل العودة إلى النظام الملكي، إذ أن الجهات الداخلية في ليبيا، لا تمزح في هذه المقترحات، معتبرة الشخصية الملكية، بالنسبة إلى البعض، تمثل القاسم المشترك الذي يمكن إعادة بناء البلاد حوله.
كما تناول التقرير إن مؤيدي فكرة عودة الملكية إلى ليبيا، جادون في طرحها من خلال مثل هذه المبادرات، وبحسب الصحيفة فإن عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة راسلوا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بهدف دعمه هذه المبادرة.
وطالب أعضاء مجلس الدولة في مخاطبتهم إلى غوتيريش، عودة ولي العهد محمد الحسن الرضا السنوسي، حفيد إبن شقيق ملك ليبيا الأول والأخير، والذي يعيش في المنفى، وإعادة العمل بدستور عام 1951 بعد استقلال ليبيا.
كما تطرق التقرير الفرنسي، أن كل من طرابلس وبرقة، دفعوا ثمنا باهظا للحرب، من حيث الدمار الناجم عن قصف المحاور والحلفاء، لكن مع انتصار القوات البريطانية على نظيرتها الألمانية، فإن الوضع قد تغير.
أمير برقة
تناولت الصحيفة إعلان رئيس وزراء المملكة المتحدة سابقا، أنتوني إيدن، طلب إدريس السنوسي في 23 يناير 1942 استقلال ليبيا تحت حكم ملكي مسلم، مؤكدا حينها أن بريطانيا لن تسمح بعودة إيطاليا إلى برقة، وذلك بحسب المؤرخان فرانسوا بورغو وأندريه لاروند.
إدريس الأول
واستحضرت المجلة الفرنسية، تاريخ 7 أكتوبر 1951، حين أصدر رئيس المجلس الوطني التأسيسي دستور المملكة الليبية المتحدة، ورفعه إلى الملك إدريس السنوسي، بعدما نص “ليبيا دولة حرة ومستقلة وذات سيادة، والإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، وعلمها هو علم جمهورية مصراتة منذ العام 1920: ثلاثة أشرطة أفقية باللون الأحمر والأسود والأخضر، وعلى الشريط الأسود، المتساوي في عرض الشريطين الآخرين مجتمعين، هناك هلال أبيض يحيط بنجمة بيضاء خماسية”.
الحلقة الملكية
وفي العام 1951، بدأت الحلقة الملكية للسلالة السنوسية في ليبيا، الأمر الذي يشكل على الفور مشكلة للملك إدريس الأول، لأنه على الرغم من أنه متزوج من ابنة عمه منذ أكثر من 20 عاما، فإنه لا يوجد وريث في الأفق.
وفي العام 1956 أيضًا، استجاب لرغبة البرلمان، الذي أراد وريثًا ذكرًا في أسرع وقت ممكن، بالزواج مرة أخرى. ومن سوء الحظ أن الزواج الثاني كان عقيما أيضا، وأخيرا اختار الملك ابن أخيه، الأمير حسن رضا، خلفا له، في الوقت نفسه، غادر بنغازي وقصر غراتسياني السابق، ليقيم في طبرق، حيث عاش حياة منعزلة تقريبا.
زلزال سياسي
ووفق التقرير الفرنسي في العام 1963، حدث زلزال سياسي صغير بصدور دستور جديد، ألغى البنية الفدرالية، لجعل المملكة الليبية دولة موحدة، وفي هذه العملية، جرى وضع التعددية السياسية جانبا إلى أجل غير مسمى. وقد جرى تعليق المجالس الإقليمية والحكومات، والسبب وراء كل هذا يكمن في الاكتشاف غير المتوقع لرواسب نفطية واعدة، مما قلب الاقتصاد الليبي رأسا على عقب، لأن المكاسب غير المتوقعة من النفط والغاز لا تفيد الجميع. وأشار تقرير المجلة الفرنسية إلى سبتمبر 1961، وقتها جرى شن إضراب عام.
الدستور الجديد
وبحسب التقرير أن رد فعل السلطات كان شديدا باعتقالات وإدانات جماعية، إذ إن الدستور الجديد موجود على وجه التحديد لإسكات أي رغبة في الاحتجاج، ثم أصيب المجتمع الليبي بالشلل، في حين أن السياق الدولي، الذي يتسم بالتوترات المرتبطة بالحرب الباردة، لا يساعد بأي حال من الأحوال على حل هذه الصعوبات، حيث أدت حرب الأيام الستة، وتأثيرها على العالم العربي، إلى زيادة تشويه الوضع، واتجه الخمسة آلاف يهودي الذين ما زالوا يعيشون في ليبيا إلى المنفى. أضف إلى ذلك الدعاية الثورية الناصرية التي سيكون الشباب الليبي حساسا تجاهها للغاية، حيث تبدأ دورة المظاهرات والعقوبات الجهنمية.
الإطاحة بالنظام
واختتم التقرير أنه وفي 12 يوليو 1969، توجه إدريس الأول إلى تركيا، لتلقي العلاج، ولم يعد إلى مملكته أبدًا، وفي 31 أغسطس 1969، ودون قطرة دم واحدة تقريبا، أطاحت مجموعة من الضباط بالنظام الملكي، وبعد أربعة أشهر فقط، عرف العالم أسماء 12 ضابطا في مجلس القيادة الجديد للبلاد.
وبيّنت المجلة في تقريرها أن معمر القذافي، الذي تولى زمام البلاد، وغير نظامها من المملكة، وأوضحت أنه، قد ولد من ثورة ومات في ثورة، أما النظام الملكي، فهو لا يزال ينتظر وقته حتى الآن.