نوايا تركيا العسكرية  في ليبيا: حماية مصالح أم  رغبة في الهيمنة على شرق المتوسط؟

تواترت مؤخرا الأنشطة العسكرية التركية بين أنقرة وطرابلس، كان آخرها تدريبات جوية قبالة السواحل الليبية بوساطة الفرقاطات نظمها الجيش التركي لعناصره المنتشرين على السواحل الليبية، وقبلها احتضنت وزارة الدفاع التركي تدريبات وتمارين برمائية شاركت فيها قيادة الأركان في طرابلس إلى جانب 35 دولة.

 

وتثير هذه التدريبات العسكرية المشتركة بين البلدين، وتحركات البحرية التركية قبالة السواحل الليبية، التساؤلات مجددا عن عمق التعاون العسكري بين الطرفين وخلفية الحضور العسكري التركي في ليبيا، وأهدافه المرحلية والاستراتيجية.

 

استراتيجية المراحل

ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم تدريبات وتمارين عسكرية في البحر والبر والجو بين الطرفين يشرف عليها ويسيرها الجانب التركي. فقد عمدت أنقرة منذ بداية حضورها العسكري في ليبيا، وتحديدا في طرابلس، سنة 2019، عبر الاتفاقية الأمنية والاقتصادية التي وقعتها مع حكومة فايز السراج لتحديد الصلاحيات البحرية بمنطقة المتوسط، وطلبت حكومة الوفاق وقتها التدخل التركي للمساعدة على التصدي لتوغل قوات القيادة العامة خليفة حفتر في طرابلس، عمدت إلى توسيع حضورها من خلال إنشاء قواعد عسكرية بحرية وجوية وتنظيم مناورات عسكرية مشتركة وتدريب لقوات الجيش الليبي على شتى صنوف القتال.

 

كما تم في هذا السياق عقد اتفاقيات ومذكرات تفاهم تكميلية في أكتوبر 2022 لتنفيذ بنود الاتفاقية السابقة والشروع في التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية قبالة السواحل الليبية مع رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة.

 

وفي شهر مارس 2024، وقّع رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، خلال لقائه وزير الدفاع الوطني التركي “ياشار غولر” بمدينة أنطاليا التركية مذكرة تفاهم حول المجالات العسكرية ورفع كفاءة وحدات الجيش الليبي من خلال البرامج التدريبية النوعية.

 

وتقوم الاستراتيجية العسكرية والجيوسياسية لأنقرة في ليبيا على محورين رئيسيين:

1- حماية مصالحها التجارية والنفطية من المعارضين للاتفاقيات داخل ليبيا وخارجها.

 

2- تأمين حضورها الاستراتيجي في شرق البحر الأبيض المتوسط في مواجهة التحالف البحري المصري اليوناني القبرصي الجنوبي.

 

3 – موازنة الرعب مع تهديدات التمدد العسكري الروسي في دول الساحل والشرق الليبي.

 

وفي هذا السياق، تتنزل الاتفاقيات الأمنية والعسكرية التي عقدتها تركيا مع حكومة الوحدة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، وتنظيمها للتدريبات والمناورات العسكرية مع قيادة الأركان في طرابلس، وتطوير سلاح الجو الحربي للجيش الليبي.

 

جدير بالذكر، أن البرلمان التركي أقر السنة الماضية تمديد مهمة الجيش التركي في ليبيا سنتين إضافيتين، مما يطرح عدة تساؤلات حول الغايات التي تسعى أنقرة لتحقيقها في ليبيا من حيث الخلفيات والسياقات التي تتنزل فيها.

 

الجيش الليبي

يعتبر تطوير جهوزية رئاسة الأركان من أولويات حكومة الوحدة في طرابلس، خصوصا عقب حرب 2019 والتهديدات المحتملة للمجموعات المسلحة الخارجة عن القانون وشبكات تهريب البشر والمخدرات والتنظيمات الإرهابية التي تنشط في بلدان الساحل وجنوب الصحراء.

 

في هذا السياق الأمني غير المريح، وقّع رئيس حكومة الوحدة في مارس 2024، خلال لقائه وزير الدفاع الوطني التركي، ياشار غولر، بمدينة أنطاليا، توقيع مذكرة تفاهم حول المجالات العسكرية ورفع كفاءة وحدات الجيش الليبي من خلال البرامج التدريبية النوعية.

