بعد ترقب طويل، أعلنت لجنة (6+6) المشتركة بين مجلسي النواب والدولة المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية، أمس الثلاثاء، استكمال عملها وتوصلها إلى اتفاق حول القوانين الرئاسية والتشريعية للانتخابات الليبية، في مؤتمر صحفي بمدينة بوزنيقة المغربية حضره وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وغاب عنه رئيسا مجلسي النواب عقيلة صالح والدولة خالد المشري.
هذا الخلاف بشأن مخرجات اللجنة وغياب عقيلة والمشري وتصاعد أصوات أعضاء المجلسين الرافضين لها، قد يفتح الطرق أمام “اللجنة التوجيهية” التي أعلنها المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، بديلا في حال فشل المجلسين، والتي ربما تعطي فرصة أكبر لتحقيق تفاهمات سياسية، بعد أن كشفت هذه المفاوضات بين المجلسين عن جوهر الخلاف، والأطراف المعنية بالاتفاق التي كانت تتفاوض من وراء الستار.
غياب وفشل
غياب عقيلة والمشري غير المتوقع، جاء بعد تجدد الخلاف على شروط الترشح للرئاسة بين رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقب وصولهما إلى بوزنيقة المغربية، مما دفع إلى رفضهما التوقيع على القوانين التي صوت عليها أعضاء اللجنة بالإجماع.
وقد اشترط عقيلة صالح منذ وصوله بوزنيقة رفقة بلقاسم نجل قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر، تغيير توزيع المقاعد بمجلس الأمة، وتغيير شروط الترشح للرئاسة بطلب من الأخير، الأمر الذي رفضه المشري، مطالبا بتعديل هذه الشروط بعد المشاورات مع القوى الفاعلة في الغرب الليبي سياسية وأمنية وعسكرية.
خيبة أمـل
وعقب قربها من التوصل إلى اتفاق نهائي حول القوانين الانتخابية، فشل مجلسي النواب والدولة في الوصول إلى توافق بسبب تجدد هذه الخلافات، مما أثار هذا الإخفاق خيبة أمل في بعض الأوساط السياسية المحلية والدولية، مما سيطيل هذا الفشل من عمر الأزمة الليبية ويزيد من فرص الانقسام بما يخدم أطرافا محلية أخرى.
ورغم إعلان أعضاء اللجنة عن مجلسي النواب والدولة، من استكمال القوانين الانتخابية بعد محادثات استمرت لشهرين، والتي تعد قوانينها ملزمة وفق التعديل الدستوري الــ 13 الذي أقره النواب والصادق عليه مجلس الدولة، إلا أن توقيع عقيلة والمشري مازال هو الفيصل في هذا الاتفاق أو أي اتفاق آخر بين المجلسين.
لا إقصاء لأحـد
ففي مؤتمر صحفي بمدينة بوزنيقة المغربية عقد في ساعات متأخر أمس الثلاثاء، أكد رئيس وفد مجلس النواب باللجنة جلال الشويهدي، أنجازهم قوانين الانتخابات الرئاسية ومجلس الأمة بغرفتيه، وهم في انتظار حضور عقيلة صالح وخالد المشري، للبت النهائي في هذه القوانين، مشيرا إلى أن اللجنة لم تتعرض لضغوط أو تدخل من المغرب أو خارجها.
في المقابل، أوضح رئيس وفد مجلس الدولة عمر بوليفة، أن القوانين التي اتفقت عليها اللجنة تسمح للجميع بالترشح، ولا تستثني أحدًا من المشاركة في الانتخابات، كما لا تتسم بالتفرد والإقصاء، مؤكدا إنجاز كافة النقاط الخلافية والتوافق حولها، والاتفاق على قانون انتخابات مجلسي الأمة ورئيس الدولة وتم التوقيع على كل ما أنجزوه بإرادة ليبية حرة.
خروج عن السياق
وتوالت ردود فعل من داخل المجلسين حول هذا المسار، حين رأى عضو مجلس النواب عصام الجهاني أن لجنة (6+6) خرجت عن سياق النقاط المدرجة، وهذا ما أدى إلى عدم توافق مجلسي النواب والدولة ورئيسي المجلسين، وبعض القوى السياسية والأمنية على مخرجات اللجنة، بحسب تصريحاته لفواصل.
بدوره، قال عضو المجلس الأعلى للدولة علي السويح لفواصل، إن عدم توقيع المشري وعقيلة على اتفاق لجنة (6+6) في بوزنيقة بشأن القوانين الانتخابية، هو أمر متوقع نظراً لحجم الضغوطات والاختلاف الكبير حول القاعدة الدستورية، مؤكدا أن وضع قاعدة دستورية ترضي كل الأطراف الموجودة في المشهد السياسي أمر في غاية الصعوبة، على حد قوله.
أمال بزيادة التفاهم
وفي تغريدة نشرها على حسابه الشخصي، أعرب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري عن أمله في زيادة التفاهم حول بعض النقاط من خلال اللجنة في لقاءات قادمة، مع أن التعديل الدستوري الـ13 يَعُدّ عمل اللجنة نهائيا وملزما، مشيدا بأعضاء لجنة على الجهد المبذول للوصول لتوافقات هامة، واستضافة المغرب لاجتماعاتها.
وبعد فشل محادثات بوزنيقة، ستتجه الأنظار نحو جلسة مجلس الأمن الدولي التي ستعقد يوم 19 يونيو الجاري، والتي سيقدم خلالها المبعوث الأممي عبدالله باتيلي إحاطته حول الأوضاع في ليبيا، ومن المرجح أن يعلن فيها عن مبادرته التي تتضمن تشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تتولى زمام الأمور بشأن المسار الدستوري.