مؤتمر باريس.. خطوة نحو الانتخابات رغم استمرار الخلافات

مع قرب موعد الانتخابات في ليبيا المقررة في 24 ديسمبر 2021، ما زال التوافق غائبا والخلاف قائما بين الأطراف الليبية حول القوانين الانتخابية التي أقرّها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ولاقت جدلا واسعا.

واستضافت العاصمة الفرنسية باريس أمس الجمعة مؤتمرا دوليا بشأن ليبيا بمشاركة نحو 30 من قادة ورؤساء دول العالم، يهدف إلى الدفع من أجل إجراء الانتخابات الليبية في موعدها، وتوفير الدعم الدولي لاستمرار الانتقال السياسي الجاري ودعم جهود إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد.

ردود متباينة وتلويح بعقوبات
وأظهر المؤتمر ردود فعل متباينة من الأطراف المحلية والدولية بشأن الانتخابات والعملية السياسية في ليبيا، وأثار شكوكا حول إمكانية نجاح الانتخابات والقبول بنتائجها من الفصائل السياسية متناحرة في الشرق وغربها.

وشدّد البيان الختامي للمؤتمر، على ضرورة التزام جميع الأطراف في البلاد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة في 24 ديسمبر وقبول نتائجها، وهدّد بفرض عقوبات على الأفراد الذين سيحاولون القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوّض نتائج الانتخابات، سواء أكانوا داخل ليبيا أو خارجها.

وحث البيان جميع الجهات الليبية الفاعلة والمرشحين على التقيّد بالتزامهم بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، وعلى الالتزام علنًا باحترام حقوق خصومهم السياسيين قبل الانتخابات وخلالها وبعد انتهائها، وقبول نتائج الانتخابات الحرّة والنزيهة والجامعة، والتقيّد بمدونة السلوك التي أعدّتها المفوضية.

الدبيبة يحث على تعديل القانون
من جانبه، أكد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في كلمته بالمؤتمر، ضرورة العمل معا لحث الأجسام التشريعية على تعديل قانون الانتخابات بشكل توافقي يحقق العدالة والشمولية وتكافؤ الفرص، والمساهمة في ضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة.

الدبيبة الذي يرغب في الترشح للانتخابات رغم وجود الكثير من العقبات التي تمنعه لخوض هذا الاستحقاق، شدد على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن وعدم تأخير أحدهما على الآخر، ووضع ضمانات حقيقية لقبول واحترام نتائجها، ومعايير واضحة لفرض عقوبات على المعرقلين والرافضين لنتائجها.

مواقف مفاجئة
وقال عضو مجلس النواب عصام الجهاني، إن مؤتمر باريس بيّن أن الأيام القادمة ستحمل تصعيدا ستكون نتائجه غير مقبولة، مضيفا أن ما يحدث حاليا بين الليبيين هو نتاج تسليم زمام الأمور للأجانب والبعثة الأممية دون الجلوس مع بعضهم والخروج بحل للبلاد دون تدخل الأطراف الخارجية.

وفي موقف مفاجئ، تساءل الجهاني في تصريحه لفواصل عمّن حدّد 24 ديسمبر موعدا رسميا للانتخابات دون أن تكون له قاعدة أساسية؟ مؤكدا أن الانتخابات تحتاج أساسا وقاعدة، وتعديل القوانين الانتخابية لن يحدث وفق المعطيات الراهنة.

بوادر اختلاف في المؤتمر
من جهته، رأى عضو مجلس النواب خليفة الدغاري، أن بيان مؤتمر باريس أوضح عدم توافق المجتمعين وانقسامهم إلى من يدعو للانتخابات في 24 ديسمبر كما هي، ومن يؤكد ضرورة التوافق على القوانين الانتخابية.

وأشار الدغاري إلى أن التوافق يجب أن يكون بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة، لا بين النواب، منوها إلى أن الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب متاحة في أي وقت، معتبرا أن عقد جلسة لتعديل القوانين أفضل من أن تكون عرضة للطعون التي بدأت من الآن وإن لم تبتّ فيها الدائرة الدستورية.