 

وقد أكّد الدبيبة حينها على الأهمية الكبرى للتعاون العسكري بين البلدين من خلال تنفيذ البرامج التدريبية المتطورة للرفع من كفاءة منتسبي الجيش الليبي.

 

بدوره اعتبر غولر خلال اللقاء، الذي وصفه خبراء في المنطقة بالمهم، أنه من الضروري مواصلة التنسيق والتعاون العسكري بين الجانبين.

وتقوم فرق التدريب التابعة للجيش التركي منذ أكثر من 3 أعوام بتدريب أفواج عسكرية وأمنية من الجيش الليبي، في قواعد عسكرية بغرب البلاد، على خوض الحروب واستعمال مختلف أنواع الأسلحة والقتال في حرب الشوارع واقتحام المدن وتحرير الرهائن وحماية كبار الشخصيات.

 

وتشير تقارير إلى أن القوات التركية ونظيرتها الليبية نفذت مناورات عسكرية بحرية مشتركة قبالة سواحل غرب ليبيا عدة مرات، فيما سبق وأن مدد البرلمان التركي مهمة القوات التركية في ليبيا بطلب من الرئيس أردوغان.

 

هذا ويرى رئيس الأركان الأسبق، يوسف المنقوش، في تصريحات إعلامية، أن القوات العسكرية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية تطورت كثيرا بفعل الخبراء الأتراك، حتى وصل الأمر إلى مشاركة بعض تلك القوات في مناورات تابعة لحلف شمال الأطلسي في تركيا سنة 2022 إلى جانب 35 دولة.

 

إلى ذلك، يشير تقرير لمجلة أتالايار ATALAYAR الإسبانية إلى أن برنامج التعاون العسكري بين البلدين يهدف إلى تطوير قدرات الجيش الليبي وتحويله إلى جيش نظامي بمعايير عالمية.

ولفتت الصحيفة إلى أن مهمة المستشارين الأتراك المشرفين على التدريبات هي تقديم المساعدة اللوجستية بهدف إعادة هيكلة الجيش الليبي ليصبح قوة نظامية على غرار النموذج الذي يتم تطبيقه في أذربيجان سنة 1993.

وقد ساعد الأتراك في تأسيس سلاح الجو الليبي في عهد المملكة سنة 1963، بقيادة المقدم الهادي الحسومي خريج كلية الطيران التركية.

ويرى محللون أن الاستثمار العسكري التركي في تطوير الخبرات العسكرية لعناصر الجيش في طرابلس هو استثمار تكتيكي واستراتيجي عندما يتعلق الأمر بتأمين أنقرة لمصالحها الاقتصادية والتجارية في ليبيا أو عند القيام بتحركات عسكرية إقليمية شمال وشرق السواحل الليبية، في اتجاه فرض واقع موازين قوى جديدة يخول لتركيا النفاذ بحرية أكثر لمصادر الطاقة والملاحة البحرية في هذه المنطقة من العالم.

 

تأمين مصالحها

تسعى أنقرة إلى تعزيز حضورها في ليبيا وتأمين عقود البناء وإعادة الإعمار، هذا بالإضافة إلى سعيها لتفعيل اتفاقيات التنقيب عن النفط والغاز قبالة السواحل الليبية التي حصلت عليها بفضل اتفاقية سنة 2019 والاتفاقيات التنفيذية والتكميلية 2022، 2023، 2024، على الرغم من صدور قرارات قضائية بإبطال الاتفاقية في مناسبتين يناير 2023 وأبريل 2024 على إثر طعن قدمه 5 محامين في القضاء الإداري ضد تفعيل الاتفاقية.

 

وتبلغ قيمة الصادرات التركية التجارية إلى ليبيا قرابة 4 مليار دولار سنويا، بحسب رئيس مجلس الأعمال التركي – الليبي، مرتضى قرنفل، بعد أن وصلت قيمة المبادلات التجارية بين البلدين قبل سنة 2011 لــ 96 مليار دولار، مشيرا إلى وجود إمكانيات استثمارية تقارب 15 مليار دولار تنتظر رجال الأعمال الأتراك في ليبيا.

