الولايات المتحدة والأزمة الليبية.. كيف تغيرت المواقف رغم تعاقب الإدارات؟

كشف تقرير تحليلي للمجلس الأطلسي للأبحاث بالولايات المتحدة على بقاء واشنطن على الهامش منذ عام 2011 اتجاه الأزمة الليبية.

وسلط التقرير الأمريكي رؤية الرئيس الأسبق باراك أوباما للتعامل مع فترة ما بعد التدخل العسكري في ليبيا قبل 13 عاما، وعلاقة روسيا بقائد “القيادة العامة” خليفة حفتر، وتخلي واشنطن عن وجودها الدبلوماسي المباشر منذ 10 سنوات والتفكير في عودة بعثتها بشكل رسمي إلى طرابلس.

وأشار التقرير إلى أن ليبيا لن تكون أبدا على رأس أجندة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ناهيك عن بقية أجندة السياسة الخارجية لواشنطن. ولكن من خلال درجة أعلى من الاهتمام والمشاركة، تستطيع الولايات المتحدة أن تحقق تقدما كبيرا نحو الاستقرار في بلد لديه القدرة على إفادة جيرانه والمنطقة من خلال الإدارة السليمة لثرواته النفطية، واستثمار مليارات الدولارات التي لا تزال مجمدة من عهد القذافي، ومنع التوسع الروسي في المنطقة.

عند التفكير في العقد الماضي من السياسة الأمريكية، وخاصة في إدارتي ترامب وبايدن، تظهر ثلاثة اتجاهات ثابتة وإن كان بدرجات مختلفة، كعدم كفاية الدعم للعملية السياسية للأمم المتحدة لاستعادة الشرعية السياسية في ليبيا، والنداءات المتكررة لقائد “القيادة العامة” خليفة حفتر من أجل المشاركة في العملية السياسية، والأهم من ذلك بالنسبة للولايات المتحدة، الافتقار الواضح إلى الاهتمام بالوجود الروسي المتزايد في ليبيا.

مشاركة غير كافية

على مدى السنوات التالية، حاول المجتمع الدولي التوصل إلى إجماع من خلال عقد قمم في أوروبا بما في ذلك في فرنسا في عامي 2017 و 2018، ثم في إيطاليا في عام 2018، وقد رفعت هذه المؤتمرات حفتر من جنرال منشق إلى رجل دولة دولي على قدم المساواة مع السراج. وعلى الرغم من حضور رؤساء دول أجنبية، لم تسفر أي من هذه القمم عن اتفاق لتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي أو اعتماد عملية للانتخابات.

بعد اندلاع حرب أخرى في عام 2019، استضافت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤتمرا دوليا بشأن ليبيا في برلين في يناير 2020 بهدف وقف العنف. وعندما حدث وقف إطلاق النار أخيرا في أكتوبر 2020، أنشأت الأمم المتحدة منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي اختار أعضاؤه رئيسا ورئيس وزراء، محمد المنفي وعبدالحميد الدبيبة. كان من المفترض أن تنفذ حكومة الدبيبة الانتخابات في نهاية عام 2021. تأخرت الانتخابات لعدد من الأسباب، ومع ذلك يظل الدبيبة رئيسًا لوزراء حكومة الوحدة بعد 3 سنوات من تعيينه الأولي ولا يزال حفتر يسيطر على الشرق.

نفوذ حفتر

لم يظهر قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر أثناء ثورة 2011 بل بعدها، ظهر كقوة بديلة للنفوذ المتزايد للميليشيات، التي كانت تغتال الأفراد، وفي نهاية المطاف، استطاع السيطرة على بنغازي ودرنة بعد مواجهات مسلحة لفترة طويلة، ليصيغ الممثل الخاص للأمم المتحدة برناردينو ليون الاتفاق السياسي الليبي، تاركا المجتمع الدولي يضغط على حفتر لقبول حكومة مؤقتة ووضع الجيش تحت السيطرة المدنية، مما منحه فعليا حق النقض على أي تسوية سياسية.

مع تحول حفتر إلى شخص عنيد، تجرأ على مهاجمة طرابلس في اليوم الذي زار فيه الأمين العام غوتيريش للمساعدة في إطلاق الحوار الوطني لممثله الخاص غسان سلامة. ليستفيد من دعم المرتزقة السوريين والأفارقة، والأهم من ذلك، مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية الذين نجحوا تقريبا في الاستيلاء على طرابلس. لا يزال هناك نقاش حول ما قاله مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون لحفتر خلال الفترة التي سبقت الحرب وما إذا كان قد أعطى حفتر “الضوء الأخضر” للهجوم إذا كان بإمكانه الاستيلاء على طرابلس بسرعة، وتجاهلت الولايات المتحدة العواقب.

بعد فترة وجيزة من وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، أنشأت الأمم المتحدة منتدى الحوار السياسي الليبي، وناقش 75 عضوًا من المجتمع الليبي القضايا السياسية المستقبلية واختاروا رئيس وزراء مؤقتًا يحكم حتى الانتخابات الوطنية في نهاية عام 2021. حقق عبدالحميد الدبيبة فوزًا مفاجئًا إن لم يكن مثيرًا للجدل على عقيلة صالح. لعب حفتر مرة أخرى دور المفسد من خلال اتخاذ مواقف مختلفة بشأن شرعية الترشح الرئاسي العسكري وهي إحدى القضايا الرئيسية التي تعوق الانتخابات.

المصالح الروسية

في البداية أنكرت روسيا وجودها في ليبيا تمامًا كما أنكرت نشر مجموعة فاغنر في سوريا وأوروبا الشرقية. بعد وفاة يفغيني بريجوزين قبل عام تقريبا، تم استقطاب حفتر من قبل “فيلق أفريقيا” الناشئ التابع لوزارة الدفاع الروسية.

المصالح الروسية في ليبيا واضحة فهي تسعى إلى السيطرة على الساحل، وقواعد جوية لمراقبة حلف شمال الأطلسي عبر البحر الأبيض المتوسط، والعبور إلى حلفائها الناشئين في منطقة الساحل. وهي في طريقها لتحقيق كل هذه الطموحات ما لم تبذل الولايات المتحدة وشركاؤها في حلف شمال الأطلسي جهودا متضافرة لمواجهة الطموحات الروسية.

حتى الآن لم يحدث ذلك حيث تركز الولايات المتحدة على قضايا أكثر إلحاحا. ولكن سيكون هناك ضرر كبير لمصالح الولايات المتحدة إذا تم السماح لروسيا بتعميق وجودها في ليبيا وأفريقيا، تطلب جزء من استراتيجية لمواجهة روسيا في ليبيا الاستثمار بشكل أكبر في المشهد المحلي الليبي المجمد. إن حكومة أكثر شرعية فقط هي القادرة على تحدي حفتر وتأكيد غرائزها القومية التي أظهرها الليبيون خلال المرحلة الأولية من انتقال ما بعد عام 2011.

أخبار ذات صلة

روسيا ومصر يؤكدان ضرورة تعيين مبعوث أممي إلى ليبيا

الداخلية الإيطالية تكشف إغلاق حسابات على الإنترنت لتسهيل الهجرة غير القانونية

بالحاج علي: انهيار أكثر من 1000 منزل في المدينة وباشرنا بحصر الأضرار لتعويض السكان