تواجه ليبيا تحديات متعددة في محاولة رفع إنتاجها النفطي، رغم الأهمية الحيوية لهذا القطاع الاستراتيجي لاقتصادها المتعثر.
أرقام متضاربة
برز تناقض جلي بين الأرقام المعلنة حول معدلات الإنتاج من قبل رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، وبيانات المؤسسة الوطنية للنفط التي يرأسها فرحات بن قدارة.
ففي آخر اجتماعات مجلس الوزراء أمس الاثنين، أعلن الدبيبة ارتفاع الإنتاج إلى أكثر من 1.5 مليون برميل يوميًا في يونيو، مؤكدًا هدف الحكومة برفعه إلى مليوني برميل مع نهاية العام 2025.
الأمر المستغرب أن بيانات المؤسسة أشارت إلى إنتاج 1.25 مليون برميل فقط من الخام يوميًا، إضافة إلى كميات أخرى من المكثفات والغاز الطبيعي.
يراوح مكانه
هذا التباين الواسع في الأرقام، الناجم ربما عن اختلاف المصطلحات والأسس الإحصائية بين الجهتين، يزيد من الغموض المحيط بالوضع الفعلي لقطاع النفط. كما يكشف غياب التنسيق بين المؤسسات الحكومية ذات الصلة، ما يثير تساؤلات جدية حول وجود خطة حقيقية لزيادة الإنتاج الذي ظل يتراوح في معدل 1.2 مليون برميل يوميًا.
وعلى الرغم من التصريحات المتكررة برفع الإنتاج إلى 1.5 مليون برميل بنهاية 2025 ومليوني برميل خلال 3 سنوات، إلا أن قطاع النفط يكافح تحديات شتى تحول دون ذلك. فالاضطرابات الأمنية والإغلاقات المتكررة للحقول والموانئ، إلى جانب تقادم البنى التحتية وشح الاستثمارات والتمويل، كلها عوائق حقيقية أمام زيادة الإنتاج وتطوير المنشآت.
شريان الاقتصاد
يشكل النفط شريان حياة الاقتصاد الليبي، حيث يمثل نحو 95% من إيرادات الدولة. لذا فإن زيادة الإنتاج واستقرار هذا القطاع الحيوي أمر بالغ الأهمية لتعزيز الاقتصاد الوطني ودفع جهود التنمية لتوفير الخدمات للمواطنين.
ورقة ضغط
أصبح النفط في ليبيا ورقة الضغط السياسي، فمع الانقسام، تسعى الأطراف المتنازعة للسيطرة على هذا القطاع الاستراتيجي، في حين تدعو أطراف دولية وليبية إلى تحييده عن الصراع السياسي لضمان استقراره واستدامته.
تحديات الزيادة
تحصل قطاع النفط على ميزانية استثنائية من المصرف المركزي لزيادة معدلات الإنتاج، وسيل منها خلال عام 2023 تقريبا 17.5 مليار دينار، وخلال الأشهر الخمسة من عام 2024، أعلن المركزي تسييل 4 مليار دينار إضافية من الميزانية الاستثنائية، إلا أن المعدلات ما زالت في قيمها السابقة.
حقل CN7
أوقف مجلس الطاقة في اجتماعه الأخير الاتفاقية التي كانت تعتزم مؤسسة النفط توقيعها مع ائتلاف شركات أجنبية هي إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وأدنوك الإماراتية وشركة الطاقة التركية، لتطوير حقل الحمادة CN7، بسبب موجة رفض واسعة من عدة جهات رسمية كونها تفرط في نسبة كبيرة من حصة الإنتاج.
وكانت رؤية مؤسسة النفط لتوقيع الاتفاق هو عجز الدولة في تمويل المشروع الذي اكتشف عام 1959، ولكونه يساهم في زيادة الإنتاج إلى ما يقرب من 2 مليون برميل من الخام يوميًا وأيضا كميات كبيرة من الغاز.
الفساد
تعاني قطاعات الدولة منذ عقود من الفساد الذي استشرى خلال العقد الأخير، ولم تسلم منه جميع القطاعات، وشكل الفساد حاجزا عن زيادة الإنتاج عموما، ويعتبر قطاع النفط أكبر الخاسرين باعتباره المصدر الأول للدولة من حيث مواردها المالية.
ويبقى السؤال.. هل تنجح المؤسسات في رسم خطة واضحة لزيادة الإنتاج النفطي وتنفيذها؟