جوناثان وينر: إبقاء الكبير في منصبه يصبُّ في مصلحة تركيا

الجهود التي تبذلها الفصائل المختلفة في ليبيا للسيطرة على البنك المركزي الليبي تشكل خطراً واضحاً وحاضراً على البلاد بأكملها، وتهدد سلامتها وأمنها فضلاً عن اقتصادها. وفق ما كتبه المبعوث الأمريكي السابق إلى ليبيا جوناثان وينر لمعهد الشرق الأوسط

ارتفاع أسعار النفط

وتوقع وينر ارتفاع فوري بنسبة 7% في أسعار النفط العالمية، نتيجة الأزمة المتعلقة بالسيطرة على البنك المركزي إلى إغلاق 60% من إنتاج النفط الليبي، الذي من المفترض أن تتدفق عائداته عبر البنك، مع توقف إنتاج نحو 700 ألف برميل يومياً، فضلاً عن المزيد من عمليات الإغلاق الوشيكة.

طوابير طويلة

ويرى جوناثان وينر أن ملايين الليبيين الذين يعتمدون على مصرف ليبيا المركزي لضمان دفع رواتبهم وخطابات الاعتماد الضرورية لتزويدهم بمليارات الدولارات سنويا من الوقود المستورد وزيت الطهي والغذاء سيواجهون نقصا فوريا إذا لم يتم حل الصراع.

واعتبر أن ذلك انعكس بالفعل في التقارير التي أشارت إلى طوابير طويلة يبلغ طولها سبعة أميال في بعض محطات الوقود الليبية. والواقع أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تحذر من أن الوضع “يهدد بتسريع الانهيار المالي والاقتصادي للبلاد”.

نوبات قلبية خطيرة

طوال الفترة الفوضوية والسياسات غير الوظيفية التي ميزت ليبيا منذ انتفاضة 2011 ضد معمر القذافي، كان مصرف ليبيا المركزي أحد مؤسستين أساسيتين للحفاظ على اقتصاد البلاد، والمؤسسة الأخرى هي مؤسسة النفط الوطنية الليبية. وفق ما يراه وينر.

وأكد أن عائدات النفط تظل شريان الحياة للاقتصاد الليبي، حيث يعمل مصرف ليبيا المركزي بمثابة القلب الذي يحافظ على تدفق هذا الدم. وإذا ما اتبعنا هذا الاستعارة فإن الهجمات على مصرف ليبيا المركزي، وقدرته على الحفاظ على تدفق الأموال، تعادل بالنسبة للاقتصاد الليبي النوبات القلبية ــ الخطيرة وربما المعوقة أو ما هو أسوأ.

وذكّر جوناثان وينر بما واجهه البنك المركزي الليبي ومحافظه الصديق الكبير من المشاكل على مدى السنوات الـ12 التي ظل فيها في منصبه. وكيف نجا من الحكومات المنقسمة، وانفصال مكاتب البنك في بنغازي لإنشاء مؤسسة موازية لتمويل الجماعات السياسية والعسكرية الشرقية، والجهود المتكررة من قبل الفصائل الليبية المختلفة لاستبداله بأشخاص يمكن السيطرة عليهم بسهولة أكبر.

ورأى أنه خلال هذه الضغوط، تمكن الكبير من الحفاظ على استقلال البنك المركزي الليبي شبه الكامل عن السياسة الليبية، وحافظ على ثروة ليبيا السيادية في مأمن من بعض الجهود الرامية إلى مداهمة ميزانيتها، حتى مع تحدث المنتقدين بشكل قاتم عن الفساد – وخاصة الانتهاكات المزعومة لخطابات الاعتماد من قبل المستوردين المفضلين والمقاولين الحكوميين.

التزوير

ونوّه الباحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط، إلى ما حظيت به الحكومات الشرقية المختلفة، غير المعترف بها دوليا، بدعم اقتصادي من روسيا في شكل مليارات الدنانير المزيفة. مؤكدا أن العامل الواضح في المساعدة على خفض قيمة الدينار والحد من قوته الشرائية لليبيين العاديين كان إدخال واستخدام هذه الأوراق النقدية على مدى 8 سنوات من قبل البنك المركزي الموازي الذي يسيطر عليه حفتر في بنغازي، دون إفصاح أو ضوابط. وفي الأشهر الأخيرة، أدت عمليات التزوير المحلية -التي يُزعم أن أفراد عائلة حفتر يمارسونها- إلى تقويض العملة الليبية بشكل أكبر.

