رغم مرور أكثر من عامين على تأسيسها، وتوقيع مجلس وزراء حكومة الوحدة على القرار، طالب رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط بتوضيح طريقة تأسيس شركة “أركنو” بعد أن كثر الجدل حولها، خاصة بشأن مصادر تمويلها.
اتفاق النفط
في في يوليو 2022، أسس الطرفان نظامًا جديدًا في ليبيا، قضى أولًا بتغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط ورئيسها مصطفى صنع الله، وتعيين فرحات بن قدارة خلفًا له. كما شمل الاتفاق جوانب عدة، منها فتح الحقول النفطية، وتشكيل قوة مشتركة لحماية الجفرة والموانئ والحقول، وطرد القوات الأجنبية من المنطقة، وإجبارها على مغادرة ليبيا.
غير مباشرة اتفاق نفطي غير مُعلن بين الدبيبة وصدام حفتر
هاجم الدبيبة أداء المؤسسة بقوة، واصفًا عقود “أركنو” بأنها “غير مبررة تقنيًا وماليًا”، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. وتساءل: كيف فازت “أركنو” بمناقصات حساسة رغم عدم وجود سجل لها في المنطقة؟
من جانبه، وصف رئيس مجلس إدارة المؤسسة، مسعود سليمان، شركة “أركنو” بأنها شريك استراتيجي ساهم في تطوير البنية التحتية للقطاع، لكنه تجنب الإجابة المباشرة عن طبيعة العقود المبرمة معها أو أسباب اختيارها دون منافسة، مكتفيًا بالقول إن كل إجراءات تأسيسها خضعت للمراقبة القانونية، مشيرًا إلى أنها تعمل وفق معايير مهنية، دون تقديم وثائق تدعم مزاعمه.
توتر وإيماءات
عند مناقشة تفاصيل “أركنو”، لفتت لغة الجسد في جلسة المساءلة إلى ظهور الدبيبة بشكل متحفظ، مع تكرار حركة لمس أوراقه بطريقة متوترة، وتجنُّب الاتصال البصري المطوَّل مع أعضاء المجلس.
بينما جلس رئيس المؤسسة متشبثًا بذراعيه، مع تعابير وجه جامدة، خاصة عند ذكر اسم الشركة. في الوقت ذاته، لوحظ انقسام بين أعضاء المجلس الحاضرين؛ بعضهم كان يُدون ملاحظات بتركيز، بينما تبادل آخرون نظرات استنكارية خلال إجابات الدبيبة.
مراوغة وتلميحات
خلال إجاباته، أكد مسعود أن العقود خضعت للتدقيق، لكنه استدرك قائلًا: “قد تكون هناك ثغرات قانونية تحتاج إلى مراجعة”، وأضاف عبارة غامضة: “بعض القرارات ليست بيدنا وحدنا”، ما أثار تساؤلات حول تدخل أطراف سياسية أو دولية في عمل المؤسسة.
ملامح الفساد
انتقد رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، غياب الوثائق الرسمية، متسائلًا عن علاقة مسؤولين في المؤسسة بشركة “أركنو”، وملمحًا إلى وجود تواطؤ يهدد أمن ليبيا الاقتصادي.
محاولة احتواء
بعد الهجوم الحاد، حاول الدبيبة تهدئة الأجواء بالتأكيد على أن حكومته ستقدّم كل الوثائق، واعدًا بمحاسبة المتورطين إن وُجدت مخالفات، لكنه لم يُحدد موعدًا أو آلية لذلك، ما عزز شكوكًا بأن الوعود تكتيكية لامتصاص الغضب.
تُفاقم الغموض
رغم الجلسة الطويلة، بقيت أسئلة حرجة دون إجابات: لم تُكشف هوية مالكي شركة “أركنو” أو مصادر تمويلها، وتاهت الإجابة وسط ازدحام المداخلات حول من منحها الامتياز دون منافسة، رغم وجود شركات عالمية أكثر خبرة.
وخرج الرأي العام بانطباع أن الجلسة كرّست الغموض بدلًا من كشفه، وتحولت الإجابات إلى متاهات، فيما كشفت لغة الجسد انعدام الثقة بين الأطراف. فهل بات ملف “أركنو” ورقة ضغط سياسية تُغلّب فيها المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية.