تشهد الساحة الليبية تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة، حيث تتزايد التقارير حول تعزيز الوجود العسكري الروسي في شرق البلاد. وفقاً لتصريحات رسمية أمريكية، يقدر عدد المقاتلين الروس في المنطقة بنحو 1800 عنصر، الأمر الذي أثار مخاوف واشنطن وحلفائها.
في المقابل، تنفي موسكو الادعاءات بوجود نوايا لإنشاء قواعد عسكرية دائمة، مؤكدة أن تعاونها مع القوات في شرق ليبيا يأتي في إطار العلاقات الثنائية المعتادة.
يأتي هذا التطور في سياق أوسع من التنافس الجيوسياسي في المنطقة، حيث تسعى القوى الدولية لتعزيز نفوذها في ليبيا والساحل الأفريقي. وتبرز أسئلة حول تداعيات هذا الوضع على مستقبل ليبيا وأمن المنطقة ككل.
واشنطن تصعد نبرتها
وفي تصريح يعد هو الأول بشكل رسمي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر في مقابلة مع شبكة الحرة الأمريكية الجمعة: إن عدد المقاتلين الروس الموجودين في شرق ليبيا يقارب 1800 مقاتل بحسب ما كشفت عنه التقارير، معتبرا أن موسكو لم تُخف طموحها بشأن تعميق موطئ قدم لها في ليبيا.
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها من التقارير الأخيرة التي تفيد بتفريغ السفن البحرية التابعة لروسيا معدات عسكرية في ليبيا، محذرة من مساعي موسكو لاستخدام ليبيا قاعدة لزعزعة استقرار منطقة الساحل.
وشدد المتحدث باسم الخارجية الأميريكية على أن بلاده ستواصل احترام السيادة الليبية، والحوار الذي تيسره بعثة الأمم المتحدة بهدف توحيد البلاد من خلال الوسائل السياسية فقط، على حد تعبيره.
مخاوف أمريكية
وفي منتصف أبريل الماضي، نشرت “فواصل” مقطع فيديو يظهر سفينة تابعة للقوات البحرية الروسية تنزل شاحنات وأسلحة ومعدات عسكرية من ميناء الحريقة بطبرق. وكشفت مصادر لـ “فواصل” أن هذه الدفعة الخامسة على الأقل من التجهيزات العسكرية التي وصلت إلى طبرق منذ بداية شهر مارس، موضحة أن قوات روسية مستقرة في ميناء طبرق أشرفت على عملية الإنزال، الأمر الذي أثار مخاوف واشنطن من زيادة التمركز الروسي على الساحل الإفريقي.
وزاد تصريح السيناتور الجمهوري بيت ريكيتس من مخاوف أمريكا حول احتمال إنشاء قاعدة بحرية روسية في ليبيا، حيث أكد عضو مجلس الشيوخ أن موسكو أرسلت هذا العام قوات خاصة روسية وآلاف المرتزقة من ساحات المعركة في أوكرانيا إلى ليبيا، عقب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد القيادة العامة خليفة حفتر في سبتمبر الماضي، مضيفا أن سفنًا روسية فرغت آلاف الأطنان من المعدات العسكرية في طبرق، مما يحول شرق ليبيا إلى محطة وزن روسية لأماكن مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو، حسب وصفه.
خطة أمريكا للتصدي
وفي جلسة استماع مطولة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، قدمت جينيفر غافيتو، المرشحة لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى ليبيا، رؤية شاملة للتحديات والفرص التي تواجه الدبلوماسية الأمريكية في ليبيا، وذلك في مسعى لاستكمال تعيينها كسفيرة في طرابلس وتحقيق أولويات أمريكا ومصالحها في ليبيا والمنطقة، حيث وعدت بأنها ستأخذ التقارير الواردة حول القوات الروسية على محمل الجد، واصفة ذلك بأنه أكبر تحدٍ يواجه ليبيا إلى جانب معضلة عدم وجود حكومة موحدة ما يفاقم تأثير روسيا في البلاد المنقسمة على نفسها.
المزعزع للاستقرار
كما حذرت السفيرة الأمريكية المرشحة، من تنامي النفوذ الروسي في الشرق الليبي، مؤكدة أن موسكو تعمق حضورها من خلال الاتجار بالأسلحة عبر ليبيا وإليها وأنها تهيئ نفسها لزعزعة استقرار منطقة الساحل وكذلك الجناح الجنوبي لحلف الناتو بشكل أكبر.
هل لروسيا قاعدة بحرية في ليبيا؟
تزعم الولايات المتحدة الأمريكية أن روسيا قد تكون تستعد لإنشاء قاعدة بحرية في ليبيا لبسط نفوذها على الساحل الإفريقي وتسهيل توغلها في القارة بأكملها، وذلك استنادا على تقارير إعلامية حول وجود عدد من قوات “الفيلق الإفريقي” الذي يشرف على تسييره الكرملين مباشرة.
إلا أن سفير روسيا لدى ليبيا إيدار أغانين، نفى في وقت سابق من الشهر الجاري ما تروج له واشنطن حول احتمال إنشاء قاعدة بحرية، موضحا أن الزيارات المتبادلة بين شرق ليبيا وبلاده، خاصة زيارات نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف، إلى بنغازي تأتي في إطار التعاون العسكري مع القيادة العامة الليبية.
وذكرت تقارير متكررة أصدرتها منصة “عين على فاغنر” الممولة من الاتحاد الأوروبي تزايد عدد المقاتلين الروس في ليبيا وعن نية روسيا إنشاء قاعدة تكون مركزًا لتسيير شؤونها العسكرية والسياسة في إفريقيا.
وبناء على ماسبق تسعى أمريكا لمواجهة التوسع الروسي في ليبيا عبر تكوين تشكيل عسكري بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وبمشاركة ليبيا، يجري التنسيق للإعلان عنه نهاية العام الحالي.