هل تهمش مصر حليفها الليبي
محمود مجدي
المونتير
22 سبتمبر 2020
زار أعضاء اللجنة المصرية الخاصة بليبيا، المكونة من دبلوماسيين وضباط مخابرات في 14 سبتمبر قائد قوات الكرامة خليفة حفتر في مدينة بنغازي شرق ليبيا، وأثارت الزيارة تساؤلات حول أسباب هذه الخطوة المفاجئة.
وهذه هي المرة الثانية خلال شهر التي يلتقي فيها وفد مصري رفيع المستوى بحفتر، ففي 18 أغسطس، التقى حفتر بوفد برئاسة رئيس المخابرات العسكرية المصرية الجنرال خالد مجاور.
وربط المراقبون زيارة 14 سبتمبر بالتحركات المصرية الأخيرة في الملف الليبي بعد أن استضافت القاهرة محادثات مع وفد من غرب ليبيا في 7 سبتمبر، ويعتقد المحللون أن الاجتماع قد يشير إلى تهميش حفتر لصالح حليفه عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق.
ووفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية (مينا) فإن اجتماع 14 سبتمبر ركز على القضايا المشتركة بين البلدين وآخر المستجدات على الصعيدين الإقليمي والدولي، وشدد الوفد المصري، بحسب وكالة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على ضرورة استئناف العملية السياسية وفرض وقف إطلاق النار في ليبيا.
وفي نفس اليوم، التقى الوفد المصري بصالح لبحث “ضرورة التوصل إلى حل سياسي عاجل للأزمة الليبية”، وقال المتحدث باسم البرلمان عبد الله بهيج في بيان صحفي في 14 سبتمبر “ناقش الطرفان الوضع في ليبيا وسبل إنهاء الصراع، وشدد الوفد المصري على ضرورة العودة إلى المسار السياسي وفرض وقف إطلاق النار في ليبيا”.
وفي هذا السياق، قال النائب المصري مصطفى بكري لـ”المونيتر” إن الزيارة المصرية إلى ليبيا تهدف إلى التعرف على المواقف الليبية من جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت في القاهرة، وقال إن “الوفد ضم خبراء وباحثين مصريين وأعضاء في اللجنة المصرية الخاصة بليبيا المكلفة بجمع البيانات عن آخر التطورات السياسية والتظاهرات الأخيرة، في إشارة إلى الاحتجاجات التي اندلعت في طرابلس وبنغازي.
وفي 7 سبتمبر، استضافت القاهرة وفدا من غرب ليبيا، يتكون من أعضاء البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، لأول مرة منذ تدهور العلاقات بين مصر وحكومة الوفاق الوطني الواقعة في طرابلس بعد أن وقع رئيس الوزراء فائز السراج اتفاقيتين للتعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية مع تركيا في نوفمبر 2019، وخلال المحادثات، اتفق الجانبان على ضرورة إعلان خارطة طريق لإنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا، وتحديد موعد لإجراء انتخابات في موعد أقصاه أكتوبر 2021، بالإضافة إلى استئناف الرحلات الجوية بين القاهرة وطرابلس.
وقال بكري: “وزارة الخارجية المصرية والمخابرات المصرية تلقيا تعليمات من القيادة السياسية لإيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف الليبية المتنافسة تمهد الطريق لحل سياسي على أساس مبادرة القاهرة”.
رفض المتحدث باسم قوات حفتر أحمد المسماري التعليق للمونتير على موقف حفتر من المفاوضات الجارية في القاهرة والمغرب، ومع ذلك، خلال مؤتمر صحفي في 16 سبتمبر، قال المسماري: “سنعبر ذلك الجسر عندما نصل إليه. يلتزم الطرفان الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية للحكومة بوقف إطلاق النار من أجل إعطاء فرصة للحل السياسي الذي يسعى إليه الليبيون. سنواصل النضال من أجل تحقيق السيادة على أرضنا”.
وتزامنت الجهود المصرية مع محادثات جرت في المغرب بين ممثلين عن المجلس الأعلى للدولة ومقره طرابلس وبرلمان طبرق، بهدف التوصل إلى اتفاق شامل حول الآليات اللازمة لإسناد المناصب السيادية وتوحيدها.