وبحسب تصريحاته لفواصل، أكد الدغاري أنه يحق لعشرة نواب المطالبة بتعديل أو اصدار أي قانون وفق اللائحة الداخلية لمجلس النواب، كاشفا عن أن إصدار القوانين في البرلمان يشوبه خلل قانوني، إذ ثمة قوانين تصدر بدون تصويت وأخرى تصدر بعدد قليل من النواب، على حد قوله.

وذكر عضو مجلس النواب أن الفرصة ما زالت متاحة لأعضاء البرلمان لإعادة النظر في هذه القوانين، وهذا أفضل من الرجوع إلى الدائرة الأولى من الانقسام والحرب والتهجير والمقابر الجماعية.

وعقب هذه التصريحات من بعض النواب، يبقى سيناريو تأجيل الانتخابات أو خيار تعديل قوانين الانتخابات غير مستبعَد، خاصة مع تأكيد أطراف دولية عدة خلال مؤتمر باريس ضرورة توافق كل الأطراف الليبية على القوانين الانتخابية لإجراء الانتخابات وضمان نجاحها، وتجنب سيناريو غير مسبوق.

قوانين مجلس النواب “معيبة”
في المقابل، قال عضو لجنة الحوار السياسي والمجلس الأعلى للدولة موسى فرج لفواصل، إن اجتماع باريس لم يأت بجديد، فالتأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات أمرٌ لا يعارضه أحد لأن الانتخابات هي الوسيلة السلمية للتغيير وتعزيز شرعية المؤسسات.

وأضاف فرج أن الخلاف كان على ما أصدره رئيس مجلس النواب من قوانين “معيبة” لا تستند إلى أساس دستوري متين ومتوافق عليه، موضحا أن قانوني مجلس النواب للانتخابات يتعارضان مع الاتفاق السياسي وخارطة الطريق والضوابط الإجرائية التي تحكم سَن التشريعات، مضيفا أنها تخدم تيارا معينا، حسب رأيه.

وأكد فرج أن افتقار القانونين إلى التوافق الوطني يمثّل مخاطر على العملية السياسية وفرص الاستقرار، مبينا أن ليبيا تشهد منذ سنوات انقساما حادا يقتضي التوافق المجتمعي، ولا يحتمل انفراد أي طرف بصياغة منفردة للمرحلة القادمة، فلا بديل عن الشراكة الوطنية في هذه المرحلة.

ونبّه عضو لجنة الحوار السياسي إلى أن بعض الدول في مؤتمر باريس تدفع باتّجاه انتخابات وفق قوانين تؤدي إلى مزيد من التأزيم، ودول أخرى دعت بصراحة إلى ضرورة تصويب هذه القوانين لتفرز انتخابات ذات مصداقية ومشاركة واسعة تحقق الهدف المنشود، مؤكدا أن مصلحة الوطن تتطلب تعديل ما صدر عن رئاسة مجلس النواب.

السايح: لا مجال لتأخير الانتخابات
وعن موقف المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عقب مؤتمر باريس، صرح رئيس المفوضية عماد السايح لفواصل، أن المفوضية لم تتسلم حتى الآن ما يفيد بضرورة توقف العملية الانتخابية إلى أن يحدث توافق، مشددا على أن الانتخابات ستكون في موعدها، ولا مجال للتأخير حتى لو عدّل البرلمان القوانين، وفق قوله.

وتبقى الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 24 ديسمبر القادم والانتخابات التشريعية التي من المقرر أن تجرى في النصف الثاني من فبراير 2022 بحسب الخطة الزمنية التي أعلنتها المفوضية العليا للانتخابات، موضعَ شكّ وغير مؤكدة وسط استمرار الخلافات بين الفرقاء الليبيين.

أخبار ذات صلة

الأسود: ربما تتفق روسيا معنا في أن مبادرة خوري غير واضحة الرؤية

ليبيا ترفض أن تكون ورقة ضغط، وغياب مصر عن المؤتمر يثير التساؤلات

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية