‏من ضحايا البحر إلى أيادي الرحمة.. قصة متطوعة في ‎الهلال الأحمر مع فريق انتشال الجثث

يقول المثل: “كن متطوعًا ليكون وجودك في هذه الحياة أجمل”.. بهذا المثل سلكت هدى سويري طريق الإنسانية، منذ التسعينيات عندما كانت شابة في مقتبل العمر، حين انضمت بطلة قصتنا إلى جميعة الهلال الأحمر فرع ‎صبراتة، واهبةً وقتها وصحتها وفكرها لهذا الوطن ومن عليه.

تحدثت منصة فواصل إلى هذه المرأة المتفردة في محيطها، فحكت لنا بداياتها وإيمانها بأن العمل التطوعي قيمة إنسانية لا فرق فيها بين رجل وامرأة، بل ذهبت بإنسانيتها إلى أبعد من ذلك، ففكرت في كل امرأة قد تكون يومًا ما في حاجة إلى فريق إنقاذ أو نجدة وهي على قيد الحياة، فمن ينقذها يا ترى ويحفظ كرامتها؟ واحتار ضميرها على ضحايا الكوارث الطبيعية والأزمات والغرقى، من يسترهم إذا لفظتهم الأمواج الهائجة وقد نال منهم البحر ومن فيه. فانضمت إلى فريق انتشال الجثث في جمعية الهلال الأحمر عام 2022.

‎هدى سويري، ذات الـ48 ربيعًا، كانت بطلة قصة مؤلمة، فقد انتشلت هي وفريق أبطال التطوع في الهلال الأحمر 22 جثة لمهاجرين غير نظاميين، رمت بهم الأمواج على شاطئ صبراتة. هدى وأصدقاؤها الذين استجابوا لنداء ضمير الإنسانية والكرامة، يهبون من أوقاتهم وصحتهم خدمةً للإنسانية.

منذ التحاقها بفريق انتشال الجثث في الهلال الأحمر، انتشلت هدى 45 جثة، حيث كان ضميرها يقودها في كل مرة إلى ستر جثث النساء اللاتي يلفظهن البحر بملابس أحيانًا ودونها أحيانًا أخرى، أجسادا كاملة مرات، ومنقوصة مرات أخرى.

تقول هدى لفواصل: “من يستر المرأة التي لقيت مصيرها في البحر ولفظها؟

النساء ضحايا قوارب الموت أو ضحايا الكوارث الطبيعية والحرائق وغيرها، هاجس يشغل بال هدى بشكل مستمر.

عندما حدثتنا عن انتقادات من نساء لم يحبذن ما تقوم به، على اعتبار أنها الوحيدة ضمن فريق رجال تعمل على انتشال الجثث، بدت لنا مؤمنة تمام الإيمان أنها تقوم بدور إنساني نسائي، لا يمكن أن يقوم به الرجل. فلم تكن صامدة في وجه هذه الانتقادات فحسب، بل كانت تشجع النساء على التطوع بصفة عامة وفي فرق الانتشال بصفة خاصة.

“أذكر أن أول عمل في انتشال الجثث، كان في عيد الأضحى قبل سنتين”، تقول هدى وكأنها تستحضر تلك اللحظات التي اختلط فيها حزنها عن الضحايا وفخرها بنفسها.

تؤكد بطلة قصتنا، أن عناصر فريق انتشال الجثث كانوا داعمين لانضمامها، وعلى رأسهم مدير الفرع الذي شجعها وحثها على ذلك.

وعن صعوبات العمل، لم نجد هدى تشتكي من تعب أو روائح الجثث ولا تلك المناظر والصور المرعبة والتي ستظل راسخة في مخيلتها، فقد سجلت بكل حسرة نقص بعض المعدات الطبية والألبسة الخاصة بعملية الانتشال.

هدى، بطلة قصة إيمان بالإنسانية، ونموذج يحتذى به في الشجاعة والإخلاص والمثابرة، ملهمة للنساء بعزيمتها وإصرارها.

أخبار ذات صلة

المقريف والسفير الإيطالي يناقشان إدراج اللغة الإيطالية في المدارس الليبية كلغة اختيارية

تركة فاغنر.. هل “فيلق إفريقيا” الروسي سيجعل ليبيا قاعدته؟

مدير مركز البيضاء الطبي ينفي شائعات مضاعفات التطعيمات في الجبل الأخضر