بالتزامن مع توقيع دول “مالي والنيجر وبوركينا فاسو” معاهدة “اتحاد كونفدرالي” في العاصمة نيامي الأيام الماضية، وصل رئيس أركان القوات البرية بـ “القيادة العامة” صدام حفتر إلى بوركينا فاسو الثلاثاء الماضي.
دلالات التوقيت
بعد 3 أيام من إعلان التحالف الثلاثي الذي رسخ القطيعة مع بقية دول تكتل غرب أفريقيا “إكواس” التقى “صدام حفتر” مع الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري في العاصمة واغادوغو، وتعد هذه الزيارة الرسمية هي الأولى من نوعها لحفتر الابن إلى بوركينا فاسو منذ تكليفه برئاسة أركان القوات البرية بالقيادة العامة.
ترحيب بالتعاون
وأشارت مصادر مختلفة أن الجانبين ناقشا سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري، إضافة إلى تبادل الخبرات في مجالات محاربة الجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب، وأفادت المصادر أن الزيارة جاءت أيضاً لتعزيز العلاقات بين ليبيا مع الدول الأفريقية وتوسيع نطاق التعاون في مختلف المجالات.
ترسيخ النفوذ
صحيفة “فيدوموستي الروسية” أفادت أن روسيا تقف وراء هذه الزيارة حيث تسعى موسكو إلى ترسيخ نفوذها في ليبيا ومنطقة الساحل الإفريقي، بعد تعزيز تواجدها بشكل كبير خاصة في المجال العسكري التقني، نوايا موسكو أثارت تحفظات الولايات المتحدة الأمريكية فقد اعتبر الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن الجهود التي تبذلها روسيا “لتعميق موطئ قدمها في ليبيا، واستخدامها كقاعدة لمزيد من زعزعة استقرار منطقة الساحل” مشيرا لوجود ” ما يقرب من 1800 فرد بقوة مدعومة من موسكو موجودة حاليا في ليبيا”.
وكانت مصادر إعلامية قد كشفت في الفترة الماضية وصول نحو 1500 مقاتل من القوات الروسية إلى شرق ليبيا في إطار الخطة الروسية لاستبدال مجموعة “فاغنر” بعناصر “الفيلق الأفريقي الجديد” ولكن بمهام مختلفة وربما أكثر تأثيرا على ليبيا وباقي دول أفريقيا.
تعاون عسكري
واتخذت وزارة الدفاع الروسية خطوات عملية للتفاهم مع قائد القيادة العامة “خليفة حفتر” والتفاهم معه بشأن إنشاء “الفيلق الأفريقي” والتعامل مع القيادات الخاصة به، ويرجح أن تكون ليبيا مركزاً رئيسيا للفيلق ويعزى هذا التخمين إلى الزيارات المتكررة لنائب وزير الدفاع الروسي “يونس بك يفكوروف” إلى بنغازي خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى زيارات وفود عسكرية من القيادة العامة إلى النيجر.
وتكثف روسيا أنشطتها العسكرية في شرق البلاد بشكل موسع في الأشهر الثلاثة الأخيرة، إذ كشف تقرير لمنصة “ميليتري أفريكا” أن طائرات شحن روسية وصلت إلى قاعدة الشاطئ في ليبيا، بينما وصلت سفن شحن محملة بالعتاد العسكري والأسلحة إلى ميناء طبرق في وقت سابق.
مخاوف متزايدة
وتثير هذه المستجدات مخاوف غربية متزايدة، عقب انحسار النفوذ الفرنسي في أفريقيا خلال الفترة الأخيرة، فيما عملت روسيا على استمالة المجالس العسكرية التي قادت انقلابات في عدة دول أفريقية على غرار “النيجر ومالي وبوركينا فاسو”، ويسعى الفيلق الروسي إلى زيادة أعداده في القارة الأفريقية إلى قرابة 40 ألف مقاتل بعد مغادرة القوات الأمريكية للقاعدة 101 من النيجر.
تغيير موازين النفوذ
الاتحاد الكونفدرالي المولود الجديد قال عنه قادة الدول الثلاث خلال أعمال القمة إنه يؤسس لكتلة اقتصادية ستكون فضاء تكامليا لدول غرب القارة الإفريقية، وإن شعوب دولهم الثلاث قرروا أن تدير ظهرها لمنظمة “إيكواس” بشكل لا رجعة فيه، وإن اتحاد الساحل هو الكيان البديل الرسمي لأي مجموعة إقليمية مصطنعة تسيطر عليها قوة أجنبية.
وتجاوزت بيانات قادة التحالف تبرير الانقلابات إلى محاولة تغيير الخارطة الجيوسياسية وموازين النفوذ في منطقة تشهد صراعا دوليا عسكريا واقتصاديا.
ويرى مراقبون أن تداعيات الاتحاد الجديد لن تضع أوروبا فقط في مواجهة تدفقات الهجرة عبر ليبيا، واستثماراتها في أفريقيا، وإنما يضعها أيضا في مواجهة نفوذ روسيا في المنطقة.