كشفت صحيفة (تايمز أوف مالطا) مالطية عن تطور خطير لتجارة تهريب الوقود من ليبيا، التي تحولت من عمليات محدودة إلى صناعة إجرامية عالمية مزدهرة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، تشارك فيها جهات حكومية وميليشيات مسلحة وعصابات الجريمة المنظمة على نطاق واسع.
وفقًا للتقديرات، تأتي نسبة 20% من إجمالي وقود النقل المستهلك في إيطاليا من السوق السوداء المغذاة بالوقود المهرب من ليبيا. في مشهد يعكس حجم هذه الصناعة المظلمة، تغادر أربع ناقلات نفط ضخمة ميناء بنغازي الليبي أسبوعيًا، محملة بالوقود المهرب، متحولة من عملية تجارية بسيطة كانت تديرها قوارب الصيد الصغيرة إلى شبكة إجرامية واسعة تنقل الوقود عبر المحيطات على متن سفن كبيرة.
في صميم هذا النشاط الإجرامي المربح يكمن نظام دعم الوقود شبه المجاني في ليبيا. فبدلاً من توجيه الدعم المباشر للأسر المحتاجة، تواصل الحكومة المؤقتة في طرابلس بيع الوقود المدعوم بأسعار زهيدة، مما يغذي سوق التهريب المزدهرة هذه التي أصبحت أكثر ربحية من تجارة المخدرات أو الاتجار بالبشر، ويصعب اكتشافها لاعتمادها على الأوراق والمستندات المزورة والمزينة كدليل على المنشأ الشرعي.
في عام 2022، أنفقت حكومة طرابلس 13 مليار دولار على دعم الوقود، مضاعفة ما كانت عليه في العام السابق، في الوقت الذي تطورت فيه موسكو لتصبح الشريك التجاري الرئيسي للطاقة في ليبيا بعد العقوبات الغربية على روسيا جراء غزوها لأوكرانيا، حيث عززت حصتها من واردات النفط الليبي من 4% قبل الحرب إلى 28% العام الماضي.
ولإبقاء قوات خليفة حفتر بعيدة عن السيطرة على حقول النفط، يتم التغاضي عن عمليات التهريب هذه التي تمول ليس فقط حفتر وحاشيته، ولكن أيضًا الوجود العسكري الروسي في ليبيا، وفق ما كشفته صحيفة “بلومبرج” الأمريكية في تقرير لها بتاريخ 6 فبراير الماضي عن عملية تهريب فاشلة بعنوان “أوديسة الملكة ماجدة”.