وتتطلب هذه المبادلات التجارية التركية الليبية والاتفاقيات المبرمة حول الاستثمارات في الطاقة الحماية والتأمين في بلد لم يشف تماما من جراحه، ولا تزال التهديدات الأمنية تقرع أبوابه شرقا وجنوبا.

كما أن اتفاقيات البترول والغاز التي وقعتها حكومة طرابلس مع تركيا لن تحظى بالمشروعية الكاملة إذا لم تكن لديها مقبولية لدى القيادة العامة وحكومة الشرق الليبي.

وجاء في الاتفاقية الاقتصادية والأمنية بين البلدين أن الهدف الأساسي من إرسال قوات تركية إلى ليبيا هو “حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية، التي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا”.

وبحسب تقديرات للمواقف، فإن الاتفاقيات المتعلقة بالأمن والغاز جاءت في التوقيت الصحيح – وإن لم يتم تفعيل اتفاقية النفط والغاز لحد الآن بسبب قرارات الإبطال القضائية- لأنها استراتيجيا ستخدم أهداف تركيا في البحر المتوسط  وفي نفس الوقت توفر الحماية لشريكها الاستراتيجي في الغرب الليبي من التهديدات الوجودية التي كانت قائمة في الـ2019 والتهديدات العسكرية والأمنية المحتملة من شرق وجنوب البلاد.

 

ومع الاهتمام الدولي المتزايد بالحرب الروسية الأوكرانية، قامت أنقرة ببناء الثقة مع اللاعبين الليبيين من خلال الاتفاقيات التي أبرمتها تركيا مع حكومة طرابلس، وحفاظها على صلة وصل معقولة مع بنغازي (استثمارات، تبادل للزيارات الدبلوماسية…)، في ظل عدم الاهتمام الأمريكي الكافي بما يحدث في ليبيا، واكتفاء فرنسا بالتركيز على مصالحها الاقتصادية وملفات الطاقة عبر شركاتها المستثمرة في قطاع النفط بليبيا أهمها شركة توتال للطاقة.

 

شرق المتوسط

تسعى تركيا نحو تذليل العقبات أمام عمليات التنقيب على الغاز والنفط قبالة السواحل الليبية، خصوصا بعد إمضاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي فتحت لها نافذة استراتيجية للزيادة في استثماراتها الطاقية، وذلك تزامنا مع اكتشافات الغاز الكبرى داخل المياه الإقليمية لشرق المتوسط (قبرص، تركيا، مصر، فلسطين المحتلة، لبنان).

 

وقدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية كامل مخزون الغاز في البحر الأبيض المتوسط بنحو 122 تريليون قدم مكعبة، بما في ذلك الحقول الواقعة في المياه الإقليمية للدول المتوسطية.

 

وتشير تقديرات الخبراء إلى أن ما يمتلكه حوض المتوسط من حقول تضم مخزونا هائلا من الغاز يجعل منه كنزا استراتيجيا لبلدان المنطقة، وفي نفس الوقت سببا للصراعات والخلافات بينها، خصوصا في النقاط الحدودية البحرية لدول اليونان/تركيا من جهة بحر إيجا، واليونان/ليبيا من جهة جزيرة كريت، وفلسطين المحتلة ولبنان ومصر في شرق المتوسط.

 

تتنازع تركيا واليونان، العضوان في الحلف الأطلسي، على وسائل الهيمنة شرق المتوسط. كما يجمعهما تاريخ من العلاقات المتوترة، حول تقاسم احتياطيات ضخمة من الغاز المكتشفة في السنوات الأخيرة في شرق البحر المتوسط.

 

في هذا السياق، اعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان،  “أن محاولات الاستيلاء على ثروات البحر المتوسط، التي تخص جميع البلدان المطلة عليه، هي مثال على الاستعمار الجديد”.

 

وترتبط ليبيا مع تركيا في حدود الجرف القاري بالعلامات إف إي FــــE ، وهي حدود بحرية تفصل مناطق الاستثمار الاقتصادية الخالصة فوق وتحت البحر لكلتا الدولتين، ولا يمكن لإحداهما تجاوز حدود الدولة الأخرى للاستفادة من ثروات منطقتها الاقتصادية الخالصة إلا باتفاقيات دولية بين البلدين مثلما حصل بين تركيا وليبيا في اتفاقات في الــ2019، وإلا يصبح تعديا على حقوق الدولة التي تم اختراق جرفها القاري دون اتفاقية مسبقة أو ترسيم حدود بحري دولي معترف به بين البلدين، مثلما تفعل اليونان حاليا جنوب جزيرة كريت من تحركات بحرية داخل المنطقة البحرية الحدودية مع جارتها الجنوبية ليبيا.