وقال بكري، عضو البرلمان المصري المقرب من السلطات، إن المغرب يهدف إلى إبرام اتفاق جديد أطلق عليه اسم “الصخيرات 2″ في إشارة إلى اتفاق الصخيرات الذي توسط فيه المغرب في ديسمبر 2015، وتتعارض هذه الجهود المغربية مع الجهود المصرية (مباحثات ترعاها تهدف إلى البناء على مبادرة القاهرة الهادفة للتوصل لحل ليبي ليبي).
وتعتقد روخا حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن زيارة الوفد المصري إلى ليبيا تأتي في إطار الجهود الأخيرة لتوحيد الأطراف المتنافسة في ليبيا.
وقال حسن لـ”المونتر” إن جولات المحادثات الليبية في المغرب ومصر قد تكون محاولة لتمهيد الطريق لحوار سياسي أكبر في جنيف لتشكيل مجلس رئاسي يتألف من ثلاث شخصيات تمثل المقاطعات الليبية الثلاث في الغرب والشرق والجنوب الغربي.
وفي غضون ذلك، أعلن السراج في 16 سبتمبر أنه سيتنحى بحلول نهاية أكتوبر، ووصفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) قرار السراج بأنه خطوة “شجاعة”، قائلة في بيان صدر في 17 سبتمبر، “بناء على البيانات الصادرة عن السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في 21 أغسطس 2020، والاجتماعات الأخيرة بين الأطراف الليبية الرئيسية في مونترو في سويسرا والمغرب ومصر، ولدينا فرصة لاستئناف الحوار السياسي الليبي الشامل بالكامل، والذي تعتزم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) المضي قدمًا فيه في أقرب فرصة.
لكن حسن أضاف: “نظريًا، هذه الخطوات المغربية والمصرية تهدف إلى السلام، لكن تنفيذها على الأرض قد يكون صعبًا”، في إشارة إلى الوضع المعقد الذي نتج عن هجوم حفتر على طرابلس في أبريل 2019، وبالنسبة لحسن، أثبت الهجوم أنه خطأ فادح أدى لاحقًا إلى تدخل تركيا في الأزمة الليبية بإرسال مرتزقة سوريين إلى ليبيا، ما زاد من تعقيد الموقف.
وبعد أن تعرض حفتر لسلسلة من الانتكاسات في هجومه على طرابلس، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يونيو، بحضور حفتر وصالح، مبادرة القاهرة، التي تدعو إلى إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة في الولايات الثلاث خلال 90 يوم، وقد لقيت المبادرة ترحيبا واسعا من قبل المجتمع الدولي، في حين رأى المراقبون أنها خطة مصرية لتقليص نفوذ حفتر في ليبيا لصالح عقيلة صالح.
وحول دور حفتر ومستقبله في المفاوضات الجارية، يعتقد حسن أن هناك إرادة لضم وجوه جديدة مختلفة عن الشخصيات التي تقود المشهد الليبي حاليا، وأضاف حسن: “مصالح مصر تكمن في ضرورة تحقيق الاستقرار والوصول إلى حل سلمي في ليبيا، ولا تعتمد على شخصيات أو أشخاص بعينهم”، موضحًا أنه إذا لزم الأمر، فإن مصر مستعدة للتحالف مع شخصية أخرى.
وقالت كلوديا غازيني، المحللة البارزة للشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، لـ”المونتر”: “حفتر لا يدعم الدور القيادي الذي يسعى صالح لشغله في شرق ليبيا، ولم يدعم محادثات المغرب، كما أنه يرفض دعم أي حل دبلوماسي يهدف إلى عزله”.
وأضافت غازيني: “القاهرة أظهرت بالفعل بوادر لعزل حفتر وفي الوقت نفسه تحسين صورة صالح، وقد أدى ذلك إلى نزاع بين السلطات المصرية وحفتر”.
وأضافت: “لا أعتقد أن هناك أحدا مستعد للتخلي عن حفتر رسميًا، على الأقل كقائد عسكري، ما دام أن هناك توترا، وخطر الحرب في ليبيا قائم، لكن المؤكد أنه لا مجال أمام حفتر للعب دور سياسي قيادي في ليبيا، وهو ليس جزءًا من مخططات أقرب حلفائه، مثل روسيا والإمارات العربية المتحدة”.
لكن البكري يعتقد أن “وجود الجيش الليبي ضروري لتفكيك المليشيات ولعب دور مهم في تحقيق الاستقرار على الحدود مع مصر. هذا هو السبب في أن القاهرة لن تتخلى عن زعيمها حفتر”.