كشفت مجلة “دير شبيغل” الألمانية أن الاتحاد الأوروبي متورط في توفير الدعم للواء طارق بن زياد، الذي يقوده صدام خليفة حفتر، قائد القيادة العامة في بنغازي.
وفي تحقيق مطول نشرته اليوم الأحد، أوضحت المجلة الألمانية أن دعم الاتحاد الأوروبي يتركز على عمليات طارق بن زياد من أجل إعادة المهاجرين غير القانونيين إلى السواحل الليبية، ومنع وصولهم إلى أوروبا، حيث أشارت الصحيفة إلى أن هذا الدعم “يعدُّ انتهاكا للقرارات القضائية الأوروبية التي تحظر إعادة المهاجرين إلى ليبيا، وذلك خوفا من تعرضهم لانتهاكات حقوق الإنسان”.
حالات موثقة
وقالت دير شبيغل “إن الأوروبيين قدموا الدعم لعمليات طارق بن زيادة الهادفة إلى إعادة المهاجرين إلى شرق ليبيا وفي ثلاث حالات على أقل تقدير، “حيث اكتشفت وكالة فرونتكس والسلطات المالطية أن “رجال حفتر، سحبوا قوارب للمهاجرين من منطقة البحث والإنقاذ في المياه المالطية، وأعادوها مجددا إلى ليبيا”.
وذكرت المجلة أن دخول جنود طارق بن زياد للمياه الأوروبية “يحدث رغم الاتفاقات الدولية التي تلزم الأوروبيين بتوجيه عمليات الإنقاذ إلى المنطقة المالطية، لكن في بعض الحالات يتم نقل إحداثيات قوارب اللاجئين إلى الميليشيات بشكل غير مباشر، وفي حالات أخرى بشكل مباشر، وفي إحدى الحالات يبدو أن المعلومات قد جرى فرضها عليهم تقريبًا”.
“العمل القذر”
وطبقا لـدير شبيغل “يبدو أن التشكيل المسلح التابع لقوات حفتر يتولى العمل القذر الذي لا يرغب الأوروبيون في القيام به. حيث أصبح رجال حفتر أتباعا للاتحاد الأوروبي، على الرغم من حقيقة أنهم يكسبون الأموال من عمليات تهريب البشر من ليبيا”.
وبينت “دير شبيغل” أنها أمضت شهورا قبالة سواحل ليبيا، إلى جانب منظمة التحقيق الأوروبية “لايت هاوس ريبورتس”، وتحدثت مع عدد من اللاجئين الذين أكدوا أن جنود كتيبة طارق بن زياد أعادوهم بالقوة إلى ليبيا، كما تأكدت شهادة المهاجرين مع بيانات مواقع السفن، وطائرات المراقبة الأوروبية، وللرسائل اللاسلكية المسجلة والوثائق السرية التي اطلعت عليها المجلة.
وقالت المجلة: “إن نظرة سريعة على منصات تيك وتوك وإنستغرام توفر ما يكفي من المعلومات عن منتسبي كتيبة طارق بن زياد. ففي بعض الصور يظهرون وهم يرتدون ملابس من أفخم العلامات التجارية، بينما يظهرون في أخرى يرتدون ملابس عسكرية، ويحملون بنادق وأسلحة وأجهزة رؤية ليلية”.
طائرات أوروبية توفر البيانات لطارق بن زياد
وكشف تحقيق “دير شبيغل” كيف استفاد اللواء طارق بن زياد من بيانات طائرات مراقبة أوروبية لاعتراض قارب يقل عددا من المهاجرين في يوليو الماضي.
وبحسب التحقيق، ففي 26 يوليو 2022 رصدت طائرة تابعة لوكالة “فرونتكس” الأوروبية قاربا يقل مهاجرين في وضع خطير، إلا أن الوكالة لم تؤكد وصول المهاجرين إلى ميناء آمن كالمعتاد، بل اكتفت بإبلاغ مراكز الإغاثة في إيطاليا ومالطا وغرب ليبيا.
ورغم أنه من المفترض أن تتولى تلك المراكز مسؤولية إنقاذ المهاجرين إلا أنها لم تستجب، بحسب ما ذكرته “فرونتكس” التي لم تتواصل مباشرة مع طارق بن زياد.
وكانت “فرونتكس” قد اعتبرت القارب غير صالح للإبحار وركابه في خطر شديد، فأرسلت إشارة استغاثة لكن دون جدوى، حيث غادرت الطائرة المنطقة في وقت لاحق بسبب نفاد وقودها.
نفي في العلن
وعلى الرغم من نفي مسؤولين أوروبيين وجود أي تعامل مع اللواء طارق بن زياد، إلا أنه يبدو أنهم غير منزعجين من إجراءات الكتيبة، حيث كشف تقرير داخلي لوكالة “فرونتكس” اعتبارها مجموعة طارق بن زياد بأنها “دورية تابعة لخفر سواحل ليبيا”، كما تبين أن المركز الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في طرابلس يمرر معلومات عن قوارب اللاجئين إلى قوات حفتر، حسب المجلة.
أموال وتدريب إيطالي
وفي محاولة لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، التقت رئيسة الوزراء الإيطالية مؤخرا بحفتر وعرضت مساعدات مالية وتدريبات لكتيبته، كما اعترف مسؤولون مالطيون بالتعاون معه أيضاً، رغم اتهام بعض ميليشياته بالاختلاط مع شبكات تهريب المهاجرين، طبقا لـدير شبيغل.
وبالرغم من خطب المسؤولين الأوروبيين الإنسانية، إلا أنهم يسعون بشكل واضح لتعزيز تعاملهم مع حفتر لحماية حدودهم على حساب حياة المهاجرين.