 

يذكر في هذا السياق أن اليونان تعاقدت مع شركات دولية أهمها إكسون موبيل الأمريكية Exxon mobil  للبدء في استكشاف النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها جنوب وجنوب غربي جزيرة كريت، حيث وصفت ليبيا هذا العمل بـ”التصرفات غير المسؤولة”، متهمة أثينا باستغلال الأزمة الليبية لفرض الأمر الواقع، في تحديد الحدود البحرية الليبية اليونانية.

 

ما يعتبر مصدر إزعاج آخر لأثينا هو أن تحصل ليبيا على حقوقها في الاستكشافات النفطية جنوب جزيرة كريت من خلال الاتفاقيات الدولية التي عقدتها مع تركيا.

 

جدير بالذكر أنه بفضل التوقيع على الاتفاقيتين مع تركيا، أضافت ليبيا 16 ألفا و700 كيلو متر مربع إلى منطقة سيطرتها البحرية جنوب جزيرة كريت مقارنة بشروط اتفاقها مع اليونان.

 

وعبّر رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، للسفير اليوناني في طرابلس عن عدم رضاه للتحركات اليونانية الأخيرة للتنقيب عن النفط جنوب جزيرة كريت قبل ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

 

وعلى الرغم من أن هنالك من يعتبر أن الاحتجاج الذي قدمه الدبيبة جاء بإيعاز من أنقرة في سياق صراعها الشامل مع أثينا حول حقول النفط والغاز والاستثمارات شرق المتوسط، إلا أن المسألة مطروحة على طاولة المسؤولين الليبيين، ومن غير المستبعد أن يجري حولها تنسيق بين البلدين مسقبلا.

 

إلى ذلك، عبرت بعض الدول الإقليمية مثل اليونان ودولة الاحتلال الإسرائيلي وقبرص اليونانية ومصر عن عدم رضاها عن الاتفاقية البحرية الليبية التركية بما أنها وسعت مجال الاستثمار أمام الأتراك في مناطق شرق المتوسط.

 

كما أدت لخلط الأوراق في علاقة بالاستثمارات المتعلقة بالتنقيب عن الغاز في مناطق التماس الحدودي البحري بين اليونان وتركيا وليبيا، وتعديل التوازنات العسكرية في منطقة المتوسط بفضل الاتفاقية الأمنية والبحرية التي أبرمتها تركيا مع حكومة الوفاق سنة 2019، والتي أعطت الفرصة للأتراك لمزيد التمدد عسكريا وتأمين مواقع وممرات بحرية جديدة، مما يساعد أنقرة على فرض هيمنتها على المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

 

يمكن الاستنتاج في هذا السياق، أن تركيا ليست في منطق الاستيلاء على الأراضي ولكن تريد الحفاظ على مصالحها في المنطقة بعد أن أدركت أنها دولة محورية بحجمها وعدد سكانها وموقعها الجغرافي، ما يجعلها لاعبا رئيسيا في جميع القضايا الجيوسياسية في البحر الأبيض المتوسط.

 

ومن الناحية الجيوسياسية، لا تريد اليونان أن يقطع ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية مساراتها نحو شرق المتوسط، ولا تريد أن يشكل اتفاق أنقرة مع طرابلس سابقة لدول أخرى.

 

معادلة الرعب

تحت شعار “مواجهة الغرب أينما كان”، وفي إطار نقل معاركها مع الناتو والأوروبيين من أوكرانيا إلى مناطق أخرى تعتبر “رخوة” بالنسبة للغرب، تبني روسيا أحد محاور استراتيجيتها العسكرية الخارجية، وتحديدا في دول منطقة الساحل الأفريقي (تشاد والنيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان ومالي)، بالاعتماد على مجموعة فاغنر (منظمة روسية شبه عسكرية شبه رسمية) التي أصبحت تعرف مؤخرا بـ”الفيلق الإفريقي” Africain Corps.

