اختتمت اليوم في العاصمة طرابلس فعاليات قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد 2024 التي عقدت في فندق ريكسوس، والتي كان من المفترض أن تشكل حدثاً اقتصادياً كبيراً في مجالي النفط والغاز، إلا أن الخلافات السياسية الداخلية ألقت بظلالها على القمة مما أثّر سلباً على مستوى الحضور والمشاركة، على الرغم من جهود التنظيم الواضحة للقمة.
وكان من المقرر أن تشهد القمة توقيع اتفاقية تطوير الاستكشافات النفطية والغازية في القطعة NC7 بحوض الحمادة، بين المؤسسة الوطنية للنفط وائتلاف شركات إيني الإيطالية وأدنوك الإماراتية وتوتال الفرنسية، إلا أن الحكومة برئاسة عبد الحميد الدبيبة اضطرت لإيقاف هذه الخطوة بسبب اعتراضات جهات تشريعية ورقابية في ليبيا إلى جانب وزارة النفط والغاز.
فإلى جانب عدم حضور الشركاء الرئيسيين لقمة الطاقة؛ رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلونى والرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية باتريك بوياني، والمدير التنفيذي لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكلزي، تغيب كل من محافظ المصرف المركزي الصديق عمر الكبير ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك عن القمة.
من جهة أخرى، حضر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية عبد الله قادر بوه، مما يعكس التقارب بين الطرفين على حساب انقسام سياسي مع المصرف المركزي وديوان المحاسبة على الطرف الآخر.
كما ظهرت المؤسسة الوطنية للنفط في موقف المتفرج على هذا الانقسام، فبعد أن عُين فرحات بن قدارة رئيسا للمؤسسة، في صفقة توافق بين معسكري الشرق والغرب، انقسم معسكر الغرب على نفسه ما يُنبي بفقدان المؤسسة لقدرتها على العمل كطرف محايد بسبب هذا التحول في طبيعة الخلافات.
كما يُعتقد أن استمرار إغلاق حقل الشرارة النفطي يلقي بظلاله السلبية على أهداف القمة وقطاع الاستثمار في ليبيا ككل، خاصة في ظل الانقسام السياسي الراهن، حيث أدى إيقاف حقل الشرارة إلى فُقدان ليبيا لربع إيراداتها المالية من تصدير النفط وأضر بمعدات ومحطات الحقل، حسبما أكد مصدر مسؤول بقطاع النفط لفواصل.
وأكد الدبيبة في كلمة افتتاحية، دعم حكومته لقطاع النفط والطاقة ووضعها خططا لمضاعفة إنتاج النفط والغاز والاستكشاف، مشددا على سعي الحكومة لخلق البرامج المهمة وإنعاش الاقتصاد الوطني وحل الصعوبات التي تواجه التنمية في مجال النفط والغاز.
وعقد رئيس الوزراء على هامش القمة، عددا من اللقاءات مع رؤساء شركات نفطية كبرى ممثلة عن دول تركيا و إيطاليا و إسبانيا وفرنسا، ومنها إيني وريبسول وتوتال ووأويل إنفست وBGN، لبحث مجالات تطوير التعاون في استكشاف النفط واستثمار إمكانات ليبيا في مجال الطاقة.
بدوره أوضح فرحات بن قدارة أن صناعة النفط والغاز تواجه صعوبات كثيرة، تتطلب تعاونًا بين مؤسسات الدولة والقطاعين الخاصين الوطني والأجنبي، مشددًا على أن الهدف هو رفع الإنتاج إلى مليوني برميل يوميًا، وهو مرتبط بتطوير الشراكات مع الشركات الأجنبية.
وقال إن المؤسسة قامت بتنظيف ما يقارب 14 ألف طن من النفايات النفطية، مؤكدًا أن رسالتهم للشعب الليبي أنهم لن يقصروا تجاه مصلحة الدولة.
ويُظهر مشهد الغيابات البارزة من جانب، والحضور الملفت من جانب آخر، مدى حدة الانقسام السياسي داخل معسكر غرب ليبيا، وهو ما انعكس بالسلب على سمعة قمة الطاقة والاقتصاد وأعاق الارتقاء بها لتكون الحدث الاستثنائي المنشود في هذا المجال.
لذا فإن أي آمال بإحداث نقلة نوعية على الصعيد الاقتصادي أو جذب استثمارات ضخمة، ستظل رهنًا باستتباب الأوضاع السياسية وحلحلة الأزمات القائمة داخل البيت الداخلي أولاً.