شهد مقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي في الرباط اليوم مراسم تسليم واستلام المهام بين الأمين العام السابق الأستاذ الدكتور الطيب البكوش والأمين العام الجديد السيد طارق بن سالم. هذا التطور يأتي نتيجة لجهود دبلوماسية مكثفة قادها رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، في محاولة لحل أزمة كادت أن تعصف بالاتحاد.
جذور الأزمة
وكانت الأزمة قد نشبت بين الدول الأعضاء في الاتحاد حول منصب الأمين العام. فمن جهة، رفضت المغرب تغيير الأمين العام السابق الطيب البكوش، وهو مقرب من المغرب، بينما هددت الجزائر من جهة أخرى بالانسحاب من الاتحاد إذا لم يتم تغييره. هذه الخلافات أضافت توتراً جديداً إلى العلاقات المتوترة أصلاً بين البلدين، مما هدد بتعطيل عمل الاتحاد بشكل كامل.
دور المنفي
في خضم هذه الأزمة، برز دور رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي كوسيط. وفي إطار جهوده الدبلوماسية، أرسل المنفي في 23 أبريل 2024 مبعوثاً خاصاً إلى المغرب. وقد حمل المبعوث رسالة خطية إلى الملك محمد السادس تؤكد على أهمية مشاركة المغرب وموريتانيا في الاتحاد، وعلى ضرورة تجاوز الخلافات من أجل مصلحة المنطقة ككل.
ثمار الوساطة
وقد أثمرت هذه الجهود الدبلوماسية عن اتفاق بين الأطراف المعنية، حيث تم التوصل إلى حل وسط يتمثل في تعيين طارق بن سالم، وهو من الجزائر، كأمين عام جديد للاتحاد. وقد جرت مراسم تسليم واستلام المهام في مقر الأمانة العامة بالرباط، تلاها اجتماع مع كافة الأطر والموظفين بالأمانة العامة للترحيب بالأمين العام الجديد وتوديع الأمين العام السابق.
العرف المغاربي
يُذكر أن الهيكل التنظيمي لاتحاد المغرب العربي يقوم تقليدياً على توزيع المناصب بين الدول الأعضاء، حيث تكون رئاسة الاتحاد من نصيب ليبيا، ومنصب الأمين العام عادة ما يكون من تونس، بينما يقع مقر الاتحاد في المغرب. أما الجزائر، فتحظى بعدد إضافي من الأعضاء في الأمانة العامة.
آفاق وتحديات
ومن المتوقع أن يساهم هذا التطور في إعادة تنشيط عمل اتحاد المغرب العربي ومؤسساته، كما يمثل عودة للدور الدبلوماسي الليبي في المنطقة المغاربية. كما يُأمل أن يساهم هذا الاتفاق في تخفيف حدة التوتر بين المغرب والجزائر، وأن يفتح الباب أمام مزيد من التعاون الإقليمي.
ستكشف الأشهر القادمة مدى تأثير هذه التطورات على عمل اتحاد المغرب العربي ومستقبل العلاقات بين دوله الأعضاء. ورغم أن تعيين الأمين العام الجديد يمثل خطوة في اتجاه تفعيل الاتحاد، إلا أن هناك تحديات متعددة لا تزال قائمة. وتشير التقديرات إلى أن تجاوز هذه التحديات سيتطلب استمرار الحوار والتنسيق بين الدول الأعضاء. ويبقى السؤال مطروحاً حول قدرة الاتحاد على تحقيق أهدافه المعلنة في تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المغرب العربي في ظل الظروف الراهنة.