لأول مرة يغلق خط أنابيب “جرين ستريم” الممتد من غرب ليبيا إلى جزيرة صقلية في إيطاليا بطول 520 كيلومترا، وبقدرة نقل قصوى تقدر بـ11 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، وهو مشروع نقل الغاز الطبيعي من إفريقيا إلى أوروبا، وتقدر تكلفت إنشائه نحو 6.6 مليار دولار.
توقف تصدير النفط من الحقول وخطوط نقل الغاز من ليبيا إلى أوروبا لم يستمر أكثر من 24 ساعة، وجرى تسوية الأمر من قبل حكومة الوحدة مع المحتجين من حرس المنشآت النفطية المطالبين بمستحقات مالية لم تصرف لهم.
تنفيذ التهديد
بعد مناشدات وتلويح بالإغلاق الأيام الماضية ولكن دون جدوى، الرئيس المكلف للنقابة العامة للنفط لؤي داوود يؤكد في تصريح لفواصل، أن منتسبي حرس المنشآت النفطية أغلقوا مصفاة الزاوية ومجمع مليتة والموانئ النفطية لعدم الاستجابة لمطالبهم.
وعقب إعلانهم إغلاق مجمع مليتة النفطي، منتسبو حرس المنشآت يقفلون خط غرين استريم المصدر للغاز إلى إيطاليا، ويبقون على الصمام المحلي.
ردة فعل
في أول ردة فعل على الإغلاق.. رئيس مؤسسة النفط المكلف مسعود سليمان يطالب منتسبي الجهاز بضرورة إبعاد المنشآت النفطية عن التجاذبات، مبديا تفهمه لمطالب العاملين بجهاز حرس المنشآت النفطية، داعيا إلى اتباع القنوات الرسمية والقانونية لتنفيذ متطلباتهم.
لطالما لوّح منتسبو حرس المنشآت النفطية بالإغلاق، واليوم عندما نفذوا تهديداتهم قرر رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة تحديد مرتبات منتسبي جهاز حرس المنشآت النفطية، وفقاً لجدول المرتبات الموحد لمنتسبي الجيش الليبي.
من جهتها رحبت رئاسة جهاز حرس المنشآت النفطية بالقرار، وهنأت منتسبي الجهاز بتحديد مرتباتهم وفقا لجدول المرتبات الموحد لمنتسبي الجيش الليبي، شاكرة كل من عمل في سبيل صدور هذا القرار وتمكين منتسبي الجهاز من نيل حقوقهم المالية.
قرار مزور
وبعد ساعات من إغلاق الحقول وخطوط نقل النفط والغاز، ظهر بيان مزور منسوب للنائب العام، وسرعان ما نفى مكتبه في تصريح لفواصل، صدور أمر بضبط وإحضار رئيسي النقابة العامة للنفط لؤي عمر داوود، وجهاز حرس المنشآت النفطية عبدالرازق الحرماني، أو تكليف قوة عسكرية من رئاسة الأركان للتوجه إلى مدن الزاوية ومصراتة وتأمين منشآت النفط.
بداية الشراك
سنة 2008 وقعت ليبيا وإيطاليا اتفاقية تدفع إيطاليا بموجبها 5 مليارات دولار على مدى السنوات الـ25 المقبلة تعويضا عن الحقبة الاستعمارية حدث مهم حينها وسابقة لم تعرفها المنطقة
ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني آنذاك أكد أن “اتفاقية الصداقة” بين روما وطرابلس تنهي النزاع عن فترة استعمار إيطاليا لليبيا بين الأعوام 1911-1943.
جوهر الاتفاقية
التبادل التجاري بين البلدين يصب في صالح ليبيا، فاعتماد إيطاليا على النفط والغاز الليبيين بشكل كبير يجعل مسألة الاعتذار والتعويض هامشية في ظل التطورات ذات الأثر المباشر على إمدادات الطاقة التي يشهدها العالم، وهي تطورات تنذر بتغير نسبي في مناطق الطاقة الحيوية مع استمرار حالة التأزم.
من ناحية أخرى فإن اعتماد ليبيا على الآلات والمعدات ومستلزمات التشغيل، بالإضافة إلى شركات الإعمار والمقاولات الإيطالية ذو أهمية نسبية منخفضة، ويصبح مطلب جذب فائض رأس المال الليبي الكبير ملحا وضروريا بالنسبة لصانع القرار الإيطالي الذي يسيطر عليه التفكير البراغماتي، وتتراجع لديه المسائل الأيديولوجية عند مصادمتها للمصالح الاقتصادية والمالية
فالاتفاق بالنسبة للطرف الإيطالي لا يعدو كونه صفقة تجارية يطغى حساب الربح فيها على ما عداه، ولذلك لم يتلعثم برلسكوني عند الرد على الانتقادات التي وجهتها الصحافة الإيطالية للاتفاق باعتباره باهظ الكلفة عند قوله “لا ينظرون إلى المزايا التي ستحصل عليها شركاتنا.
بعد منع تصدير النفط والغاز من مجمع مليتة إلى إيطاليا لأول مرة، هل فتح الباب أمام المجتجين مستقبلا لاستخدام ورقة الضغط التي أثبتت نجاحها في كل مرة لتحقيق المطالب؟