شهدت العاصمة الإثيوبية، اليوم الجمعة، توقيع ميثاق مصالحة بين الأطراف الليبية، برعاية الاتحاد الأفريقي، فيما امتنعت بعض الأطراف عن التوقيع، تحفظًا على بعض ما ورد في الميثاق.
الموقعون والممتنعون
وقع على ميثاق المصالحة كل من المجلس الرئاسي، وفريق سيف الإسلام القذافي، وممثلين عن مجلسي النواب والدولة، في حين امتنع عن التوقيع رئيس حكومة الوحدة ونجل حفتر، الصديق. ولم يبديا حتى الساعة أي رد فعل معلن على الحدث.
لوم وعتاب
من جانبه، حمّل النائب بالمجلس الرئاسي، موسى الكوني، القيادات السياسية في الشرق والغرب مسؤولية عدم توقيعهم على ميثاق المصالحة اليوم في أديس أبابا.
فرصة للصلح
بدوره، قال الرئيس السابق لاتحاد طلاب وشباب المغرب العربي، عمر أبو شريدة، الذي شارك في التوقيع على الميثاق ممثلًا عن سيف الإسلام القذافي، إنه لا يوجد مبرر واحد لمقاطعة بعض الأطراف الليبية التوقيع على ميثاق المصالحة الوطنية في أديس أبابا، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
واعتبر أبو شريدة أن الممتنعين عن التوقيع لا يبالون بمعاناة الناس وجراحهم، ولا بالخطر المحدق بوحدة الوطن، ولا بالصراع بين القوى الدولية عليه، فضلًا عن تواجد المرتزقة والقواعد الأجنبية. وتساءل: “أليس هذا كافيًا لنتعالى على جراحنا وننجز مصالحة وطنية تنقذ ما تبقى من وطن؟”
بنود الميثاق
استنادًا إلى التوافق الوطني الذي أُعلن عنه في مدينة الزنتان يوم 28 يناير 2025، وما سبقه من أعمال اللجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية في برازافيل وبنغازي وسبها وزوارة والزنتان، إلى جانب المبادرات الأهلية، أصدر الاتحاد الأفريقي ميثاق السلم والمصالحة والمبادرات الأهلية.
وتضمن الميثاق سبعة أهداف رئيسية، منها: إعلاء قيم التسامح، وفتح الباب لجبر الضرر وإعادة الحقوق، ورأب الصدع، وإعادة كتابة التاريخ السياسي لليبيا، وتحقيق التنمية، والإعداد للانتخابات.
كما شدد الميثاق على ثمانية مبادئ، أبرزها: عدم الإقصاء، ونبذ العنف، ونبذ الكراهية، والتأكيد على حق الليبيين في ثرواتهم، وإصلاح ذات البين، وربط المصالحة بالوفاق السياسي، ووقف كافة الملاحقات والمحاكمات، وآخرها الإقرار بطبيعة المصالحة ونفسها الطويل.
وتضمن الفصل الثالث المصالحة والعدالة الانتقالية. والفصل الرابع: المصالحة ودولة القانون. والفصل الخامس: المصالحة والأمن الليبي. يليه فصل المصالحة والاقتصاد. ثم المصالحة ودور الثقافة والعلوم. فالمصالحة والإعلام. وختم بالمصالحة والتضامن الدولي.
الرئاسي والميثاق
اشترط المجلس الرئاسي قبوله بميثاق المصالحة والتوقيع عليه بإجراء تعديلات على النسخة الأولى، بدأت بملاحظاته عن الجيش، ودوره، وشروط ذلك، وتوحيده، ومهنيته، وتبعيته للسلطة المدنية، ومفهوم الأمن القومي، إلى حماية الحدود والمنافذ والموارد من الاستهداف كضمان للسيادة.
كما تضمنت التعديلات ربط المصالحة بمفهوم العدالة الانتقالية وفقًا للقانون الدولي، مع مراعاة الخصوصية الليبية الإسلامية، والأعراف، والتجربة السنوسية، إلى جانب محاربة الفساد، والإصلاح المؤسسي، وجبر الضرر، وحماية حقوق الإنسان كأساس لأي مصالحة حقيقية.
وأكد المجلس الرئاسي ضرورة خضوع جميع القضايا للقضاء الليبي، لضمان عدم الإفلات من العقاب، وهو ما يتطلب توحيد الجهاز القضائي بكل درجاته وهيئاته، مع فرض سلطته الفعلية على كافة الأراضي الليبية، لمنع أي تدخل قضائي أجنبي أو دولي.
وفيما يخص المصالحة والاقتصاد، شدد المجلس الرئاسي على ضرورة تحقيق العدالة في توزيع الثروة، إلى جانب الشفافية والمراجعة والمحاسبة.
كما أكد على مرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه، ومخرجات جنيف، كأساس لتنفيذ المصالحة عبر تشكيل مفوضية للمصالحة، وتنظيم مؤتمر عام يمثل الليبيين بشكل حقيقي، إلى جانب الإسراع في إنجاز دستور مستفتى عليه، وتوحيد الحكومة كخطوة أساسية لإجراء الانتخابات، في إطار توحيد كافة المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية.
المآلات
ويبقى السؤال: ما هي مآلات امتناع بعض الأطراف الفاعلة في الساحة الليبية عن التوقيع على ميثاق المصالحة؟ وهل ستلقى هذه المبادرة مصير الاتفاقات السابقة، التي رعاها المجتمع الدولي، بدءًا من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، وصولًا إلى اتفاق جنيف؟