في اليوم العالمي للعمل البرلماني .. البرلمان الليبي بين الماضي والحاضر

يحتفل العالم باليوم الدولي للعمل البرلماني سنويا في 30 يونيو من كل عام، وهو التاريخ الذي تأسس فيه الاتحاد البرلماني الدولي في عام 1889، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو عام 2018 هذه المناسبة الأممية السنوية.

وبهذه المناسبة تسرد فواصل نبذة تاريخية عن تاريخ البرلمان في ليبيا، ولمحة عن دور مجلس النواب الحالي في ظل ما تشهده البلاد من صراعات وانقسامات سياسية بين مختلف الأطراف استمرت لسنوات زادت من تفاقم الأزمة الليبية.

نُبذة تاريخية

قبل إعلان استقلال ليبيا 24 ديسمبر في عام 1951 بدأت أول تجربة برلمانية في نهاية العهد التركي، عندما تشكلّ مجلس المبعوثان في إسطنبول للعمل بدستور 1908 الذي عطّله السلطان عبد الحميد الثاني، وقد شارك في عضوية المجلس آنذاك مندوبون عن الولايات التابعة للدولة العثمانية، واختير نواب من الأقاليم الليبية الثلاثة برقة وفزان وطرابلس، ثم سرعان ما انتهت التجربة الأولى عند بداية الاحتلال الإيطالي عام 1911.

التجربة النيابية الثانية كانت عندما وضعت إيطاليا دساتير في برقة وطرابلس، فنشأ عن ذلك تشكيل مجلس نواب برقة عام 1920 برئاسة الملك إدريس السنوسي لحكومة أجدابيا، وعقد جلساته في مدينة بنغازي، وفي أواخر 1922 توقف عمل المجلس بسبب ضغوطات الاحتلال، واضطرار الملك إدريس للهجرة إلى مصر.

عقب إعلان الاستقلال بدأت التجربة البرلمانية الثالثة، وبصدور الدستور الليبي 7 أكتوبر 1951 وضع قانون الانتخابات الاتحادي لتشكيل مجلس النواب، ثم أجريت الانتخابات الأولى 19 فبراير 1952 في أنحاء المملكة، وظهرت النتائج بانتخاب 35 عضوا من طرابلس و15 من برقة و5 من فزان.

وعقدت أول جلسة للنواب في بنغازي 25 مارس 1952، بحضور الملك إدريس الذي أدى القسم الدستوري أمام البرلمان، واختار مجلس النواب من خلال الاقتراع عبدالمجيد كعبار أول رئيسا له، ثم استمر العمل النيابي في عهد المملكة حتى انقلاب 1 سبتمبر 1969 بقيادة معمر القذافي، فألغى نظام الملكية والتمثيل النيابي.

بعد سقوط نظام القذافي 2011، عاد نظام التمثيل النيابي من جديد وانتخب مجلس النواب الليبي بالمرحلة الانتقالية تحديدًا بتاريخ 4 أغسطس 2014 برئاسة عقيلة صالح وتنتهي صلاحيته يوم 20 أكتوبر 2015، ويتكون من 200 عضو اختيروا بطريقة الانتخاب الحر المباشر من الشعب، وخصصت نسبة 16% من إجمالي المقاعد للنساء، ومقر البرلمان الحالي في مدينة طبرق، والمقر الدستوري في بنغازي، ويمكنه عقد جلساته في أي مدينة بحسب الإعلان الدستوري.

البرلمان بين المرحلة الانتقالية وانتهاء الصلاحية

إن الوظيفة الأولى للبرلمان الذي يعد القاعدة الأساسية في النظام الديمقراطي، هي تمثيل صوت الشعب وتغليب مصلحته في جميع السياسات الموضوعة من قبله، ثم تليها وظائف هامة أخرى كتشريع القوانين، ومحاسبة الحكومات ومراقبتها، ويمنع فيه احتكار المنصب وتوظيفه لمصالح شخصية، أو التعامل مع أجندة خارجية ووضع سياسات تتوافق مع هواها لزعزعة أمن واستقرار البلاد، والأهم من ذلك، تحدد ولاية البرلمان بفترة محددة وفق القانون.

فتنصّ قوانين معظم الدول على انتهاء ولاية مجالسها النيابية بمضي 5 سنوات، وهذا ما أخذ به القانون الليبي، وبعض دول الجوار كمصر وتونس والمغرب والجزائر، وكذلك في بعض الدول الأوروبية كالمملكة المتحدة على خلاف الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتخب مجلسًا نيابيًا جديدًا كل سنتين.

أما في ليبيا، فعندما انتخب مجلس النواب الحالي في 4 أغسطس 2014 حددت صلاحيته وفق القانون – سنة وشهرين – منذ تاريخ اعتماده، إلا أن المجلس قام بتمديد صلاحيته قبل انتهاءها في 6 أكتوبر 2015، واليوم مضى على اعتماد البرلمان 8 سنوات بقيادة عقيلة صالح الذي تولّاها لأول مرة عن عمر يناهز السبعين عامًا، مع ذات الأعضاء المئتين الذين انتخبوا أول مرة، باستثناء 14 من حالات الوفاة أو الاستقالة فلم يحل محلهم بدائل، ومازالت مقاعدهم شاغرة.

اختصاصات مجلس النواب

يختص مجلس النواب وفق القانون بإقرار تشريعات المرحلة الانتقالية ومنح الثقة لمجلس الوزراء وسحبها، واعتماد الميزانية العامة، والرقابة على السلطة التنفيذية وكافة مؤسسات الدولة، وإقرار السياسة العامة المقدمة من الحكومة، ويباشر الاختصاصات المنصوص عليها في الإعلان الدستوري المؤقت وتعديلاته.

الرواتب والامتيازات

ارتفاع مرتبات أعضاء مجلس النواب حول العالم هو تحصين للسلطة التشريعية من وقوع أعضائها في شبه فساد أو شراء ولاءاتهم لجهة أو طرف ما، ويغطي هذا الراتب تنقلاتهم لتفقد المدن والقرى التي يمثلون أهلها تحت قبة مجلس النواب.

مع ذلك يطالب كثيرون بتخفيض الميزات التي تمنح للنواب ومن بينها مرتباتهم المرتفعة حتى لا تكون هذه المزايا مطمعًا في حد ذاتها، ويكون منح النواب مزايا بشكل متوازن يجمع بين الوضع الاقتصادي للبلاد والترشيد في الإنفاق.

يحصل النائب بمجلس النّواب على 192 ألف دينار ليبي سنويًا، و16 ألف شهريًا، أي ما كان يعادل قبل تعديل سعر الصرف في يناير المنصرم، 10 آلاف و600 دولار، وقد عُدّ من أعلى مرتبات شاغلي السلطة التنفيذية في العالم في حينه، أمّا بعد تعديل سعر الصرف وجعل الدولار الواحد يعادل 4.48 دنانير صار مرتب النائب الليبي يساوي 3572 دولارًا، إضافة إلى الامتيازات الأخرى من بدل سكن، وسلف وغيرها.

أخبار ذات صلة

خلال 43 عاما.. انخفض نصيب الفرد في ليبيا لأكثر من 6 آلاف دولار

هل الهواتف الذكية وسيلة تواصل أم تفكك اجتماعي؟

ليبيا الأولى عربيا في معدل ارتفاع البطالة لدى الشباب سنة 2024