أوراق الكبير

اعتبر وينر أن الكبير ما زال يملك بعض الأوراق ليلعب بها، بالإضافة إلى امتلاكه مفاتيح المملكة مادياً والاعتراف بدوره من قِبَل حكومات أخرى (بما في ذلك الولايات المتحدة) وبنوك مركزية أخرى، فإنه يحتفظ بحماية واضحة من قِبَل الحكومة التركية عموماً ومن قِبَل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وجه الخصوص.

مصلحة تركية

واعتبر المبعوث الأمريكي أن الإبقاء على الكبير في منصبه كان في مصلحة تركيا الاقتصادية والسياسية، منوها إلى المزاعم غير المؤكدة بأن بنك ليبيا المركزي يحتفظ بمليارات الدولارات من الذهب في البنك المركزي التركي ويودع ودائع كبيرة هناك، مشيرا إلى أنه من الصعب التخيل أن تركيا تتخلى بسهولة عن هذا النوع من العلاقات.

تهديد حقيقي

الوضع متقلب في ليبيا بحسب وينر، وأن هناك تهديد حقيقي بأن تتطور الأزمة الاقتصادية إلى أزمة سياسية وأمنية متفاقمة. ولكن من الممكن أن نتصور حلولاً قادرة على نقل البلاد إلى ما هو أبعد من مجرد استخدام القوات العسكرية المحلية للاستيلاء على المؤسسات الحكومية القيمة كغنائم حرب.

تنازلات الكبير

قد يقترح البعض أن يقدم الكبير تنازلات لتقاسم السلطة مع أعدائه السياسيين، وتقسيم سلطة محافظ البنك المركزي بطريقة ما تقرب بين الفصائل المتنافسة حاليًا وتطمئن كل جانب إلى أن الطرف الآخر لا يحصل على أكثر من “حصته العادلة”. وأنه قد يتقاسم الكبير وشكري السلطة على أساس انتقالي، في انتظار الانتخابات الوطنية، تحت مجلس إدارة مؤقت جديد لمصرف ليبيا المركزي يمثل أعضاؤه مجموعة واسعة من الدوائر السياسية الليبية، مع هيكل حوكمة كامل مصمم لإحباط أي شخص يقوم بالاستيلاء على السلطة وفق ما قاله جوناثان وينر.

مصالح أوروبا وروسيا

وأشار الخبير في معهد الشرق الأوسط إلى ذهاب حوالي 85% من صادرات النفط الليبية إلى أوروبا، بما في ذلك إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، مما يجعل حل الأزمة يصب بقوة في مصالحها الاقتصادية المباشرة أيضا. وأن روسيا، التي ضمنت من وقت لآخر صفقاتها الخاصة غير المعلنة للنفط الليبي، لديها أيضا مصالح قوية في الحفاظ على العلاقات مع عائلة حفتر، التي تقف الآن إلى جانب الكبير وتعارض ما يُنظر إليه على أنه استيلاء من جانب دبيبة وحلفائه.

تسوية نهائية

وقال وينر إن التسوية النهائية أمر مألوف في ليبيا ما بعد القذافي، كما انعكس في إعادة توحيد بنك ليبيا المركزي مع فرعه في بنغازي في أغسطس من العام الماضي، بعد عقد من الانقسام. وكان وراء هذا الاتفاق ترتيب تم الإبلاغ عنه وافق بموجبه الكبير على إنقاذ البنوك في شرق ليبيا التي نهبها حفتر ورفاقه في السابق، مما أدى في الأساس إلى إعادة تمويل الجزء الشرقي من البلاد وتمكين بنوكها من الإقراض مرة أخرى للتنمية التجارية بما في ذلك الشركات التي يسيطر عليها أفراد عائلة حفتر.

تقاسم الثروة

ورأى أن تقاسم الثروة في ليبيا قد يؤدي  إلى تسوية حتى أكثر الخلافات خطورة بين أصحاب المصلحة ذوي الموقع الجيد والحافز المناسب، وخاصة لمنع وقوع أشياء أكثر صعوبة، مثل الانتخابات.

أخبار ذات صلة

روسيا ومصر يؤكدان ضرورة تعيين مبعوث أممي إلى ليبيا

الداخلية الإيطالية تكشف إغلاق حسابات على الإنترنت لتسهيل الهجرة غير القانونية

بالحاج علي: انهيار أكثر من 1000 منزل في المدينة وباشرنا بحصر الأضرار لتعويض السكان