في خطوة غير مسبوقة في نوعها، التقى المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا عبد الله باتيلي، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد في بنغازي لأول مرة. وجاء هذا اللقاء المفاجئ في وقت تشهد فيه البلاد احتجاجات شعبية ضد الأطراف السياسية المتنازعة، وسط رفض حاد لقرار مجلس النواب بفرض ضريبة 27% على العملات الأجنبية، وتردي الاقتصاد وجمود العملية السياسية.
نحو الانتخابات
وطبقا لبيان حكومي، فقد بحث باتيلي وحماد “مستجدات الوضع السياسي في البلاد وسبل المضي قدمًا نحو إجراء الانتخابات التي يتطلع إليها الليبيون،” وأكد حماد أن عدم اعتراف المجتمع الدولي بحكومته “دفعها لأخذ زمام المبادرة وتوفير الاستقرار والخدمات وحل العقبات التي تواجه البلديات في شرق وجنوب البلاد وبعض مناطق الغرب.”
ويأتي لقاء باتيلي وحماد بعد أشهر من الجمود السياسي والمساعي الأممية العقيمة لإيجاد حل للأزمة الليبية المستمرة منذ سنوات. كما ينبئ هذا اللقاء باحتمال تغيير مقاربة البعثة الأممية والمجتمع الدولي تجاه الأزمة، خاصة بعد الضغط الأمريكي لتشكيل حكومة تصريف أعمال في البلاد تشرف على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
احتجاجات مصراتة
لقاء حماد جاء بعد أقل من 24 ساعة من احتجاجات شهدتها مدينة مصراتة ضد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ورفضًا لقرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بفرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بناءً على اقتراح محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير. حيث رفع المتظاهرون شعارات مطالبة بإسقاط الأجسام السياسية منتهية الولاية مثل خاصة مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة.
وتأتي هذه التطورات في ظل جهود أممية مستمرة لتحريك عملية السلام عن طريق إشراك كافة الأطراف المتصارعة في مشاورات سياسية تمهد لتشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات في 2024. لكن هذه الجهود تصطدم بتمسك الأطراف بمواقفها المتشددة، إذ ترفض حكومة الاستقرار الوطني وحلفاؤها استبعادها من أي حوار سياسي.
بادرة أمل
ومن هنا، قد يكون لقاء باتيلي وحماد بادرة أمل في اتجاه إدخال حكومة برقة في عملية التفاوض من أجل التوصل إلى تسوية بشأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل حكومة جديدة تقود البلاد إلى صناديق الاقتراع.
لكن الواقع الليبي المتغير يجعل من الصعب الجزم بدلالات هذا اللقاء في الوقت الراهن، لكنه قد يشكل نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة في العملية السياسية إذا ما تبعته خطوات عملية لإشراك كافة الأطراف وتحقيق المصالحة الوطنية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تضع حدًا للأزمة المستمرة منذ سنوات.