 

وتتمركز القوات الروسية بشكل شبه منظم في ميناء بورت سودان على سواحل البحر الأحمر وميناء طبرق الليبي على سواحل المتوسط، والذي يعتبر أهم حضور عسكري واستراتيجي للروس في شمال أفريقيا.

وقدمت روسيا عبر منظمة فاغنر المساعدات الأمنية، وكذلك القوات العسكرية والأسلحة والتدريب والاستشارات السياسية، للحكومات المحلية، وفي المقابل تستفيد من عائدات الصناعات المحلية والموارد الطبيعية.

 

وحسب تقارير إعلامية، يتيح الوجود الروسي في موانئ رئيسية بأفريقيا، سواء المطلة على البحر الأحمر، مثل مدينة بورت سودان، أو على البحر المتوسط، كما هو الحال في ميناء طبرق الليبي، يتيح لموسكو عرقلة الممرات البحرية لـ”ناتو” في شرق ووسط البحر المتوسط، وإنشاء تمركزات ساحلية تدعم عبور وانتقال الطائرات الروسية، بما في ذلك العسكرية.

 

هذا بالإضافة إلى أن النفوذ المتصاعد لموسكو في الشرق الليبي ومنطقة الساحل يتيح لها إمكانية التدخل في المسالك الرئيسية للهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر في أفريقيا، بالرغم من أنه لم يتم إثبات ذلك بشكل قطعي. وتلعب مدينة الجفرة (جنوب وسط) دورًا محوريا في التحشيد العسكري الروسي والتحكم في تدفقات الهجرة وأنشطة التهريب والاتجار بالبشر، وفق الموقع الاستقصائي الدولي “كل العيون على فاغنر”  All Eyes On Wagner.

 

 

بالمقابل تسعى تركيا للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية جنوب المتوسط وشمال أفريقيا بدعمها لحكومات حليفة كما هو الحال في الغرب الليبي، أو المساهمة في وصول حكومات موالية لتعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة، هذا بالإضافة لطموحاتها الاستراتيجية شرق أفريقيا ومدن الساحل. لكن الوجود الروسي في دول أفريقيا جنوب الصحراء وسواحل المتوسط عبر ميناء طبرق الليبي وقاعدة أحميميم الجوية بساحل اللاذقية السوري يشكّل تهديدا عسكريا محتملا للوجود العسكري والمصالح التركية في طرابلس والسواحل الشمالية لليبيا، خصوصا وأن روسيا بوتين لم تتجاوز لحد الآن عقدة طائرات بيرقدار التي حسمت حرب 2019 التي شنها خليفة حفتر على طرابلس بترسانة عسكرية مدعمة بالأسلحة الروسية.

 

وعلاوة على اللقاءات الفنية والتنسيقة حول محور الأمن في ليبيا التي يجريها الأوروبيون والأمريكان مؤخرا، هنالك نقاشات بين المسؤولين الأوروبيين وداخل أروقة الناتو لتحديد استراتيجية إقليمية لمواجهة   التغلغل العسكري الروسي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

 

ولن يكون لعملية احتواء النفوذ الروسي فعالية، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إلا من خلال التفرغ لتسوية النزاع في ليبيا وفقا للقوانين الدولية والخروج بنتيجة رابح-رابح بين مختلف الأطراف بما فيها الأعضاء الفاعلين في الحلف ( الولايات المتحدة، تركيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا )،  وباحتواء خلافاته “و لو مؤقتا”، والمقصود هنا الخلاف التركي اليوناني حول التنقيب عن الغاز والنفط جنوب وشرق المتوسط، وذلك بإقناع جميع الشركاء الإقليميين أن بإمكانهم أن يجنوا فوائد اكتشافات الطاقة في المنطقة عبر التقاسم العادل لإيراداتها. وذلك من أجل توفير جهود الدول الأعضاء في الناتو نحو الخطر الأكبر بالنسبة لهم وهو تمدد نفوذ الدب الروسي الذي بات يقرع أبواب الناتو الجنوبية.

أخبار ذات صلة

جافيتو تقدم اعتذارها عن تولي مهمتها كسفيرة للولايات المتحدة لدى ليبيا

استئناف إنتاج النفط في ليبيا بدءا من الغد بعد توقفه شهرًا

الغارديان: المنفي يؤكد وجود 3 أهداف رئيسية لاتفاق المركزي