في سياق الصراع السوداني، تبرز ليبيا، كأحد الأطراف المؤثرة في مجريات الأحداث، إذ تتعدد التقارير التي تشير إلى دعم قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر لقوات الدعم السريع السودانية بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، سواء من خلال تزويدها بالأسلحة أو توفير الدعم اللوجستي.
تطورات الأوضاع
وفي تطور لافت للأحداث في السودان، تمكن الجيش السوداني من تحقيق تقدم ملموس في العاصمة الخرطوم، حيث استعاد السيطرة على مناطق استراتيجية كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، أبرزها مقر القيادة العامة للجيش السوداني وسلاح الإشارة وغيرها من المناطق.
بالتزامن مع كل هذا أفادت صحيفة “سودان تربيون” بأن قوات الدعم السريع بدأت في نقل معدات ثقيلة وأسلحة نوعية من قاعدة السارة، الواقعة على الحدود السودانية التشادية، إلى إقليم دارفور، قبل أيام، ويأتي هذا التحرك في ظل انسحابات متتالية لقوات الدعم السريع من مناطق في العاصمة الخرطوم.
دعم حفتر
وفي مطلع يناير 2025، أفاد ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني، بأن 25% من قوات الدعم السريع هم من المرتزقة القادمين من ليبيا تحت قيادة حفتر، بالإضافة إلى عناصر من تشاد ودول أخرى، وأشار العطا إلى أن هذه القوات تتلقى دعمًا مباشرًا من حفتر، بما في ذلك الأسلحة والعتاد.
من جانب آخر، ذكرت صحيفة القدس العربي، في أكتوبر 2024 أن حفتر يواصل إمداد قوات الدعم السريع بالسلاح، رغم الانتقادات الدولية المتزايدة. كما أشارت إلى ضبط شحنة ضخمة من الأسلحة كانت في طريقها إلى قوات الدعم السريع، مما يعزز الشكوك حول تورط حفتر في تأجيج الصراع السوداني.
نفي حفتر
في المقابل، نفى حفتر مرارًا هذه الاتهامات، ففي يونيو 2024، صرح خلال لقاء مع قادة قواته بأنه لا يدعم أي طرف في السودان، مؤكدًا أن قواته تلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، كما دعا السودانيين إلى وقف الاقتتال والاحتكام لصوت العقل.
زيارة الصديق
ونشرت فواصل في 23 أبريل 2023 أي بعد بداية الحرب في السودان بأسبوع واحد، تفاصيل دعم حفتر لقوات الدعم السريع، كما تناولت زيارة نجله الصديق، إلى الخرطوم ولقائه حميدتي.
وبحسب مصادر استخباراتية مقربة من القيادة العامة، أن حميدتي تلقى أثناء الزيارة تحذيراً من حفتر بأن الجيش السوداني يستعد للتحرك ضده، ليحرك حميدتي بعد يوم واحد من الزيارة، قواته للسيطرة على مطار مروي الدولي (300 كم شمال الخرطوم) ويبدأ نشر مقاتليه للسيطرة على مواقع رئيسية في الخرطوم.
كما نقل التقرير أن شحنات من الوقود تأتي عبر ميناء بنغازي ثم تنقل إلى السودان، إلى جانب مصفاة السرير.
تقارير دولية
تتعدد التقارير الدولية التي تشير إلى دعم قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر لقوات الدعم السريع السودانية، ووفقًا لتقرير صادر عن المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية في فبراير 2024، تم تهريب كميات كبيرة من الوقود والأسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر ليبيا ودول أخرى، وأشار التقرير إلى أن حفتر زوّد هذه القوات بالوقود والأسلحة عبر القواعد الجوية والبرية، خاصة قاعدة الويغ بالقرب من الحدود مع تشاد والنيجر، بالتعاون مع مجموعة فاغنر الروسية.
وفي تقرير آخر نشرته صحيفة “واشنطن بوست” في أبريل 2023، أفادت بأن قوات الدعم السريع تلقت نحو 30 ناقلة وقود وشحنة إمدادات عسكرية على الأقل من أحد أبناء حفتر، وبحسب التقرير فإن هذه الإمدادات تأتي في إطار العلاقات القائمة بين قوات حفتر ومجموعة فاغنر الروسية، التي يُعتقد أنها تدعم قوات الدعم السريع.
بالإضافة إلى ذلك، كشف تقرير للجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023 عن إنشاء جسر جوي لنقل العتاد العسكري من مطار بنينا في بنغازي إلى مطار الكفرة، ومن ثم إلى الحدود السودانية، لدعم قوات الدعم السريع، وأشار التقرير إلى أن أفرادًا من قوات حفتر قاموا بتسهيل نقل العتاد العسكري باستخدام مقاتلين سودانيين تابعين للكتيبة 128.
التأثر الاقليمي
تظهر هذه التطورات التداخل المعقد بين الصراعات في السودان وليبيا، حيث يسعى كل طرف إلى تحقيق مصالحه الإقليمية. دعم حفتر لقوات الدعم السريع، سواء كان حقيقيًا أم مزعومًا، يضيف بعدًا جديدًا للصراع السوداني، ويعكس التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه المنطقة بأسرها.
تساؤلات الدعم
في سياق متصل، تثار تساؤلات حول دعم قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر لقوات الدعم السريع، فقد كشفت تقارير أن حفتر زوّد هذه القوات بالأسلحة والوقود عبر قواعد عسكرية ليبية، خاصة قاعدة الويغ بالقرب من الحدود مع تشاد والنيجر.
تساؤلات كثيرة تطرح وسط هذا الصراع المعقد.. هل تعكس هذه التطورات تعقيدات المشهد الأمني في المنطقة؟ وتسلط الضوء على التداخلات الإقليمية وتأثيرها على مسار وديناميكية الصراع في السودان والمنطقة؟