فبعد أن أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في 4 يوليو الجاري عن فتح سجل الناخبين، اقترحت المفوضية على مجلس النواب، زيادة أعداد الدوائر الانتخابية والمقاعد النيابية لتصبح 234 مقعدا بدلا عن 200 و32 دائرة انتخابية بدلا عن 13 دائرة.
وأثار هذا المقترح حفيظة بعض أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، موجهين اتهامات لرئيس المفوضية عماد السائح بخرقه للقوانين، وطالب بعضهم بضرورة إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية التي يعول عليها الكثيرون في الانتخابات المقررة ونجاحها.
وقالت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور نادية عمران، إن بنود الاتفاق السياسي واضحة في ضرورة توافق مجلسي النواب والأعلى للدولة بخصوص القوانين الانتخابية والمسار الدستوري.
أمر يدعو إلى التساؤل
وأشارت عمران إلى أن دعوة مفوضية الانتخابات لمجلس النواب إلى تشكيل لجنة مشتركة تضمّ مستشاري الانتخابات بالبعثة الأممية غير واضحة، مؤكدة أن صياغة قوانين انتخابية وإغفال القواعد الدستورية الحاكِمة التي ستستند إليها، يدعو للتساؤل عن خلفية هذه الدعوة.
وأوضحت عمران في تصريحها لفواصل، أن المفوضية جهة فنية تنفيذية لا علاقة لها بالتجاذبات السياسية، وليس من مهامها طلب إعداد القوانين، بل مهامها تنفيذ ما يرد إليها وإبداء الرأي الفني فيه.
وأضافت أن خروج المفوضية عن مهامها المناطة بها وتجاهلها الاتفاق السياسي، وعدم اعتدادها بمشروعِ الدستور ولا قانونِ الاستفتاء المسلم إليها منذ فبراير 2019، ولا مطالبةِ مجلس الدولة لها بتنفيذ عملية الاستفتاء مريب جدا، خاصة بعد دعوة مجلس الدولة النوابَ إلى الاجتماع للتوافق حول القاعدة الدستورية انطلاقا من مخرجات الغردقة.
وتابعت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور حديثها، محذرة من كل هذا التلاعب الذي يَصبُّ في مصلحة الساعين لضرب المسار الدستوري وزجّ ليبيا في مرحلة انتقالية أخرى، ورأت أنه أصبح من المفترض النظر بجدّية في إعادة تشكيل مجلس مفوضية الانتخابات.
خرقا واضحا
من جهة أخرى، اعتبر عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور إبراهيم البابا، أن مخاطبة رئيس المفوضية لمجلس النواب بوضع تشريعات لاختيار أعلى سلطة في الدولة وإدخال البعثة طرفا في إعداد مثل هذه القوانين، يعد خرقا واضحا لسيادة الدولة الليبية.
ورأى البابا لفواصل، أن مفوضية الانتخابات أصبحت برئاسة عماد السائح تعمل سلطةً رابعة، رغم أن المفوضية عبارة عن هيئة ذات وظيفة محددة وخاضعة لرقابة السلطة التشريعية، مضيفا أنها فقدت حيادها ولا يمكن الحديث حول أي انتخابات نزيهة في ليبيا تدار عن طريقها.
واتهم البابا عماد السائح بالعمل على ضرب المسار الدستوري من خلال رفضه الاستفتاء على مشروع الدستور والذهاب إلى انتخابات وفق قاعدة دستورية غير شرعية وغير متوازنة تنتج سلطة دون ضمانات لرقابتها أو حتى انقلابها على المسار السياسي برمته، وأنه النهج نفسه الذي انتهجته البعثة الأممية.
وطرح هذه المقترح العديد من التساؤلات حوله وما الهدف من هذا التعديل، إضافة إلى تأثيره على المسار الدستوري وتداعياته على المشهد الليبي في ظل استمرار الأزمة السياسية حول القاعدة الدستورية والانتخابات المزمع عقدها في 24 ديسمبر الماضي.