وسط التقارب المصري التركي في الفترة الأخيرة بشأن ليبيا، يواجه التحالف الجديد بين البلدين أول اختبار في عام 2025 بالملف الليبي، والذي يعكس مدى التأثير على ليبيا في الآونة الأخيرة، وما يطرحه هذا التقارب ما إذا كانت هنالك استراتيجية واضحة لحل الأزمة الليبية؟
تجديد المشاورات
وضمن مسار تحسين العلاقات المصرية التركية، تستعد القاهرة لاستضافة الجولة الثالثة من المشاورات المصرية التركية بشأن الأزمة الليبية، في 20 يناير الجاري، والتي من المنتظر أن تظهر رغبة في تقليل التوتر وإيجاد صيغة توافقية تساهم في اسقرار الأوضاع في ليبيا، بما يخدم مصلحة مصر وتركيا.
السيسي وحفتر
وتمهيدا لهذه المشاورات، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس السبت، في القاهرة، قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر، بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية حسن رشاد.
وخلال الاجتماع أكد السيسي لحفتر أهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية، لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وضرورة منع التدخلات الخارجية، وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية وفق الرئاسة المصرية.
وأوضح السيسي أن مصر تبذل كل ما في وسعها من جهود ومساعي لضمان الأمن والاستقرار في ليبيا، مؤكداً دعمها لكافة المبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف.
أردوغان والدبيبة
بالتزامن مع لقاء حفتر والسيسي في القاهرة، أثارت زيارة رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، الأربعاء الماضي، إلى العاصمة أنقرة ولقائه، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العديد من الآراء المتباينة بشأن توقيتها ودوافعها، وإن كان البعض ربطهما بالمبادرة الجديدة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لتشكيل حكومة موحدة.
السيسي وبن زايد
ومع التحركات واللقاءات الدبلوماسية بشأن ليبيا، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارته إلى أبو ظبي الخميس الماضي، مع رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، سبل استعادة الاستقرار في ليبيا.
تحركات خوري
في هذا الإطار، أطلعت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال زيارتها إلى القاهرة، على خطتها التي تسعى من خلالها لدفع العملية السياسية المتعثرة في ليبيا، كما أكدت خوري على ضرورة بناء التوافق بين الليبيين والتحرك نحو إجراء الانتخابات الوطنية والعمل على توحيد مؤسسات الدولية وتعزيز الاستقرار الأمني والاقتصادي.
نقاط الالتقاء
وبينما تعتبر مصر وتركيا جزءاً من القوى الأجنبية النافذة في ليبيا لا أكثر، إلا أن تأثيرهما المشترك خفّض بشكل كبير المخاوف من نزاع أكبر بين الأطراف الليبية، وسط تقاربهما الواضح في الآونة الأخيرة دبلوماسيا وذلك بعد زيارة أردوغان إلى القاهرة في فبراير من العام الماضي، وزيارة السيسي إلى أنقرة في سبتمبر الماضي، بعد أكثر من عقد من القطيعة بين البلدين.
رؤية فرنسية
وبحسب مصدر لفواصل فإن فرنسا تدعم التقارب المصري التركي للوصول إلى اتفاق من أجل تشكيل حكومة جديدة تقود إلى الانتخابات، من خلال استمرار اللقاءات والمشاورات المتواصلة مع الأطراف الليبية والإقليمية لتحقيق حل للانسداد السياسي.
تطورات المشهد
أما الباحث في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، فتطرق إلى أنه على مدى الأسابيع القليلة الماضية، شهدت ليبيا سلسلة من التطورات الخيالية، إذ أن نجل قائد “القيادة العامة” صدام حفتر قام بتقسيم اللواء 128 إلى قسمين ومارس ضغوطا شديدة على الإخوة زادة، ما دفعهم إلى اللجوء إلى أبوظبي.
توسيع نطاق
وأشار حرشاوي إلى أن الإمارات وسعت نطاق استخدامها للأراضي الليبية بشكل كبير لدعم قائد قوات الدعم السريع حميدتي في السودان، وتواصل دعم الدبيبة في طرابلس.
قلق مصري
وأضاف حرشاوي أن تركيا كثفت من هجماتها على عائلة حفتر في شرق ليبيا، وردًا على هذه التوجهات غير التقليدية، استدعى الرئيس السيسي المشير حفتر إلى القاهرة، مؤكدا أن هذه البادرة تمثل إشارة إلى العودة إلى القيم الأساسية لـ “القيادة العامة”، كما تعكس قلق مصر من أن الاضطرابات المستمرة -خاصة في أعقاب سقوط الأسد- قد تتسبب في تعثر نظام حفتر، والعودة إلى الأساسيات نوعا ما من الناحية النظرية على الأقل.
عمليات روسية
كما كشف حرشاوي أن روسيا تعمل على زيادة وجودها العسكري من خلال مجموعة كاملة من عمليات النقل الجوي، وهي حملة محفوفة بالمخاطر مرتبطة بالتداعيات المترتبة على الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر الماضي.
مع كل هذه التحركات المتسارعة من الدول المؤثرة على الأزمة الليبية، لايزال المشهد السياسي في ليبيا يمر بحالة من الجمود والضبابية من أجل عقد توافق مستدام بمدد زمنية يمكن البناء عليها للوصول إلى العملية الانتخابية المرتقبة، والسؤال: هل يصمد التقارب المصري التركي بشأن ليبيا؟