لا يزال صدى تهريب الوقود يتردد محليا ودوليا، مع عزم المسؤولين في ليبيا على مراجعة أسلوب مقايضة النفط الخام، وذلك في ظل تزايد التقارير الاستقصائية الغربية التي تكشف عن تجاوزات في قطاع الطاقة وتحويل جزء من إنتاجه إلى سلعة تباع في السوق السوداء الدولية.
اجتماع موسع
بحث النائب العام الصديق الصور، مع رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، التدابير القضائية والإدارية لمواجهة التهريب المتزايد للمحروقات في البلاد.
وتناول الاجتماع كلفة المحروقات المستوردة ومدى توافقها مع الاحتياجات المحلية، إضافة إلى مراجعة أسلوب مقايضة النفط الخام وتوافقه مع قواعد إدارة المال العام. كما تم طرح مقترحات لمعالجة أسباب التهريب والإسهام في إصلاح تشوهات الموازنة بالتعاون مع السلطتين التنفيذية والتشريعية.
40% من الوقود يهرب
فبراير الماضي كشف تقرير لصحيفة بلومبيرغ، عن تهريب 40% من الوقود المستورد في ليبيا، ما يعادل 5 مليارات دولار سنويًا، مؤكدة أن الوقود المستورد من روسيا يُهرَّب إلى دول أوروبية عبر شبكات منظمة تستخدم ناقلات نفط كبيرة.
وأشارت الصحيفة إلى احتجاز الناقلة “Queen Majeda” في ألبانيا كجزء من التحقيقات الدولية في عمليات التهريب.
وأكد رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك لبلومبيرغ أن دعم الوقود ارتفع من 36 مليار دينار في عام 2021 إلى 62 مليار دينار في 2022، ومن المتوقع أن يشهد زيادة إضافية خلال 2023. وأوضح شكشك أن التهريب تطور من أنشطة فردية إلى جريمة منظمة تقودها مجموعات ذات نفوذ، ما أدى إلى فقدان حوالي 5 مليارات دولار سنويًا.
البريقة تُفنّد
ورد اسم شركة البريقة على وثائق الشحن الخاصة بالناقلة “الملكة ماجدة” المحتجزة في ألبانيا، على خلفية تهريب وقود بكمية 2 مليون برميل، في حين فنّد رئيسها كل هذه الاتهامات، معتبرا أنها لا أساس لها من الصحة. بحسب بلومبرغ
رئيس الشركة فؤاد بالرحيم أكد لبلومبرغ أن البريقة تختص بجمع الوقود وتوزيعه على شركات التوزيع، لكنها غير متورطة في التهريب، وأنها ليست مسؤولة عن نقل الوقود مشيرا إلى أن تسليم كميات الوقود لشركات التوزيع لا تتبعه مراقبة من أي طرف، معبرا عن مخاوفه من ازدياد الوضع سوءا في المستقبل، ما لم يتم تفعيل إجراءات أكثر صرامة، منوها إلى افتقارهم للاختصاص والسلطة.
680 مليون لتر شهريا
ومطلع نوفمبر الحالي، أكد وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة، عماد الطرابلسي، أن تهريب الوقود إلى خارج ليبيا أضر بالاقتصاد الوطني بشكل مباشر، ،وأن ليبيا تعاني من أزمة تهريب وقود منذ 8 سنوات.
الطرابلسي كشف عن تهريب أكثر من 30% من الوقود المستورد، بينما تستهلك ليبيا ما يعادل 680 مليون لتر شهريًا من الوقود، مشيرا إلى نجاح وزارته في تنظيم عملية توزيع الوقود وأن التدابير المتخذة لا تستهدف أي مدينة أو قبيلة بعينها.
أحكام بالسجن
في السياق ذاته، أصدرت محكمة الجنايات أحكامًا رادعة على عشرة وافدين ثبت تورطهم في تهريب أكثر من مليون لتر من وقود الديزل قبالة سواحل زوارة. تضمنت الأحكام السجن 15 عامًا لقائد السفينة و14 عامًا لبقية المتهمين، مع غرامة مالية قدرها 20 ألف دينار، ورد أكثر من 24 مليون دينار، إضافة إلى مصادرة السفينة المستخدمة في الجريمة.
تطور التهريب
وقالت صحيفة تايمز أوف مالطا مارس الماضي، إن تهريب الوقود الليبي تطور ليصبح عملاً تجاريًا بمليارات الدولارات، يشمل الجهات الحكومية والمرتزقة والجريمة المنظمة على نطاق واسع.
وأكدت أن التقديرات تشير إلى أن 20% من إجمالي وقود النقل المستهلك في إيطاليا يأتي من السوق السوداء، كاشفة عن مغادرة 4 سفن ناقلة كبيرة أسبوعيًا ميناء بنغازي في ليبيا ممتلئة بالوقود المهرب.
فهل ستؤتي جهود النائب العام والمصرف المركزي وديوان المحاسبة ومؤسسة النفط أكلها، وتنجح في وضع آليات تحد من تهريب الوقود الذي أصبح تجارة مزدهرة؟