كشفت تقارير صحفية عدة، عن قيام عصابات المافيا الإيطالية بدفن النفايات النووية والسّامة قبالة السواحل الليبية مقابل الحصول على أموال طائلة، وسط تجاهل وتعتيم على القضية.
وأثار وفد من مجلس النواب الليبي القضية خلال مشاركته في مؤتمر تغيّر المناخ (COP26) الذي عقد في غلاسكو مطلع الشهر الجاري، باعتبار أنّ ليبيا من بين أكثر المتضررين من النفايات المدفونة قبالة سواحلها.
ودعا الوفد المشارك في جلسة الاجتماع البرلماني الدولي حول المناخ، إلى اتخاذ موقف موحّد وتجريم نقل النفايات النووية ودفنها في الدول النامية والضعيفة والبلدان التي تشهد صراعات مسلحة، وتعمّد الدول الصناعية التخلّص منها بطرق غير مشروعة من خلال العمل على تصديرها إلى دول العالم الثالث، ما يمثّل جريمة دولية.
وتورّطت العديد من الدول الغربية في التخلّص من نفاياتها النووية والصناعية ودفنها في الصحراء الليبية الواسعة وفي المياه الإقليمية، وفقا لما جاء في تقارير صحفية سابقة، أيّدتها لاحقا مجموعة من المعلومات الصادرة عن الأجهزة الرسمية في ليبيا.
وقد أشارت منظمة “إنتر برس” الإعلامية العالمية، إلى أنّ تكلفة دفن طن واحد من النفايات الخطِرة في إحدى دول إفريقيا، يكلّف الدول الغنية نحو 2,5 دولار، في حين أنّ دفنه في أوروبا يتجاوز 250 دولارا، وبناء على ذلك، خططت هذه الدول، منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، للاتجاه نحو هذه البلدان للتخلص من النفايات النووية بأقل تكلفة وبعيدا عن الأضواء.
وكانت ليبيا الوجهة الرئيسية التي انتهزتها العديد من الأطراف لدفن سمومها مع تملّصها من المسؤولية، بسبب الاضطرابات السياسية والعسكرية التي تعيشها البلاد، وخلّفت وراءها أجهزة دولة هشة وانفلاتا أمنيا، إضافة إلى قربها الجغرافي من البلدان الأوروبية وإطلالتها المتوسطية.
وتحدثت العديد من المصادر والشهادات عن تحوّل ليبيا إلى مكبٍّ للنفايات النووية والسامة، حيث دفنت العديد من الدول، سواء عبر قنواتها الخاصة أو عن طريق العصابات الإجرامية، أطنانا من السموم في منطقة جنوب ساحل البحر المتوسط، أي قُبالة الشريط الساحلي الليبي الذي يمتدّ على طول أكثر من ألفي كيلومتر تقريبا، إضافة إلى دفن بقية النفايات في الصحراء أو تهريبها إلى بقية البلدان الإفريقية.
ولم تكن تصريحات الوفد الليبي وإدانته لجريمة الدول الصناعية والمتقدّمة في دفن نفاياتها في ليبيا هي الأولى من نوعها، حيث وجّهت الجهات الرسمية الليبية عام 2013 الاتهامات بشكل مباشر لعدّة أطراف، وكان من بينها إسرائيل وإيطاليا، وجهات أخرى.
وأكد تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية، أنّ عصابات المافيا الإيطالية تتقاضى مبالغ مالية تصل إلى 20 مليار يورو سنويا، مقابل دفن شحنات من النفايات الخطِرة قبالة السواحل الليبية.