في الوقت الذي يترقب فيه الليبيون رفع أو تخفيف العقوبات الدولية الاقتصادية والمالية على ليبيا لتعافي القوة الشرائية للدينار، وتحسين الحياة المعيشية للمواطنين، وتوفير السيولة في المصارف، بل والنقد الأجنبي، يظهر ما يشي أن هناك غضا للطرف أو تساهلا متعمدا في ملف العقوبات الدولية بتسليح أطراف الصراع في ليبيا وليس على المستوى المؤسساتي الذي يعاني الانقسام والتهميش.
ومع دخول قرار مجلس الأمن حظر ليبيا من التسليح، عامه 14 لم تتوقف دوامة الحرب الأهلية الليبية بين اشتباكات مسلحة وصراعات قبلية أو تنازع على السلطة، ولم تنفذ الأسلحة ولا الذخائر، ومع تهالك التركة العسكرية التي ورثها المسلحون عن النظام السابق يظهر جليا أن كثيرا من الترسانة التي تشعل نار الحرب حديثة، وهو ما يثير الشك في جدوى العقوبات الدولية على ليبيا مع تدفق الأسلحة للمجموعات المسلحة.
تجارة الموت
عقب اعتقال الشرطة الإسبانية الأسبوع المنصرم، 4 من مديري شركة تقنية مقرها مدريد وخامس في فالنسيا قدم من ليبيا، كشفت صحيفة (إنديبندنت) الإسبانية أن الأدلة تشير إلى تورط شركة أسلحة في القضية، مبينا أن الإسبان الأربعة يديرون شركة للهندسة الدفاعية واللوجستية اسمها Star Defense Logistics & Engineering، ويرمز لها (SDLE)، وهو المسؤول عن مجموعة (RADA-SDF) التي تصفها مصادر استخباراتية، بأنها وحدة عمليات خاصة، تركز على الاختطاف والقتل والاغتيالات بالتسمم بالمخدرات والكحول، والاتجار بالمهاجرين غير القانونيين، وتهريب الأسلحة، وتهريب المتفجرات، والإرهابيين والمؤامرات.
وتحقق الشرطة الإسبانية في انتهاك عقوبات مجلس الأمن الدولي بحظر التسليح المفروض على ليبيا، وتتقصى الحكومة الإسبانية على محاولة تهريب المواد الدفاعية ذات الاستخدام المزدوج، ومنها شراء وبيع طائرات مسيرة مزودة بكاميرات حرارية، وأنظمة مضادة للطيران المسير، موضحة أن التحريات عام 2020، أفضت إلى أن شخص ليبي كان ينقل الأسلحة والمعدات إلى بلاده.
وانتهت شرطة مفوضية المعلومات العامة في التحقيق مع الإسبان الأربعة إلى أن الوجهة النهائية للمنظومة المضادة للطائرات الموردة من شركة (SDLE) الإسبانية كانت مطار معيتيقة بطرابلس، وكانت الشحنة لصالح المعتقل الخامس، وتقدر القيمة السوقية بأكثر من مليوني يورو.
تورط رسمي غربي
وجرت الاعتقالات متزامنة الأسبوع الماضي، بعضها في مطار فالنسيا، والبقية في مدريد، وقامت الجهات الأمنية بتفتيش مكاتب الشركة الإسبانية، إضافة إلى منزلين في فالنسيا، وتمكنوا من الاستيلاء على الوثائق والمواد الرقمية المتعلقة بالتحقيق، وترفض السلطات الإسبانية التصريح بإعطاء أي معلومات بدعوى حساسية الأمر، وتجنبا لكشف المتورطين في انتهاك حظر التسلح قبل إتمام التحقيقات النهائية، والتكتم خشية كشف مسؤولين في تمرير صفقة السلاح.
وتفرض وزارة الدفاع الإسبانية رقابة مشددة على الشركات التي تنتج الأسلحة، لارتباط المسألة بالأمن القومي، وتتيح الاتفاقيات للشركات الأوروبية أن تتفاوض بحُرية مع ليبيا بشأن أي قضية باستثناء الدفاع والمواد ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري، مثل الطائرات بدون طيار، ويلزم الشركات المصنعة أو الموردة أن تحصل على موافقة خاصة من الحكومة بإشراف وزارتي الدفاع والاقتصاد.
وجعلت الحكومة الإسبانية محور التحقيق حول النظام المضاد للطائرات بدون طيار الذي كان مديرو الشركة يريدون بيعه إلى ليبيا، والأسلحة التي كانت الشركة تريد بيعها إلى ليبيا هي معدات محمولة على شكل بندقية، تسقط عدد غير محدود من الطائرات بدون طيار داخل دائرة نصف قطرها 1000 متر، قد تكشف التحقيقات الإسبانية المتورطين الرئيسيين، في إذكاء الصراع المسلح في ليبيا، سواء من عصابات تجارة السلاح، أو المسؤولين الحكوميين في وزارتي الدفاع والتجارة الإسبانيتين.
ويبقى السؤال.. هل ستعلن الحكومة الإسبانية نتائج تلك التحقيقات؟
المصدر: صحيفة انديبندنت الإسبانية