666
اختارت مصر ترسيم حدودها مع ليبيا في وقت كان الرأي العام الداخلي مشغولا بقضية تسليم ضابط المخابرات الليبي السابق “أبوعجيلة مسعود” إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والرأي العالمي مشغولا بمونديال قطر 2022.
خطوات أحادية
في أول ردّ رسمي على القرار المصري، دعا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، حكومات مصر وتركيا واليونان، إلى عدم اتّخاذ خطوات أحادية لترسيم الحدود البحرية خشيةَ زيادة التوتر وتأزيم الموقف في البحر المتوسط، مؤكدا استعداد حكومته للتفاوض معها لترسيم الحدود البحرية وفق القوانين الدولية بما يحفظ حقوق الجميع.
انتهاك
وبعد مرور 4 أيام على إعلان مصر ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، أصدرت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية بيانا عدّت فيه الترسيم المصري من جانب واحد، انتهاكا للمياه الإقليمية، وإخلالا بمبادئ حسن النية، حاثّةً الحكومة المصرية على بدء محادثات مع حكومة الدبيبة حول الحدود البحرية.
خارجية الدبيبة نبّهت إلى أن من الممكن إحالة هذا النزاع إلى الوسائل السلمية للتسوية بموجب ميثاق الأمم المتحدة، ومنها محكمة العدل الدولية التي سيتم الاتفاق عليها بين الطرفين أثناء المفاوضات.
تركيا على الخط
في أول ردّ فعل إقليمي، دعت تركيا كلًّا من ليبيا ومصر، إلى الدخول في مفاوضات في أقرب وقت ممكن، لحل الخلافات بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن ما يزعج بعض الدول بشأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، هو نجاعة الاستثمار طويل المدى الذي يحقق نجاحات تمتد لقرن أو نصف قرن،
أردغان يضيف في إطار حديثه عن الاتفاقية الليبية التركية، أن بلاده تبذل جهودا كبيرة لتوسيع علاقاتها السياسية والدبلوماسية على أساس المصالح الاقتصادية المشتركة.
غير كافٍ
الأستاذ المصري في القانون الدولي العام أيمن سلامة يقول، إن قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحديد الحدود البحرية الغربية لمصر في البحر المتوسط، “إجراء أولي انفرادي مهم، ولكنه ليس كافياً ويعوزه إبرام اتفاقيتي تعيين الحدود البحرية مع الدولة الساحلية المجاورة، والساحلية المتقابلة”.
مصر تحاول مؤخرا جاهدةً أن تؤمّن مصالحها، سواء أكانت اقتصادية أم سياسية أم قانونية، بتعيين الحدود البحرية. ولولا تعيين الحدود البحرية لَمَا استغنت مصر ولأول مرة عن استيراد الغاز في 2019، ولَمَا وفّرت من العملة الصعبة المليارات من الدولارات بعد اكتشاف حقل ظهر على يد شركة إيني الإيطالية. وفق تصريحات سلامة لصحيفة العربي الجديد.
لا للمكافئة
المتخصص في شؤون ليبيا والباحث في “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية”، وهي منظمة غير حكومية مقرها جنيف، جلال حرشاوي، يرى أن القاهرة رفضت “المكافأة المفترضة” التي منحتها لها الاتفاقية الليبية التركية الموقعة سنة 2019 بين حكومة الوفاق وبين تركيا.
وتأتي الخطوة المصرية بعد 3 أشهر من اتفاقها مع اليونان على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في حين سارعت تركيا لانتقاد الاتفاقية، ووصفها بأنها باطلة، وذهبت إلى الزعم بأنه لا توجد حدود بحرية تربط القاهرة وأثينا.
ويبقى السؤال، لماذا اتخذت مصر قرارا أحاديا مع ليبيا في الوقت الذي تُبرَم فيه مثل هذه الاتفاقيات بين الدول بحضور الأطراف المعنية؟ وما تداعيات ذلك على المصالح الاقتصادية والسياسية لليبيا؟