أصبحت أنقرة رقما صعبا في المعادلة الليبية منذ عام 2019، إذ برزت من خلال وجودها العسكري في ليبيا بعد توقيع اتفاقية التعاون العسكري مع حكومة الوفاق الوطني حينها واتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وتدخلها المباشر، والمساهمة في إيقاف هجوم قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر على طرابلس.
تحول البوصلة
بوصلة تركيا اتجهت في وقت لاحق صوب المنطقة الشرقية حيث دخلت ليبيا حقبة جديدة من الناحية السياسية والاجتماعية والعسكرية، وسعت تركيا إلى إيجاد حلول لاستعادة السلام والاستقرار في ليبيا، ضمن إطار القانون الدولي ومبادئ السياسة الخارجية بحسب الأدبيات السياسية لتركيا.
وأشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في 24 يوليو إلى أن العلاقات مع شرق ليبيا، تسير بشكل جيد، وأعلن الوزير فيدان في فبراير الماضي، عن إعادة فتح القنصلية التركية في بنغازي، وأكد أنهم على اتصال مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وكذلك مع حفتر وأبنائه.
حالة العداء
وعند الحديث عن علاقة أنقرة بشرق ليبيا دائما ما تتبادر إلى الأذهان حالة العداء، التي ترسخت بين الطرفين على مدى عدة سنوات، إذ وصلت في كثير من الأحيان إلى حد التهديد المتبادل والصدام بين المسؤولين الأتراك الكبار وقائد “القيادة العامة” خليفة حفتر.
سياسة جديدة
شيئا فشيئا وبعدما اتبعت تركيا سياسة خارجية جديدة في أعقاب فوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بانتخابات الرئاسة، مايو 2023، تغيّرت الصورة التي سادت لسنوات بين أنقرة والمعسكر الخاص بحفتر في الشرق.
تطبيع العلاقات
من المعروف أن خطوات تركيا نحو تطبيع العلاقات مع شرق ليبيا بدأت في الربع الأخير من عام 2021، هذه الخطوات جاءت في فترة تزامنت مع إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في ديسمبر 2021، وهو الأمر الذي أدى إلى أزمة سياسية مستمرة حتى الآن.
زيارات متبادلة
وخلال هذه الفترة حضرت العديد من الزيارات رفيعة المستوى، إذ قام وفد من البرلمان الليبي بزيارة رسمية إلى البرلمان التركي، تلتها زيارة سفير أنقرة في طرابلس كنان يلماز إلى عقيلة صالح.
عقيلة في أنقرة
في ديسمبر 2023، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح بمقر الرئاسة التركية في أنقرة، إذ ناقشا سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أشار عقيلة على موقف مجلس النواب بشأن تشكيل حكومة جديدة مهمتها الإشراف على الانتخابات، كما أكد أردوغان على ضرورة الإسراع في إيجاد حل توافقي للأزمة الليبية.
قنوات تفاوض
بالنسبة لتركيا يبدو أنها اتجهت إلى فتح قنوات تفاوض جديدة قد تحقق مكاسب معينة على المدى المتوسط والطويل لكل من ليبيا وتركيا، وأولت أنقرة في الفترة الأخيرة أهمية كبيرة للتواصل الدبلوماسي مع شرق ليبيا.
شركات تركية
تقارب تركيا الرسمي مع شرق ليبيا ظهر جلياً خلال لقاء مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بلقاسم حفتر مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بالعاصمة أنقرة في 25 يوليو الماضي، إذ ناقشا سبل وتطوير التعاون الثنائي والاقتصادي.
وفي أبريل الماضي، إبرام بلقاسم حفتر عقود عمل مع شركات تركية لتنفيذ عدة مشاريع في مجال المقاولات العامة والتجهيزات والبنية التحتية في مدينة بنغازي، وذلك تمهيدًا لمباشرة أعمالها بالمدينة.
وتبع توقيع ذلك العقد عدة اتفاقيات، حسبما ذكرت وكالة “الأناضول” في تقرير لها، مطلع يوليو الحالي، مشيرة إلى انفتاح بات يحكم العلاقة بين أنقرة والشرق الليبي، مما يمهد الطريق أمام مرحلة جديدة تختلف جذريا عن السابق.
مساعي تركيا
المساعي التركية توجت ولو بشكل طفيف بعدما جمعا رئيس أركان القوات البرية بـ “القيادة العامة” صدام حفتر، ووزير الداخلية بحكومة الوحدة، عماد الطرابلسي اليوم الثلاثاء في إسطنبول ضمن معرض سها إكسبو للصناعات الدفاعية والطيران.
وخلال حضور المعرض التقى وزير الدفاع التركي، يشار غولر، مع وزير الداخلية بحكومة الوحدة، عماد الطرابلسي، وبحسب صفحة وزارة الدفاع التركية على الفيسبوك فإن الجانبين أجريا محادثات ثنائية.
كما نشرت حسابات محسوبة على “القيادة العامة” صورا للقاء صدام حفتر مع غولر، مشيرة إلى أن مشاركة رئيس أركان القوات البرية بالقيادة العامة جاءت بدعوة من وزير الدفاع التركي.